أيها الباحث عن الحق

حقيقية أنا لا أعلم مدى صدقك في بحثك, ولكني أشعر أنك من الندرة غير العادية في هذا العالم المتشابه العادي..

الناس يبدون متأكدين جدا من أفكار ليست أكيدة ولا حتى مفهومة, والمعتقدات التي يدعون إليها مليئة بالألم والظلم والغباء مع أن ظاهرها الفضيلة, الكل يتكلم عن الله كما يشاء ويصفه بما يريد ولا ندري من نصدق, من يقول أن الله كله تسامح وحب أم من يقول أن الله خلق الناس ليعذبهم, أم من يقول أن الله غير موجود أصلا!

العالم الذي نحن فيه مشحون بالصراعات والأنانيات, فالكل يريد مصلحته الخاصة وأن يكسب الصراع, سواء كان هذا الصراع مع فرد أو مجتمع أو حزب, ندرة ثمينة هم من يطلبون الحقيقة لذاتها ولترتاح ضمائرهم المتلهفة لها لا لأجل مصالحهم ورغباتهم الخاصة.

لكنني أعرف كما تعرف أنت أن الحقيقة ثابتة لا تتغير مع تغير الأزمان ولا تكون ردة فعل لفكر معين, فمنذ وُجِد الإنسان وإلى الآن الحقيقة واحدة, وكما أن قوانين المادة ثابتة فكذلك قوانين المعنى.

لقد مررت بتجربة مشابهة لتجربتك, فقد رفض إحساسي الفكر الذي يتبناه المجتمع الذي وُلدت فيه فتركت الدين وتنقلت بين اللادينية والإلحاد, اتجهت للفكر الغربي ولكني لم أجد فيه إلا الجفاف الروحي, ومن ثم قادني إحساسي إلى الشرق ووجدت في بعض كتابات المعلمين الروحانيين الهنود والصينيين شيئا من الطبيعة ولكنها كانت مجتزأة وليست شاملة لقلب الإنسان وعقله, الغرب يقول احترم عقلك وتجاهل إحساسك والشرق يقول تحسس شعور اللحظة ودع عنك العقل. فلا هؤلاء ولا هؤلاء لديهم ما يروي عطش الشعور الإنساني للارتباط بالحقيقة ويجيب على الأسئلة الصعبة.

أعرف إحساسك تماما عندما رفضتَ أن تؤمن بالفكرة السائدة عن الله, فهي فكرة مؤلمة وغير أخلاقية وبالتالي غير منطقية, لكن السؤال هل هذه الفكرة أتت من حقيقة الدين أم ممن يعبث بالإسلام لأغراضه الخاصة؟
فبما أن الدين –كما وضّح أستاذي الوراق- هو الأخلاق والفضائل, فمعنى هذا أن كل فكرة غير أخلاقية هي ليست من الدين بل هي من صنع البشر.

أتمنى أن يدوم التواصل بيننا عزيزي الباحث..
ولك خالص تحياتي..