زميلي استشهادي،
أعتقد أني فهمت من كلامك (في هذا الموضوع وفي ما سبقه من مواضيع) أنك من المؤمنين بوجود إلاه
لأنك تطرح أسئلة لم تستطع الاجابة عليها
دعني أبدأ بملاحظة عامة وهي أن جميع أسئلتك تبدأ بـ"لماذا" وهو السؤال الخاطئ يا صديقي. لأن هذا السؤال سيوجهك دائما نحو المسجد (عندما لا تجد الاجابة). والغاية منه هو "المعرفة الجاهزة" (ولماذا التعب والارهاق في البحث؟). أما السؤال الذي يجدر بنا ككائنات عاقلة أن نسأله هو "كيف". هذا السؤال سيجعلك تتجه نحو المختبر لتقوم بتجارب وبحوث وتفحص وتدقق في ما تجهله من أمور الكون والحياة.
طبعا العلم لم يفعل إلا أن حاول تقديم بعض الاجابات وليس كلها ولكن ما نجهله اليوم سنعله غدا. وعندما نجهل شيئا اليوم لا يجب أن نتعسف على الحقيقة بأن نخترع الالاه الذي يكون مصدر الاجابة عن كل ما نجهل.
زميلي العزيز،
حاول أن يكون إيمانك بالله أو بأي شيء آخر نابع من معرفة وليس من جهل بحقائق الأشياء والظواهر. فأنت مؤمن لأنك تجهل كل الاسئلة التي طرحتها مثل:
- الارض لماذا هي كروية وما السر في توافر شروط الحياة عليها
- كيف يمكن للكربون والهيدروجين والاوكسجين والازوت ان يولد
الفرح والغضب والكره والحقد والشهوة واللذة
- الناس من هم الناس من هو انا وانت
وكل باقي أسئلتك.
أنت مؤمن بالله لأن هناك أسئلة طرحها عليها عقلك الانساني المفكر الواعي (الواعي بذاته وبالعالم الموضوعي من حوله) وهذا العقل لا يرضى بالجهل. ويجبرك إما أن تجد جوابا أو أن تخلق جوابا أو أن تؤمن بجواب جاهز. وبالطبع عندما يعجز الانسان (قديما وحديثا وفي أي زمان ومكان) على ايجاد الجواب سيختلق جوابا من عنده. وغالبا ما كان الجواب في شكل ديانة يكون أساسها وجود كائن مطلق متعال: الله.
قديما كانت الالهة بالعشرات في تعدد جهل الانسان وحاجته عن اجابة لكل سؤال. وبتقدم معارف الانسان لم يعد هذا الأخير بحاجة لذلك الكم الهائل من الالهة وأصبحنا نتحدث عن الوحدانية (التي هي في الحقيقة تعبر عن تقدم معارف الانسان).
لكن الانسان رغم تقدم معارفه بقي عاجزا عن معرفة سر الحياة والموت مثلا. كذلك لغز الكون وغير ذلك. أي أن الانسان لايزال بحاجة لالاه يقدم له تفسيرا ويجعله بذلك يرضي غروره المعرفي (أي الغرور الذي لا يجعل العقل الانساني يرضى بالجهل ويلح عليه بتقديم الجواب مهما كان).
لكن حتى الإلاه الواحد أصبح في وضع حرج: العلم يتقدم والخرافات تتضاءل والملحدون يغزون العالم الثالث بعدما أن ملؤوا جامعات الغرب في شتى العلوم والمعارف (جامعاته وليس شوارعه على أساس أن هناك الكثير من المؤمنين حتى في الغرب).
الملحد، في اعتقادي، أو الذي يرفض أن يخضع للغرور المعرفي الغريزي الموجود داخله ويرضى بالجهل على أن يرضى بالايمان بإلاه يجعله يرتاح من كل هموم التساؤل.
