![[صورة: bible2.jpg?w=353&h=300]](http://atheisthumanist.files.wordpress.com/2009/10/bible2.jpg?w=353&h=300)
الكتاب السحري المعجزي الخارق الرهيب
كل دين من الأديان الشائعة لديه كتاب مقدس يعتبر مرجعا له و أساس لعقائده, لكن بالنسبة للملحد فليس لديه مثل هذا الكتاب لأن المبدأ أساسا خاطئ. إن فكرة الكتاب الواحد المقدس تعفي الناس من التعلم و المعرفة من بقية الكتب الأخرى و تحصرهم بين دفتي كتاب واحد أيا كان ما فيه. لقد نشات الفكرة في زمن ما قبل العلم الحديث و ما قبل آلة الطباعة و ما قبل إنتشار التعليم حيث كان كل الناس جهلة لا يقرأون و لا يكتبون بل و لم يكن موجودا وقتها ما يمكن قراءته. لهذا إحتاج الناس لكتاب واحد مقدس يقرأه لهم الشيخ او القسيس و يفسره لهم بشرط أن يحتوي هذا الكتاب السحري المعجزي على كل أسرار الكون و الحياة.
و بالتالي فإن من إخترعوا الكتب المقدسة قد إخترعوها للجهال من الناس في زمن عز فيه العلم و لكن في عصرنا الحديث من يتمسك بفكرة الكتاب الواحد المقدس هم القوم الكسالى الذين لا يقرأون و لا يريدوا ان يتعلموا شيئا جديدا و أقصى طموح لهم هو أن يقرأوا ملخصات للمعرفة المقدسة الشاملة و التي تحكي عن قصص خرافية و حكم بلهاء في أسطر قليلة. في الواقع يجب أن تكون كل الكتب مقدسة بمعنى ان تكون كل المعارف محترمة و لها مكانتها اللائقة فليس التقديس هنا بمعنى أن تكون الكتب فوق النقد و الفحص. لكن هذا التقديس الوثني الذي يحول كتاب بسيط مثل الإنجيل أو القرآن إلي صنم هو أمر لا يقبله العقل و لا تطيقه الأخلاق القويمة.
إن المسيحية و الإسلام و غيرها من الديانات التي تؤمن بوجود إله أو أكثر ليست بأقل وثنية من الأديان الأقدم منها أو أديان وسط أفريقيا حاليا. كل الأديان لديها أصنام مقدسة سواء كان هذا الصنم تمثال أو طوطم أو كتاب أو شخص ميت أو حتى كان حجر أسود أو قربان مقدس. يعني لا يوجد مبرر أبدا للإستعلاء الذي يشعر به المسلمين على أديان ما قبل الإسلام على أساس أن تلك وثنية أما الإسلام فلا, و لا يوجد مبرر للإستعلاء الذي يشعر به المسيحيون على أديان ما قبل المسيحية بنفس المنطق. الجميع وثنيين و عبدة أصنام, الجميع ما عدا الملحدين.
بالطبع الملحد ليس وثنيا لأنه لا يسجد لتمثال و لا يقدس الموتى أو الأحياء من البشر و لا يطوف حول مكعب أسود أو يقدس كتابا و لا يصلي للفراغ بعد أن يدعوه إلها. الملحد هو إنسان عاقل منطقي يأبى أن يصدق خرافات العصور القديمة أو يقدس كتبها أو أن يسجد لأصنامها. لهذا لا يقدس الملحد أي فكرة أو معرفة أو كتاب أو مكان أو أخلاق أو طقوس أو شعائر او أفعال أو أي شيء, الملحد يرفض فكرة التقديس شكلا و موضوعا لكي يكون كل شيء خاضع للنقد و التطوير المستمر .. وأن يكون كل شيء متاح وفق حجمه الطبيعي فعلا.
