عزيزي لوجيكال،
أنت محق تماما في تجنب تشعب الموضوع، لأن الموضوع أخذ يتشعب، وهذا أمر طبيعي.
ليس في الإنجيل عبارات للمسيح تندد بمن يرفضه. والأمثلة التي أوردتها على ذلك، تشهد أن المسيح لا يضع أي اعتبار أبداً للمؤمنين به أو لغير المؤمنين به. وهذا أمر أوضحته ضمن النقاش الأصلي الذي دار في هذا الحوار.
اعتبار المسيح الأصلي، الأول والأساسي هو: محبة القريب، حيث أن القريب هو كل إنسان يحتاج إلينا في شيء ملح وضروري وعاجل.
لذلك تراه يرفض ويحاسب كل مؤمن باسمه يدّعي أنه صنع المعجزات باسمه وأخرج الشياطين باسمه.
هذه يا صديقي فقرة صعبة جداً من فقرات الإنجيل، لا يعالجها اللاهوتي أو الكتابي إلا على مضض وباقتضاب، لأنها تهدم معظم التعاليم الدينية التي انتشرت طوال عقود وقرون طويلة من المسيحية.
فالمسيح يعلن ببساطة وصدق: لا يهمني ولا يعنيني أن تصنعوا المعجزات باسمي، ما يهمني أن تحب قريبك حبك لنفسك.
فهل ترى أن أقوال المسيح يا صديقي لوجكال،
اقتباس:تشير الى استثناء الاخرين من الخلاص اذا لم يقبلوا رسالة المسيح
أبداً!
ألم يدنو التلاميذ من المسيح معترضين أنّ بعضهم راح يقوم بالمعجزات باسم المسيح وهو ليس "منا"؟! وطلبوا إليه أن يوقفه ويمنعه؟!
فماذا أجاب المسيح؟!
قال: دعوه، لأنه يفعل الخير. فلا يهم أن يؤمن بالمسيح أو يتبعه، المهم أن يفعل الخير.
بخصوص تعاليم الكنيسة الكاثوليكية عليَّ التروي بعض الشيء حتى أنقل لك الخبر اليقين.
أما بخصوص المسيحية التقليدية والتمسك بها في مقابل قولنا أن الإيمان بالمسيح ليس شرطا أساسيا للنجاة، فهنا نحن نقف إزاء نقاط جوهرية في المسيحية لا يمكننا أن نكون مسيحيين بدونها.
الثالوث الأقدس على سبيل المثال ليس خياراً، بل أساساً. إن ادّعينا أن المسيح ليس سوى نبي آخر من أنبياء الله، فإننا نختزل مجمل رسالة المسيح في كونها مجرد استمرار لمحاولات الله إرجاع الشعب الإسرائيلي إلى الطريق المستقيم. وهذا ما ينادي به الإسلام على سبيل المثال.
لكن واقع الرسالة المسيحية يبين لنا أن الأمر ليس كذلك، وأن الله نفسه في المسيح يسوع تدخل شخصيا في حياة البشر من أجل نشر التعاليم الحقيقية االتي من شأنها أن تسير بالإنسان إلى طريق الخلاص، لا في الجنة أو الفردوس وحسب، بل هنا الاآن وفوراً على الأرض.
فشريعة المحبة والصفح عن الإساءة، لا تفيدنا في الجنة أو في الفردوس، بل تفيدنا هنا والآن من أجل بناء مجتمع صالح، مجتمع يعيش فيه الإنسان جنباً إلى جنب مع أخيه الإنسان بصرف النظر عن لونه ومعتقده وأفكاره وأهوائه.
هذا ليس "إضافة" إلى المسيحية، بل هو جوهر المسيحية. فإن نبذنا فكرة أن المسيح هو الله الظاهر في الجسد، وأنه هو فلاً ابن الله الذي أتى أخيراً ليطالب الكرامين بإرثه، فقدت المسيحية كلّ معانيها الأساسية. بل عادت لتكون ديانة يهودية أو إسلامية، الله يجلس في علياء عرشه، والإنسان في أسافل الأرض، والإنسان هو مجرد عبد لله وعبد لأهواء هذا الإله وعليه أن يشقى حياته كلها ليرضيه ولن يرضيه.
أكتفي بهذا القدر الآن.
تحياتي القلبية