المركز الفلسطيني للإعلام .........
http://www.palestine-info.net/arabic/pales...005/iraaq12.htm
فلسطين ـ خاص
الاعتداءات الوحشية التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في العراق على يد عملاء الاحتلال الأمريكي ومسلحين عنصريين، وكذلك عمليات اقتلاع للأسر الفلسطينية وطردها من منازلها، أعادت إلى الذاكرة مشاهد النكبة الفلسطينية عام 1948،
معاناة اللاجئين الفلسطينيين في العراق وصلت ذروتها بعد استشهاد العديد منهم على يد قوى عراقية، كما تم طرد ثمانمائة أسرة فلسطينية من مساكنها التي كانوا يقيمون بها قبل نيسان 2003، و تم إسكان أكثر من ثلاثمائة عائلة منهم في خيام دون المتطلبات الحياتية الأدنى بالقرب من منطقة البلديات التي يتركز فيها أكثر من أربعمائة عائلة أخرى؛ وفي معرض تبرير الأعمال العدوانية التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون، بما في ذلك العمل على طردهم خارج العراق إلى الحدود الأردنية، صرّح بعض قادة "المؤتمر الوطني العراقي" أن اللاجئين الفلسطينيين يشكلون طابوراً خامساً وكريهاً للنظام السابق".
ويقول بيان حمل عنوان "نداء عاجل ونداء واستغاثة"، أصدره اللاجئون الفلسطينيون في العاصمة العراقية بغداد (31/5) ووزع على وسائل الإعلام: "إن قوات من الشرطة العراقية اجتاحت في تمام الساعة 12:001 من منتصف ليلة الأحد / الاثنين 29-30/5/2005 الحي الفلسطيني في البلديات في بغداد وقامت باعتقال عدد كبير من الفلسطينيين وضربهم وشتمهم. كما قامت الشرطة باحتجاز نحو 30 شاباً في مقهى وضربهم والدوس على رؤوسهم، ولم ينج من الاعتداء والاعتقال حتى الفلسطيني الذي يعمل على توليد الكهرباء للناس".
ويحذر البيان من كارثة إنسانية مقبلة ضد الفلسطينيين في العراق، إذا لم يتحرك العالم لوقفها، ويضيف قائلاً: "لقد قلنا مرارا وتكرارا إن هناك مخططا للاعتداء على الفلسطينيين اللاجئين في العراق وتهجيرهم ، والآن تبيّن أن المخطط هو القضاء عليهم بالاعتقالات والاعتداءات والاستفزاز وتحشيد الناس ضدهم إعلاميا وجر الناس إلى ارتكاب جرائم ضدهم.
العمليات العدوانية العنصرية التي تشنّها القوى العراقية العميلة ضد الفلسطينيين، حملت المرجع الشيعي الكبير السيد محمد حسين فضل الله لإصدار فتوى (14/6) بحرمة التعرّض للفلسطينيين في العراق، والتي قال فيها "إذا كان بعض الفلسطينيين ـ حسب القضاء العراقي ـ قد أساؤوا فلا يجوز معاملة جميع الفلسطينيين بذنب هؤلاء، وعلينا إحسان ضيافتهم".
اعتداءات يومية
تداعيات العدوان الأمريكي ـ البريطاني على العراق واحتلاله في التاسع من نيسان (أبريل) 2003 ألقت بظلالها على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية حيث تصاعدت حدة الضغوط الصهيو ـ أمريكية، كما تصاعدت وبشكل ملحوظ الأعمال الإرهابية لقوات الاحتلال ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم ينج اللاجئون الفلسطينيون من تلك التداعيات.
في نداء عاجل وجهه اللاجئون الفلسطينيون في العراق (2/6) إلى جميع المنظمات والهيئات والجمعيات والأحزاب والتجمعات والتكتلات الدولية والإسلامية والعربية الرسمية وغير الرسمية بما فيها جميع الحكومات الإسلامية والعربية وإلى كل الشرفاء في العالم، طالبوا فيها بالتدخل لوقف مسلسل الاعتداءات اليومية والإرهاب الذي يمارس ضدهم في العراق .