وحتى لا يكون ردي في شكل مداخلة عامة ها أنا أقدم لك بعض الردود عن تساؤلاتك:
اقتباس:الارض لماذا هي كروية
ولماذا تسأل عن كرويتها؟
عموما حتى لو كانت مربعة فستسأل "لماذا هي مربعة؟"
وإن كانت في شكل هرمي فستسأل "لماذا هي هرمية الشكل؟"
على هذا الأساس يجب علينا أن نسأل عن كل شكل كل شيء: "لماذا النخلة مستقيمة؟" "لماذا تشبه صورة إيطاليا على الخريطة حذاء عسكريا؟"
أعتقد أنه كل شيء في الكون يتجه نحو التكوير: الذرات في عالم المتناهي الصغر (دواران الالكترون في شكل كروي حول النواة) والنجوم في عالم التناهي الكبر. في الحقيقة أنا لست مختصا في الفيزياء لكن ربما كان السبب الجاذبية (التي تجعل الأجسام الفضائية من كواكب ونجوم تدور في محاور حول نفسها في شكل دائري وحول غيرها أيضا مما يجعلها تفقد أي شكل مظلع وتأخذ بالتالي شكل الكرة) أو حركة دوران الالكترون حول النواة (رغم أن اينشتاين نفسه عجز عن ايجاد المعادلة التي تجمع بين عالمي متناهي الصغر ومتناهي الكبر) الهم أنا لا أعلم بالضبط "كيف" (ودائما ليس "لماذا") لكن ربما كان من بين الزملاء المتمكنين من الفيزياء الجواب وحتى لو لم يكن هناك جواب اليوم فربما يحمل الغد معه ذلك الجواب. لكن في كل الأحوال لا يجب أن نبرر إيماننا بالله بجهلنا بحقيقة أو ظاهرة ما. [size=6]وليس فينا ما يعلم كل شيء ومن العيب أن أبرر إيماني بالله بعجزي عن الفهم.
اقتباس:وما السر في توافر شروط الحياة عليها
سؤالك خاطئ يا صديقي فالأرض موجودة منذ أكثر من 4.5 مليار سنة والحياة وجدت بعد ذلك بـ2 مليارات (إن كنت تصدق كلام العلماء) والكائنات الحية هي التي تأقلمت مع الطبيعة الموضوعية من حولها وليس المسألة بتوافر شروط.
اقتباس:ولماذا تصادف وجود البترول والحديد والمعادن والفلزات الاخرى في باطنها لكي يستخرجه الانسان
[size=6]الانسان هو الذي حول العناصر والمواد الطبيعية إلى اشياء تخدم مصالحه: البعض للطاقة والبعض للزينة مثل الذهب. هل يمكن أن تقول لي ما نفع الذهب وما نفع اللؤلؤ الذي نجده في المحار؟ الانسان هو الذي وضع فيها تلك القيمة (للزينة). كذلك بقية العناصر الطبيعية،
الانسان هو الذي وضع فيها قيمتها ولو لم يفعل لكانت بقيت في باطن الأرض كما كانت منذ ملايين السنين. الانسان بفضل عقله تمكن من أن يحول كل مواد الطبيعة إلى صالحه ولكن ذلك لا يعني أنها معدة أصلا لتخدمه.
ولا أدل على ذلك من أنه لا يستخدمها خاما بل بعد أن يكررها أو يحولها أو يخلطها أو يضيف إليها بعض المواد. أي أنها المواد في حالتها الخام لا نفع منها بل الانسان هو الذي يبتكر الطرق ليجعلها في خدمته.
اقتباس:نفسي هل اضفت للمادة بعدا اخرا هل النفس موجودة في الانسان ولماذا وكيف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كيف يمكن للكربون والهيدروجين والاوكسجين والازوت ان يولد
الفرح والغضب والكره والحقد والشهوة واللذة
اليست الروح كيان قائم واضح في كيان الانسان
والا فانني عندما اشعر بذلك الشعور الجميل الذي اسمه الفرح
والذي جميعنا نعرفه ماالذي حدث داخل دماغي هل ذرات دماغي هي التي فرحت وطربت لقضية معينة
الدماغ هو الذي يحتوي الانفعالات السابق ذكرها ولا دخل للروح في ذلك. تمكن العلماء منذ أكثر من نصف قرن (في الخمسينات) في اكتشاف مراكز الدماغ الخاصة بكل انفعال ونشاط عقلي واليوم يمكن بكل بساطة أن نقيس (بل ونرى بكل وضوح وبالألوان) معدل ودرجات كل انفعال بواسطة النبضات الكهربائية التي يطلقها الدماغ عند الحزن أو الفرح أو الغضب. إذ فالدماغ هو مصدرها. طبعا إن لم تخني الذاكرة فالدماغ فالدماغ يطلق الأوامر بإطلاق بعض المواد الكيمائية التي تساهم في تعميق حالة الحزن أو الفرح أو الغضب، الخ. فترتفع حرارة الجسم أو ينقص الاحساس بالتعب، الخ.