و هكذا لا يوجد عند الملحدين كتاب مقدس لكن يوجد الكثير من الكتب الرائعة كتبها مفكرين و فلاسفة و علماء ملحدين من الطراز الأول, و من أهم هؤلاء المفكرين في العصر الحديث :
- ريتشارد داوكنز
- دانييل دانيت
- سام هاريس
- كريستوفر هيتشينز
كل واحد من هؤلاء كتب كتابا أو أكثر لكي يكشف للناس زيف الأديان و ضررها على المجتمع. الجميل في الأمر أن كتب هؤلاء المفكرين و التي تدعو إلي الإلحاد صراحة هي من أفضل الكتب مبيعا و رواجا بين الناس و تترجم إلي لغات كثيرة. و هذا يعني أن الإلحاد يشهد صحوة كبيرة في البلاد الغربية في الأونة الأخيرة, صحوة تعود لأسباب كثيرة منها التعارض الصارخ بين الأديان و بين العلم الحديث و أيضا بسبب العنف و الفساد الذي تتسبب فيهم الأديان, ربما تكون تلك الصحوة قد جاءت متأخرة و لكن المهم أنها جاءت أخيرا. المهم أن يساهم كل مفكر ملحد في رفع مستوى الوعي عند الناس ليعرفوا ان الإلحاد خيار جرئ و عقلاني و ان الملحد قد يكون شخص أخلاقي و سعيد.
لكن قبل الإسترسال في الحديث يلزمنا تعريف ما هو الإلحاد أولا ..
الإلحاد هو عدم الإعتقاد بوجود آلهة كما في الديانات التعددية او إله كما في الأديان التوحيدية, هو موقف فكري عقلاني من الأديان كلها و من الألوهية عموما, موقف يتبنى الإنكار او الرفض بناءا على حجج علمية أو فلسفية أو منطقية.
و الإلحاد يتطلب ببساطة أن يتجرد المرء من مشاعره تجاه الدين الذي تعلمه و الأفكار التي تربى عليها و أن يخضع معتقداته تلك للفحص و التمحيص سعيا وراء الحقيقة و حينها سيتعرف على حجم الزيف و البهتان الذين تمتلئ بهم الأديان و الإيمان بالله بوجه عام.
إن الله كذبة واضحة المعالم بلا أي حاجة لبحث عميق أو جاد, يكفي أن يكون المرء عقلانيا و محايدا لكي يستطيع ان يتأكد من ذلك تمام التأكد و لكن مع ذلك لا نزال نحتاج إلي كتب و دراسات في نقد الدين من الداخل لكي تصل الفكرة إلي عموم الناس بعد أن وصلت إلي خاصتهم. المشكلة ان نقد الدين مجرم قانونا في دول كثيرة هي أكثر من يحتاج إلي دراسات في نقد الدين, فليس أسهل من إتهام أي صوت عقلاني في تلك البلدان بإزدراء الأديان و تهييج الناس البسطاء عليه لكي يلتزم الجميع بتقديس ما لا يستحق الإحترام أصلا, ألا و هو الدين و الألوهية.
إن الإلحاد يقدم نفسه على أنه الفكر الوحيد المتوافق مع العلوم الحديثة و القيم الإنسانية العظمى فالأديان الموجودة معادية للعلم و رجعية للدرجة التي يتوجب معها على كل إنسان أن يقاومها و يكافح ضدها. لكن ان نترك العالم أرضا خصبة لصراعات الأديان مع بعضها و تجبرها على البشر و سحقها لآدمية الإنسان فهذا ما لا يصح و ما لا يجب أن يكون.
يكفي أن الأديان تروج للخرافات و تنشر الجهل و تعادي المرأة و ترفض الديموقراطية العلمانية ..
يكفي الحجاب و ختان البنات و الأولاد و منع النساء من التعليم و العمل و تحريم الإختلاط الصحي بين الجنسين ..
يكفي عداء العلم و حصار الحرية و تسفيه الأخلاق ..
يكفي ..
يكفي و يزيد.
لقد آن الأوان لأن يصحو العالم على حقيقة الإلحاد .. حقيقة أن لا آلهة و لا حتى الله.