وجاء في النداء: "ما ذنب اللاجئ الفلسطيني أن تنتهك حرمته ويعتدى عليه يوميًا، إذا كان قدره أن ينشأ ويترعرع في العراق، وهل بمجرد وجوده أصبح محل اتهام؟!، ولماذا في هذا الوقت العصيب تتوجه الأنظار والاتهامات والاعتداءات الرسمية وغير الرسمية وبمختلف الاتجاهات الإعلامية وغيرها على الفلسطينيين المتواجدين في العراق والمتعايشين مع إخوانهم العراقيين لأكثر من سبعة وخمسين عامًا ومن هو المستفيد من هذه الحملات؟!".
ويضيف البيان قائلاً: "لا يوجد أي مبرر أو سبب حقيقي ومقنع لهذه الانتهاكات إلا أوهام وافتراءات وأكاذيب عالقة في أذهان بعض من ينتسب لهذا البلد الجريح" .
ويعرض النداء بعضاً من الاعتداءات على اللاجئين الفلسطينيين في العراق خلال يومي (31/5 و1/6)، ويمكن للمرء تصور حجم المخاطر المحدقة بالعائلات الفلسطينية في العراق من خلال الأحداث التالية والتي يوردها البيان:
1ـ في الساعة الحادية عشر والنصف من صباح يوم الثلاثاء الموافق 31/5/ 2005 تم اعتقال أحد اللاجئين من محل عمله في منطقة الحرية في بغداد، حيث يعمل في محل للمواد الإنشائية وهو مصباح علي عبد السلام، إذ قامت قوة أمنية عراقية باعتقاله دون مبرر.
2ـ في المجمع الذي يقطنه فلسطينيون في منطقة الزعفرانية تم مداهمة عدد من المنازل واحتجاز أربعة عشر فلسطينيًا من قِبل جهة أمنية عراقية، واعتقال أربعة فلسطينيين وهم: سامر حسن ورفيق حيدر وهلال سعود ومحمد صدقي, ولا يعرف المصير الذي ينتظرهم.
وجرت هذه الاعتقالات بالرغم من تفاجئ بعض الضباط العراقيين بالوضع المأساوي والمزري لسكن هؤلاء اللاجئين, حيث أن مساكنهم لا تصلح لسكن الحيوانات، وهذه مأساة أخرى تضاف إلى مآسيهم.
3ـ في الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم الثلاثاء الموافق 31/5/2005 تم اقتحام الدار السكنية في منطقة حي الرئاسة شرق بغداد من قِبل قوة أمنية تدعى لواء الحسين والتابع لوزارة الداخلية، وتم اعتقال كل من هاشم الأسعد والمكنى بأبي مروان وابنه مروان وهو طالب جامعي، وذلك بعد أن دخلوا على جيرانه [من الأشقاء العراقيين] خطأً وأفزعوهم وسألوهم هل هذا بيت أبي مروان فأجابوهم بالنفي، وبعدها اقتحموا دار أبي مروان بطريقة مفزعة أيضًا واعتقلوا كل من الأب والأبناء بادئ الأمر، ولكن عندما تم الصراخ والعويل والرجاء من قِبل نساء البيت بأنه ما ذنب هؤلاء حتى يعتقلوا تركوا لهم بقية الأولاد واعتقلوا الأب وابنه فقط .
4ـ وفي الساعة التاسعة من مساء نفس اليوم تم اقتحام الدار السكنية في نفس المنطقة والعائدة ملكيته للفلسطيني جمال إبراهيم منيب من قبل نفس القوة المذكورة سابقًا.
5ـ تم العثور صباح يوم الأربعاء 1/6/2005 على أوراق معلقة على إحدى المحال التجارية في المجمع السكني للفلسطينيين في البلديات فيها تهديد وشتائم ووعيد شديد بتهجير وتشريد العوائل الفلسطينية من هذا المجمع, قوبل بصمت الجهات الرسمية.
6ـ تم اعتقال الفلسطيني محمد بدر خليفة، والذي يسكن منطقة السيدية من قِبل القوات الأمريكية، ومن غير المعروف حتى الآن الدوافع والأسباب لاعتقاله، علماً بأنه تم تفتيش المنزل العائد له تفتيشًا دقيقًا ولم يعثر على أي شيء يعد تهمة.