ومن حسن الحظ أن عدد هذا الشهر (سبتمبر 2005) من مجلة Science & Vie Junior يقدم شروحا لحالة الحب وشرح لكيفية تحكم الدماغ في ذلك الاحساس.
لكني أيضا وربما لن يسعدك هذا الخبر فقد أكد بعض العلماء بعد اختبارات عديدة أن الدين أيضا ليس إلا من تأثير الدماغ عن الانسان فهناك مراكز في الدماغ هي التي تولد الحاجة والاحساس بالدين:
يمكنك مراجعة
- "روز اليوسف" عدد 3990 بتاريخ 3/12/2004
بعنوان "جينات إلهية ودينية داخل مخ الانسان" تحت-عنوان "هل الانسان يولد صفحة بيضاء أم أنه يولد مؤمنا.."
- Science et Avenir عدد 679 شهر سبتمبر 2003
بعنوان "الله يسكن المخ الأيمن: كيف تفسر علوم الدماغ الدين والايمان؟"
- Science & Vie عدد 1055 لشهر أغسطس 2005 بعنوان "لماذا لا يمكن لله أن يختفي" تحت-عنوان "دماغنا مبرمج ليؤمن؟" "تم التعرف على جزيئة الايمان"؟
إذن يا صديقي فالدماغ ليس مسؤولا عن الأحاسيس فقط (
وليست الروح كما ذهب إلى ظنك) بل ربما اكتشف العلماء قريبا الجزيئة المسؤولة عن الدين (ولا يشك أحد أن هناك متدينون "على خفيف" وهناك متديون معتدلون وآخرون متعصبون وآخرون فوق المتعصبين. فربما عند التوصل للجزء المسؤول عن هذا في الدماغ سنتمكن من تعديل الدين ولما لا الغاءه بعملية جراحية بسيطة في المخ)
اقتباس:الناس من هم الناس من هو انا وانت
عفوا على التعبير لماذا يوجد فتحة علوية للاكل وفتحة سفلية
لاخراج ما تبقى اليس هذا مشابها للسيارة مثلا فلها فتحة لادخال الوقود وفتحة اخرى لخروج بقايا الاحتراق لان مهندسي السيارة صمموا ذلك عن ارادة مسبقة وليس اعتباطا ولا عشوائية عمياء
طيب إذا كان لا بد لكل من تصميم من مصمم، فمن صمم الله؟ ومن صمم الذي صمم الله؟
لا تقل لي أن الله "لم يلد ولم يولد" أو أنه "المحرك الذي لا يتحرك" أو أنه استثناء من هذا القاعدة. هذا ليس إلا مجرد افتراض أي أنك افترضت أنه مثلما لا يمكن أن توجد السيارة بدون مهندس صممها فأيضا الكون والانسان لا يمكن أن يوجدا بدون مصصم. لكن يا عزيزي هذا افتراض وقياس لا يمكن التدليل عليه أبدا.
سأحاول أن أعود قريبا.
وإن لم أعد فلاحظ يا زميلي أنك تطلق الكثير من التساؤلات التي تبدأ بلماذا. يا ليت تسأل تساؤلات تبدأ بكيف وسترى كيف يفكر الملحد بعيني المتطلع للمعرفة وليس للايمان. وتذكر أن العلم بالجهل هو في حد ذاته كسب.
بحث
قائمة الأعضاء
التقويم
وثائق المساعدة
/
فى موت خالد الخطيب (المقاتل الأحمر ) و تعفن جسدة