يجب أن يعرف الجميع أن الآلهة و الملائكة و الشياطين و الجن و العفاريت و الأشباح و كل الشخصيات الدينية الخيالية لا تختلف عن الشخصيات الخيالية الكرتونية أو السنيمائية أو الأدبية مثل سوبرمان و باتمان و سبايدرمان و النينجا ترتلز و دراكيولا و الباور رينجرز و غيرهم. كلها شخصيات وهمية من وحي الخيال المتقد للإنسان و أمانيه بتجاوز الطبيعة و المادة.
الله مثلا شخصية خيالية تجمع بين المتناقضات بطريقة تكشف لنا إستحالة وجوده في عالم الواقع. فهو حي و لكنه لا يموت مع إن كل حي يموت كما نعرف, و هو موجود و لكنه غير مادي مع إن كل كائن موجود بالمادة أساسا. إن الله يلخص طموحات الإنسان في أن يتجاوز الزمن و الموت بالخلود و ان يتجاوز قدراته المادية عموما بالألوهة مع إن الحقيقة هي أن الوجود كله مادي و طبيعي.
لكن الأديان هي التي روجت لتلك الخرافات ..
الأديان إستطاعت أن تقنع الكثير من الناس بوجود رجل خفي يعيش في السماء ..
يراقب كل شيء يقوم به كل إنسان, في كل دقيقة من كل يوم, و هذا الرجل الخفي لديه قائمة بأعمال يريدنا ان نقوم بها و قائمة أخرى بأعمال لا يريدنا أن نقوم بها. و إذا لم نفعل أي من الأشياء التي يطالبنا بها أو إقترفنا أيا من الأشياء التي يسميها ذنوب فإن لديه مكانا خاصا يلتهب نارا و دخانا و تعذيبا و ألما سوف يرسلنا إليه لنحترق و نعاني و نختنق و نتألم إلي أبد الآبدين و حتى ينتهي الوقت.
لكنه يحبنا .. مع ذلك يحبنا.
بالطبع حكاية خرافية لا تصلح حتى للأطفال, لكن الكبار يصدقونها و يقاتلون من أجلها. الكبار يصدقونها بسبب غسيل الدماغ الذي تعرضوا له ليل نهار منذ نعومة أظافرهم ثم يكبرون ليكذبوا نفس الكذبة على أطفالهم, و ندور جميعا في حلقة مفرغة. و بتراكم الزمن و بتناقل الأجيال للكذبة جيلا بعد جيل تتحول الخرافة إلي أمر واقع علينا أن نتعايش معه و نقبله.
لكن الحقيقة هي أننا نعيش في واقع مختلف تماما عن الواقع الإفتراضي الذي يتخيله المؤمنون بوجود إله. الحقيقة هي أننا نعيش بمفردنا في كون ملحد ليس له صاحب. ليس هناك آلهة لكي تنقذنا أو تنجينا, و لذلك علينا أن نتكاتف سويا من أجل ان نواجه مصاعب الحياة. إن الله هو لعبة إخترعناها ثم رحنا نتشاجر عليها مثل الأطفال ..
الأفضل هو أن ننضج و نترك مثل تلك الألعاب التافهة و نحاول ان نحب بعضنا البعض.
إن الإلحاد هو دعوة للإستيقاظ من الأوهام الخرافية و رسالة حب و سلام لكل الناس بدلا من الإقتتال الديني على الله أو الجنة, لكننا مع ذلك نجد أنه قد تعرض لتشويه كبير على يد المؤمنين, ببساطة يشوهون كل ما لا يفهمونه أو لا يطيقونه و يتهمون الإلحاد بما ليس فيه. يصورونه على انه إنفلات خلقي و ميل إلي الفوضى و إستهتار بالحياة و إفناء المرء لذاته في الجنس و الخمر و بالطبع هذا ليس صحيحا فالإلحاد لا شان له من قريب أو بعيد بالأخلاق لأنها ليست موضوع بحثه ..
