نانو تكنيك ينفخ الروح في الآلة
حتى وقت قريب كان الاعتقاد ان الروح هي الفرق بين الجماد والحي. وإذا كان الحي هو الجسم القادر على تركيب ذاته، فقد تمكن العلماء من صناعة جسم يركب نفسه بنفسه ، فهل هذه هي الحياة؟
يجري اليوم العمل حثيثا من اجل التحول الى النانو تكنيك لصنع الرقائق الذكية. ولذلك فأن " احجار البناء" لن يزيد حجمها عن الواحد من المليارد من المتر، أدوات العمل يجري تهيئتها بإصرار، فقد تمكن العلماء من الانتهاء من صناعة موصلات واقطاب وترانسيستورات بالاحجام المناسبة لربطهم بالرقائق الذكية. الى فترة قصيرة كان العلماء مجبرين على توصيل هذه الاجزاء مع بعضها البعض يدويا وجزءاً عقب الاخر تماما كما في لعبة الليغو. هذا الامر يتتطلب وقتا ونفقات عالية. من هنا كانت فكرة استخدام قدرة زوجي السلسلة الوراثية على السعي للالتحام مع الزوج الصحيح اوتوماتيكياً، لتنظيم بناء الماكينات في الحجم التي يتعامل معه النانو تكنيك.
الطريقة التي توصل اليها العلماء هي استخدام زوج من زوجي سلسلة DNA بحيث تكون مربوطة بكل حجر من احجار البناء، مثلا ذرة من الذهب الذي سيقوم بدور القطب الكهربائي او ذرة من الفحم التي تستخدم عادة لصناعة آشباه الموصلات او كقناة كهربائية. جوهر الامر استخدام زوجي السلسلة البيبتدية ليقوم كل زوج منها بالسعي للارتباط بالزوج الاخرالمتناسب معه ليتشكل من كلاهما سلسلة ثنائية . إذا لم يجد احد زوجي السلسلة الطرف الثاني المناسب لايحدث الارتباط تماما كما هو الحال في الكائنات البيلوجية.
بفضل إستغلال هذه الخاصية يمكن جعل الماكينات الصغيرة للغاية تبني نفسها بناء ذاتياً وبشكل دقيق بمافيه الكفاية
Delft الجامعة التكنولوجية في هولندا ، تقوم الان بتحضير منهجي لنظام بناء الرقائق الفائقة من الانابيب الفحمية والدقائق المعدنية. علماء مركز ابحاث النانو في الدانيمارك من جامعة اورهوس(إrhus) ومنهم Kurt Gothelf قاموا بإستخدام DNA من اجل بناء البنية البيلوجية المعقدة لمكائن النانو. في العديد من جامعات العالم يجري بناء مجموعة من المواد البيلوجية ذات صفات يجعلها مفيدة للاستخدام في مكائن النانو القادمة. عندما يجري "تجميع " هذه المكونات بواسطة استغلال خصائص السلسلة البيبتدية التي تسعى الى الاتحاد بالاجزاء الصحيحة يتشكل التبادل الكهربائي بين مكوناتها وبالتالي يصبح تبادل المعلومات ممكناً. يقول كورت كوزيلف" إذا تمكنا من تتطوير الطريقة بحيث نستطيع ربط مئات او آلاف الاجزاء البيلوجية بطريقة مسيطر عليها ،نملك عندها المقومات الضرورية لعصر التكنيك البيلوجي".
قدرة DNA عل القيام بربط وتنظيم مجموعة من الذرات تم إثباتها عبر تجارب Chad Mirkin وزملائه من جامعة نورث ويستيرن الامريكية من اعمال ولاية الينويس. لقد تمكنوا من صنع مايمكن تسميته مجازياً "الحبر" بفضل سلسلة بيبتدية آحادية/بسيطة والتي استخدمت من اجل تأشير احدى الرقائق الذكية الفائقة الصغر، بعد ذلك يوصل الزوج الثاني من السلسلة الى جزيئة معدنية. عندما تصب المكونات على الرقيقة الذكية تسعى ازواج السلاسل الى بعضها البعض حسب ماكان " مقدراً" لها وحسب نصيبها الذي سجله المصمم في صحف مسبقة لتترابط المكونات المعدنية ويظهر بفضلها الشكل المسبق التصميم على سطح الرقيقة بكل وضوح.
الان تمكنت مجموعة الابحاث المذكورة اعلاه من تصميم شبكة مؤلفة من 10 الاف عقدة كل عقدة منهم تستطيع التفاعل بمعزل عن البقية وبالتالي التمكن من رسم اي شكل على الاطلاق بالحبر البيلوجي مهما بلغ تعقيده. وبهذا نعلم انه من الممكن استخدام هذا التكنيك لموضعة الاجزاء الاليكترونية الفائقة الصغر في مواضعها على الرقيقة الذكية الفائقة الصغر وبكل دقة.
عام 2000 قام العالم Bernhard Yurke وزملائه العاملين في مختبرات Bell بصناعة ميكانيزم متحرك من السلسلة البيبيتدية ومنذ زمن قريب تمكنوا من تطوير DNA-robot يمشي على قدمين نازلا على سلم من السلاسل البيبيتدية.
التحدي الذي عملت المجموعة على حله في وقتها، هو جعل هذا الروبوت قادر على حمل جزيئات معدنية، ليتمكن ببطء من بناء ماكينة بحجم النانو. يظهر الامر للكثيرين من غير المختصين وكأنه فيلم من افلام هوليود، غير ان الامر ليس كذلك. Kevin Kelly & James Tour من جامعة رايس (Rice) الامريكية في هوستن تمكنوا من بناء اول سيارة "نانو" في التاريخ، والتي تستطيع السير.
السيارة تملك تشاصي ومحاور، تمت صناعتها من مواد بيلوجية والدواليب الاربعة جرت صناعة كل واحد منهم من 60 ذرة فحم. السيارة بأكملها لايزيد طولها عن 3-4 نانومتر. وللمقارنة فأن شعرة الانسان يبلغ قطرها 80000 نانومتر، بمعنى انه يمكن توقيف 20000 سيارة على عرض الشعرة. في السابق تمكن العلماء من تركيب مايشابه السيارة بمقايسس النانو ولكن هذه المرة الاولى التي يتمكن العلماء من جعلها تسير.
العلماء تمكنوا من متابعة سير السيارة من خلال الميكروسكوب الاليكتروني. عند درجة حرارة طبيعية تتشبث السيارة بالارضية الذهبية ولكن عند رفع درجة الحرارة الى 200 درجة سيلسيوس تبدأ السيارة بالحركة . من المؤمل استخدام هذه السيارة في المستقبل لنقل المواد البيلوجية ، مثلا في جسم الانسان.
مصادر:
Kurt Gothelf
DNA computing
DNA computers
Bell Labs
Chad Mirkin
PC Tidningen nr 16/2000 s.22-sweden
Illustrerad Vetenskap nr 02/2006 s.36, 4/2006 s.22
طريف سردست