7ـ في يوم الاثنين 31 /5/2005 تم تفتيش بعض المحال التجارية في منطقة المشتل القريبة من المجمع الفلسطيني في البلديات، وبعد أن علموا بوجود عامل فلسطيني في أحد المطاعم يتجاوز عمره الخمسين عامًا وهو معيل لستة أبناء وضعوا الهوية التي تثبت أنه فلسطيني في فمه، وانهالوا عليه بالضرب المبرح وهددوه بعدم التواجد في هذا المكان مطلقًا، علمًا بأن هذا الرجل من مواليد بغداد وفقير جدًا.
8ـ في صباح يوم الثلاثاء 31/5/2005 كان ثلاثة أشخاص من الفلسطينيين يشترون بضائع من السوق الرئيسي للمواد الكهربائية في شارع الجمهورية (وسط بغداد) اثنان منهم من سكان منطقة البياع والثالث من سكان منطقة الغزالية، حيث إن لديهم محال تجارية في مناطقهم لكسب رزقهم وجاءوا للتبضع لمحالهم، وسألهم أحد أصحاب المحال عن جنسيتهم أهي عربية؟ فأجابوا بالنفي خوفًا على أنفسهم (لأن الجنسية العربية أصبحت تعتبر تهمة من الدرجة الأولى)، ولم يقتنع صاحب المحل بالإجابة فقام بجمع الناس عليهم وأدموهم ضربًا، ثم اضطر هؤلاء الثلاثة إلى القول بأنهم فلسطينيون لاجئون مقيمون ظنًا منهم أن هذا سينجيهم من هذا الاعتداء, وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن فازدادوا ضربًا، واقتادوهم إلى مركز الشرطة القريب من السوق وقد فوجئوا بتجهيز خمسة من التهم المعروفة إلا أنهم اضطروا لدفع مبالغ باهظة (ما يقارب خمسمائة دولار لكل فرد) لتخليص أنفسهم من هذا الواقع المرير.
وأوضح النداء أن هذه الاعتقالات العشوائية ربما تتم بتحريض من بعض الجهات الرسمية أو غير الرسمية وبالاعتماد على التقارير الكاذبة والوشايات المغرضة لكل وجود عربي أو فلسطيني في العراق.
"حماس" تطالب بتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين في العراق
وفي بيان أصدرته يوم (31/5) شددت حركة المقاومة الإسلامية حماس على ضرورة حماية اللاجئين الفلسطينيين في العراق ووقف الهجمات ضدهم وتوفير الأمن لهم و إعادتهم إلى المخيمات التي اخرجوا منها، مطالبة السلطة الفلسطينية بتحمل مسؤوليتها تجاه إخواننا الفلسطينيين في العراق و بذل الجهد من أجل حمايتهم و متابعة هذا الأمر مع الجهات المعنية.
ويطالب البيان المؤسسات الدولية و على رأسها الأمم المتحدة للسعي "لوقف هذه الانتهاكات والجرائم ضد أبناء شعبنا، كما نتوقع من جامعة الدول العربية و رابطة العالم الإسلامي تحركاً واسعاً و سريعاً في هذا المجال كي تساهم هي الأخرى في وقف هذه الانتهاكات".
ويقول البيان "إن ما يصلنا من أخبار و تقارير حول أوضاع إخوتنا الفلسطينيين في العراق إنما يشعرنا بالقلق البالغ من هذه الهجمات المقصودة و التي لا هدف لها سوى تهجير إخواننا من العراق. إن ما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون من اضطهاد و تنكيل في بلاد العراق لهو أمر يبعث على الأسى و الألم خصوصاً تعمّد قوات الاحتلال الأمريكي وجهات محلية مسلحة تركيز هجماتها ضد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين و ملاحقتهم حتى في مناطق الإيواء التي سكنوا فيها بعد الاحتلال الأمريكي للعراق".
ويضيف أنه "قد سبق أن تعرض اللاجئون الفلسطينيون إلى عمليات قتل اعتقال وقمع ودهم لبيوتهم من قبل قوات الاحتلال الأمريكي و من بعض الجهات التي تنتسب زورا للشعب العراقي على مدى السنوات الماضية، ومارست قوات الاحتلال الأمريكي عمليات تعذيب و تنكيل و تهجير متعمدة ضد المخيمات الفلسطينية في العراق و هي بذلك تكمل سياسة العدوان التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في أرض فلسطين".