إن موقف الإلحاد الرافض هو موقف من الآلهة و الاديان و ليس الاخلاق و بالطبع ليس الدين هو الاخلاق و لا الأخلاق هي دين بل إن كل دين له نظام أخلاقي مستقل يختلف تماما عن بقية الأنساق الأخلاقية في الأديان الأخرى و هكذا فإن رفض الأديان لا يعني رفض أنساقها الاخلاقية بالضرورة و في حالة رفض أخلاق دين معين فإن هذا لا يعني رفض الأخلاق من حيث المبدأ ..
عموما الإلحاد يتطلب بحثا عن الحقيقة و ليس الفضيلة, و لذلك فقد نجد ملحدين أخلاقيين مثل الإنسانيين كما أن هناك ملحدين آخرين يعتبرون أن الأخلاق أداة لتدجين الإنسان و جعله أليفا مستأنسا و بالتالي هم يرفضونها رفضهم للدين.
من منهما على صواب و من على خطأ ؟
هذا يتطلب بحثا لأنه لا توجد اجوبة سهلة أو سحرية و لا توجد آلهة تعرف كل شيء و تجيب عن كل شيء بل علينا نحن ان نجتهد لنعرف أجوبتنا بأنفسنا.
لكن بوجه عام فالإلحاد ليس إنفلاتا أو رعونة أو إستهتار بقيم الفضيلة و الخير و ليس الملحدين بأقل شرفا أو مكانة من المؤمنين لأنه في كل جماعة هناك الصالح و الطالح و هناك الاكثر صلاحا و الاكثر طلاحا فلا يمكن ان يدعي احدهم ان كل المؤمنين هم قوم صالحين او العكس و لا ان كل الملحدين هم قوم طالحين او العكس, بل إن أخلاق الإنسان راجعه أساسا للتربية التي تربى عليها و التهذيب الذي تلقاه في البيت و المدرسة و قوة إرادته و إختياراته في الحياة.
أما لو بحثنا في الاديان لوجدنا ان كل دين يدعي أن منظومته الاخلاقية هي أفضل ما يمكن للإنسان إتباعه و ان الأخلاق التي انزلها الله أو الآلهة على الإنسان هي الوسيلة الوحيدة لعيش حياة حلوة و مرضية, لكن الحقيقة أن الأديان هي المسئولة عن الكثير من الإنتهاكات الأخلاقية و ضياع القيم الإنسانية. فالإنسان كائن خير بالطبيعة و بالإرادة كليهما بينما التوجيه السيء من الأديان هو الذي يعلم الإنسان كيف يرتكب الجرائم بضمير مستريح.
في الواقع إن الحديث عن أخلاق دينية هو قول فيه الكثير من التجني على القيم الأخلاقية لأن الإخلاق لا تستقيم إلا لو كانت علمانية. ففي الأديان لا يوجد نمط أو منطق أخلاقي محدد, هي فقط سلوكيات مزاجية و أنشطة يوصي بها الإله أو النبي أو الرسول لخدمة الدين أو العقيدة و ليس لإعلاء قيم أخلاقية. فالقتل أو السرقة مثلا ليسوا محرمين لو كانوا في خدمة الدين أو للدفاع عنه أو لو كانوا بأوامر إلهية, و الإغتصاب أو الزنى لا تكون أفعالا مستهجنة لو كان الفاعل إله أو نبي.
إن الحديث عن أخلاق دينية لهو مثل الحديث عن كائن خرافي .. العنقاء أو طائر الرخ.
الصحيح هو أن الأديان قاتلة للفضيلة و راعية للكبت و العنف و النفاق و الإنحلال الخلقي بوجه عام, فلا عجب أن أكثر بلاد العالم تدينا و إيمانا هي البلاد التي ينتشر فيها الفساد و السرقة و التحرش الجنسي و الكثير من الأمراض الأخلاقية الأخرى. بينما البلاد ذات النسب المرتفعة من الملحدين هي البلاد الأكثر تقدما و تنظيما و حرية و شفافية على مستوى العالم.