ويشير إلى أن "أولئك المجرمين لم يكتفوا بتشريد الفلسطينيين وطردهم من البيوت التي سكنوها في العراق منذ نكبتهم عام 1948 ، ليتحولوا مجدداً إلى سكان خيام داخل ساحات ناديي " حيفا و الأوليمبي " ، بل تجاوزوا ذلك إلى اعتقالهم وتعذيبهم ، وأخيراً قتلهم بذريعة كاذبة ، حملوهم من خلالها المسؤولية عن تفجيرات مزعومة لتبرر ما أقدموا عليه من جرائم ".
وتوضح "حماس" في بيانها أن "تعريض الفلسطينيين لهذه الأعمال الإجرامية التي لا تستهدفهم في العراق وحده بل في كل مكان هم فيه, هو جزء من مخطط أمريكي سافر لكسر إرادة الشعب الفلسطيني و مقاومته لكل أشكال العدوان".
مشعل يدعو خامنئي للتدخل
وخلال لقائه مع مرشد الثورة الإيرانية علي خامئني في طهران في شهر حزيران (يونيو)، طالب الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس بتوفير حماية اللاجئين الفلسطينيين في العراق، ودعا الأستاذ مشعل مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية علي خامنئي إلى التدخل لوضع حد للاعتداءات التي تقوم بها قوى عراقية وفي المقدمة منها لواء بدر.
اللاجئون الفلسطينيون في العراق
اللاجئون الفلسطينيون في العراق، من حيث الأصول يعودون في غالبيتهم إلى قرى قضاء حيفا الساحلي كعين غزال واجزم والطيرة والطنطورة وجبع وأم الزينات وغيرها، وهي قرى -كما يفتخر أصحابها- ساهمت في التحركات الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني وموجات الهجرة الصهيونية إلى فلسطين، خصوصاً في ثورة 1936 حين شهدت تلك المنطقة صدامات دموية بين العرب وبين اليهود والجنود البريطانيين.
ويؤكد كبار السن من اللاجئين في العراق أن معظم أبناء قراهم ممن استطاعوا حمل السلاح وأجادوا استعماله شاركوا في جيش الإنقاذ في الحرب العربية ـ الصهيونية عام 1948، وذلك قبل أن تشن القوات الصهيونية حملات عسكرية إرهابية تستهدف إفراغ المنطقة من أصحابها العرب، وقد دفعت المجازر الصهيونية معظم سكانها، وأمام اختلال التوازن العسكري لصالح اليهود وانحياز بريطانيا لهم إلى النزوح إلى منطقة جنين وليس إلى أي من الدول العربية المجاورة، وبعدها نقلوا إلى بغداد في شاحنات للجيش العراقي تنفيذاً لمؤامرة كان طرفاها الحركة الصهيونية وحكومة نوري السعيد.
لكن الشباب القادر على حمل السلاح بقي يقاتل في المنطقة، إلى أن سقطت فلسطين بيد العصابات الصهيونية فالتحق قسم منهم بعائلاتهم في العراق، وبقي البعض الآخر في لبنان أو سورية أو الأردن، وهو ما يفسر حالة التشتت التي يعيشها أبناء العائلة الواحدة من سكان هذه القرى في الوقت الحالي.
وتتفاوت أعداد اللاجئين الفلسطينيين في العراق بسبب تعدد المصادر إلا أن الواقع يشير إلى (4000-5000) لاجئ فلسطيني في عام 1948 ، و تبعاً لمعدلات النمو الطبيعي بين اللاجئين الفلسطينيين في العراق ارتفع مجموعهم ليصل إلى (23461) لاجئاً في عام 1985 ، ثم إلى (24235) لاجئاً فلسطينياً في عام 1986 حسب المجموعة الإحصائية الفلسطينية لعامي 1985 و 1986 ، و بفعل النمو وصل الرقم إلى (36631) لاجئاً في عام 1998 ثم إلى (40000) لاجئاً في عام 2000 ، و بناءً على معدلات النمو السائدة (3.5) في المائة فإن الإسقاطات السكانية تشير إلى احتمالات ارتفاع مجموع اللاجئين الفلسطينيين في العراق إلى (44000) في نهاية العام الحالي 2003 ثم إلى (47508) لاجئاً بحلول عام 2005 ثم إلى 56425 بحلول عام 2010.
ويعيش في العاصمة العراقية بغداد 96.1 من اللاجئين الفلسطينيين في العراق ، و2.4 بالمائة منهم في الموصل ، و1.5 بالمائة في البصرة .
ويعتبر اللاجئون الفلسطينيون في العراق مجتمعاً فتياً ، شأنه في ذلك شأن كافة المجتمعات الفلسطينية التي تتمتع بمعدلات نمو سكانية عالية ، حيث تصل نسبة الأطفال بين اللاجئين الفلسطينيين في العراق إلى (41) في المائة ، ويتركز معظم اللاجئين في العراق في العاصمة العراقية بغداد و مناطق حضرية أخرى ، فهناك ثمة (99) في المائة من اللاجئين الفلسطينيين في العراق يقطنون المناطق الحضريــة، ويتوزعون على مناطق، بغداد الجديدة، و مدينة الحرية ، و حي السلام، والطوبجي، والزعفرانية، فضلاً عن أعداد قليلة في المدن العراقية الأخرى، في الموصل والبصرة وغيرها.
لاجئوا العراق لا تشملهم خدمات الأونروا
في مطلع الخمسينات بدأت وكالة الغوث (الأونروا) نشاطها الخدمي في صفوف اللاجئين الفلسطينيين مستثنية بذلك المقيمين منهم في العراق، وذلك بطلب من الحكومة العراقية التي تعهدت توفير كل احتياجات اللاجئين الفلسطينيين المقيمين على أرضها مقابل عدم مساهمتها في تمويل وكالة الغوث وأنشطتها، ولهذا السبب لم تدرج أسماء اللاجئين في العراق ضمن السجلات الخاصة بوكالة الغوث، فقد سجلات اللاجئين في العراق منذ العام 1950 من وزارة الدفاع العراقية إلى قسم خاص استحدث في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية صار هو المعني بقضاياهم، ومنحهم هذا القسم بطاقات هوية خاصة هي عبارة عن مطوية كرتونية بقياس 36سم خاصة بـ"اللاجئين الفلسطينيين في العراق". كما أصدرت وزارة العمل قرارات إيجابية، عملاً منها بمقررات مجلس جامعة الدول العربية أعفتهم من دفع رسوم التسجيل في المدارس ــ على سبيل المثال ــ مقابل إبراز شهادة "فقر حال" يحصلون عليها من القسم الخاص بهم في الوزارة. كما أخذت الوزارة تصرف لهم مساعدات نقدية بدلاً من المساعدات العينية التي كانت تمنح لهم عند نزوحهم إلى العراق. وكانت المساعدة النقدية تساوي آنذاك الحد الأدنى لدخل العائلة العراقية. كما منحت عوائل اللاجئين سكناً مجانياً كان عبارة عن غرفة واحدة لكل عائلة. وقضى نظام المساعدات المالية بوقفها عند بلوغ الشخص 18 عاماً.
وفي العام 1975 توقفت المساعدات المالية نهائياً خاصة وأن قيمتها صارت شبه رمزية إذ لم تكن تتجاوز العشرين ديناراً عراقياً، بينما كان الحد الأدنى للأجور لا يقل عن 150 ديناراً عراقياً، هذا في ظل حرمان اللاجئين الفلسطينيين في العراق من خدمات الوكالة التي تقدم لإخوانهم في مناطق عملياتها الأخرى، كلبنان وسورية والأردن والضفة الفلسطينية وقطاع غزة.