نعم, إن الأديان لا تروج للخرافات فقط بل و للإنحلال الخلقي أيضا ..
أما الإلحاد فيحرر الاخلاق لأنه يعلمنها ( أي يجعلها علمانية ), إن تحرير الاخلاق من الدين و إرجاعها إلي البشر ليتباحثوا فيها و يتوصلوا إلي أفضل الانساق الأخلاقية هو أمر أساسي من أجل إصلاح المجتمعات و تحقيق التعايش و الإنسجام بين بني الإنسان. و يكفي أن نشر الإلحاد يدعم الحب و السلام, فكل العنف و التعصب القائمين بإسم الدين سينتهي بالإلحاد و بدلا من أن تفرق الآلهة و الاديان بين الناس سيجعلنا الإلحاد نتحد سويا في مواجهة التحديات.بل يكفي أن الإلحاد يؤكد على الفرح بالحياة الدنيا الجميلة, إن الحياة حلوة و تستحق ان نفرح بها لكن طالما أن الدين يجعلنا نهتم بالموت و ما بعد الموت فستكون حياتنا كئيبة و موحشة, الواقع أن إضفاء مظاهر البهجة و الإنشراح على الناس لهو مرتبط دائما بالإلحاد و البعد عن التدين.
لذلك فإن الوعي بالضرر الذي تسببه الأديان بل و الإنخراط في مقاومتها و الكفاح ضدها لهو كفاح من أجل قضية عادلة و نبيلة, و هي حياة أفضل لنا جميعا. فمن أجل أن ننشر الحب و الخير و العدل و الحرية و السلام بين كل الناس علينا أن نحارب الأديان بالإلحاد و أن نؤسس مجتمع ملحد يؤمن بالعلم و الأخلاق الحرة المنفتحة.
لقد ساعد تطور العلم الحديث على نمو الإلحاد في أوربا و الغرب بصفة عامة و في نفس الوقت يساهم نمو الإلحاد في نشر العلم لأنه يحرر عقول الناس من موروث الخرافات و الأساطير. لكن المشكلة هي أن صعود الأصوليات الدينية جعلنا نرى رجال الدين يروجون لعلوم مزيفة و معارف خرافية و يخلطون الدين بالعلم و يمزجون الدين بالسياسة و يلوثون دنيانا بأديانهم المتخلفة الرجعية المنافية للتنوير و التحديث.
الآن ليس من واجبنا فقط أن نفصل الدين عن العلم و التعليم و عن السياسة و المجتمع بالعلمانية, لأن الدين و رجاله يأبون إلا القفز على المعارف العلمية و المنجزات السياسية و تطويع كل مناحي الحياة لخرافاتهم الدينية. إن الدولة العلمانية أصبحت موضة قديمة و الأفضل منها هي الدولة الملحدة, الحل الأمثل للتعامل مع الدين ليس أن نفصل بين الأديان فنصلح بينها و نحصر الدين في دور العبادة ثم نترك المجتمع أرضا خصبة لجنون رجال الدين .. لا. علينا أن نقتلع الخرافات الدينية من جذورها بإعتبار الدين مثل المخدرات و الأفيون فنمنع تعاطيه بقانون ملزم و نجرم الإتجار فيه.
إن فصل السياسة عن الدين لم يعد يكفي, علينا الآن أن نصلح الأديان بعلمنتها جميعا. فالعلمانية الشاملة الحقيقية ليست هي علمنة الحياة و المجتمع و ترك الدين ليأكله دود الخرافة و الرجعية و إنما هي علمنة كل شيء بما فيه الأديان نفسها. الأديان يجب أن تكون لها شروط معينة لتبقى و إلا يتم القضاء عليها جميعا ..
و الشروط المقترحة لتهذيب و علمنة و تحديث الأديان هي الآتي :
1- نبذ الخرافات و الأساطير بما فيها قصص الآلهة و الأنبياء و الشياطين و الملائكة و العفاريت و الخوارق و المعجزات و الجنة و جهنم و ما إلي ذلك.
2- نفي إمتلاك الحقيقة الحصرية فعلى كل دين أن يعترف من خلال رجاله أنه مجرد وجهة نظر لا أكثر.
3- نبذ العنف و العنصرية و التنصل من أي حادث أو تهديد إرهابي يتخذ الدين ستارا له.
4- إحترام العلم و نظرياته و قوانينه و عدم الإصطدام به أو الصراع معه.
5- إحترام حقوق الإنسان و مجاراتها و عدم المساس بأي حق منها.
و هكذا وفق تلك الشروط تكون الأديان كلها ملحدة و ما يتبقى منها بعد هذا الترشيد و التهذيب يكون وجهة نظر أخلاقية و حياتية لا أكثر يتبعها الناس بناءا على إختيار حر و يتركها الناس بحريتهم أيضا.
أما أن نلتزم بعلمنة الدولة فقط و نترك الأديان تنخر في المجتمع كالسوس فتلك سياسة ناقصة و خطيرة و تحول المجتمع إلي جنة لكل الأديان مهما كانت سيئة و رجعية. إن الدولة العلمانية كانت محطة تاريخية مهمة لمعظم دول العالم و لكنها الآن قد إنتهى دورها و حان وقت الدولة الملحدة التي تسمح بالأديان الملحدة فقط و تمنع ما عدا ذلك.
العلمانية كانت مرحلة اولى مهمتها حصر الدين في دور العبادة و الآن حان وقت المرحلة الثانية أي “ملحدة الأديان” أو دخول دور العبادة لتنظيفها من الأديان. أما أول دولة كان لها الشرف بعمل ذلك فكانت ألبانيا بقيادة “أنور خوجة” و إستمرت وفق هذا المنهج من سنة 1967 إلي 1991 لكن للأسف كان ذلك قبل أوانه و به الكثير من العيوب و لذلك لم يستمر.
لكن الآن البلاد المتقدمة في العلمانية هي فقط المرشحة لقيادة العالم نحو نظام سياسي عالمي ملحد يوحد جميع الناس تحت راية العلم و التقدم مثل فرنسا و بريطانيا و أمريكا. فبالدولة الملحدة فقط سنستطيع تحرير السياسة من التدخلات الدينية و من طغيان رجال الدين في كل صغيرة و كبيرة و التعامل مع قضايا مثل الإجهاض و حقوق الشواذ و الموت الرحيم و الإستنساخ و نقل الأعضاء و حرية الإعتقاد و غيرها من القضايا وفق إحتياجات الإنسان و ليس وفقا لوصايا إله مزعوم.
الحقيقة إن العالم يجب أن يوقف التداول الحر للأديان الخرافية الحصرية الرجعية العنيفة المنحلة و أن يلزم رجال الدين بالتحول إلي رجال فكر و فلسفة عن طريق علمنة الأديان أو ملحدتها و تحويلها إلي فلسفات أخلاقية علمية تقدمية سلمية منفتحة. أما الحرية المطلقة لتداول كل الأفكار و المعتقدات بما فيها النازية و الفاشية و الإسلامية و المسيحية فسيوقف تقدم عالمنا أمدا طويلا و يجعلنا نحيا في حروب دائمة بين أتباع المعتقدات و الأديان, و هو ما لا نرجوه لعالمنا بالتأكيد.
إن الحرية الحقيقية هي الحرية ذات الإطار, هي حرية كل الناس الأحرار فليس هناك حرية لأعداء الحرية و لا حرية لمن يعتبرون أنفسهم عبيد لإله خرافي. إن الدين مرض يأتي بفعل غسيل الدماغ المستمر للإنسان لذلك علينا مقاومة تلك الممارسات بإقرار الحجر الصحي على المجتمعات لكي ننظفها من أوساخ الدين و التدين و نزرع بدلا منها فلسفات طيبة تدعو للعلم المادي التجريبي و الاخلاق الحرة المنفتحة.