في العام 1973 شهد وضع اللاجئين الفلسطينيين في العراق بعض الخطوات الإيجابية حين أصدرت الحكومة العراقية قرارا نص على مساواة اللاجئ الفلسطيني بالمواطن العراقي في حقوقه الاجتماعية والإنسانية ما عدا الحقوق السياسية ومترتباتها. وبذلك صار من حق اللاجئ الفلسطيني المسجل في وزارة العمل أن يشغل وظيفة في القطاع العام ومزاولة باقي المهن الحرة. واستبدلت الوثائق الخاصة بالفلسطينيين وشطبت عنها كلمة "لاجئ" بدعوى أنها تمس من كرامة صاحبها، وأن الفلسطينيين "عائدون وليسوا لاجئين"، فصاروا يحملون بطاقات هوية ووثائق سفر عراقية "خاصة بالفلسطينيين".
وبقيت أوضاع اللاجئين الفلسطينيين على ما هي عليه إلى أن وقعت حرب الخليج الثانية وتداعياتها المأساوية فأصابهم ما أصاب الشعب العراقي من كوارث بفعل ما لحق بالعراق من دمار وخراب، وبفعل الحصار الخانق الذي فرض عليه. فساءت أحوالهم المعيشية ولم تتبرع أي من المنظمات الإنسانية، بما في ذلك وكالة الغوث (الأونروا) لمد يد العون إليهم.
أوضاع معيشية سيئة
في العام 1993 أصدرت الحكومة العراقية سلسلة قرارات تتعلق باقتصاد البلاد الخاضع للحصار فقضت بمنع غير العراقيين من مزاولة كل أنواع الأنشطة التجارية على الأرض العراقية أو امتلاك عقار أو سيارة أو اشتراك هاتف في محاولة منها للحد من هيمنة أموال التجار والمستثمرين غير العراقيين على اقتصاد البلاد، خاصة بعد أن تدهورت قيمة العملة العراقية وارتفعت قيمة الدولار الأميركي والدينار الأردني بشكل جنوني.
وطبقت هذه القرارات أيضاً على اللاجئين الفلسطينيين كما طبقت على غيرهم من العرب والأجانب، وبعد شكاوى استدركت الحكومة العراقية الأمر فأصدرت قراراً استثنت بموجبه اللاجئين الفلسطينيين إلى العراق ما بين عامي 1948 ـ 1950 من إجراءاتها الاقتصادية وقضت بمعاملتهم معاملة المواطن العراقي وإعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقاً، لكن قرار الاستثناء هذا لم يأخذ طريقه إلى التنفيذ. إذ لم تكف بطاقة الهوية التي بحوزة الفلسطيني لتثبت أنه لاجئ إلى العراق في الفترة الزمنية المذكورة وينطبق عليه نظام الاستثناء.
وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من جانبها لم تمنح اللاجئين ما يثبت أنهم يستثنون من تطبيق القرارات الاقتصادية الخاصة بالأجانب والوافدين العرب. وهو ما زاد حياتهم صعوبة. إذ حرموا من كل الحقوق الاجتماعية والإنسانية التي كانوا يتمتعون بها منذ العام 1973، أضف إلى ذلك فرضت عليهم الإجراءات التي فرضت على باقي الوافدين العرب كأن يسددوا على سبيل المثال الرسوم المدرسية والجامعية بالدولار الأميركي علماً أنهم مقيمون على الأرض العراقية منذ النكبة، وأن الدخل الشهري للعائلة الواحدة، وبالعملة العراقية ولا يساوي في أحسن الأحوال أكثر من 20 دولاراً بعد أن تدهور سعر العملة العراقية تحت تأثير الحصار وتدمير مقومات اقتصاد البلاد، ولم يبق، والحال هكذا، من "امتياز" سوى السكن المجاني على حساب وزارة العمل، وهو سكن، في كل الأحوال لا يتمتع بالاستقرار.
وتحت إلحاح المؤسسات الفلسطينية واللاجئين أنفسهم، أعلن الحكومة العراقية في مطلع آذار (مارس) من العام 2000 قراراً سمح بموجبه للاجئين الفلسطينيين المقيمين في العراق بتملك البيوت والأراضي، لكن القرار يمنع في الوقت نفسه على صاحب الملكية نقلها أو تسجيلها باسم أحد أبنائه أو ورثته، أي أن للقرار قيوداً على ملكية اللاجئين الفلسطينيين وهي ليست مطلقة تنتهي بوفاة صاحب الملكية فتعود بعدها إلى الدولة.