الغريب في قول نيوترال ودعم الزملاء لهم أنهم يتبنون نفس الخط الذي يتّبعه أكثر الجماعات الدينية تطرفا. لتجريم الغيبيات عليك أن تملك المعرفة المطلقة (أو على الأقل أن تدعي أنك تملكها)... يمكن الزعم أن الغيبيات موجودة في كل مكان وليس في الدين مثلا إيمان الماركسيين بالحتمية التاريخية إيمان الليبراليين الاقتصاديين بقدرة السوق على تنظيم نفسه دون تدخل خارجي... كلا الادعاءين هما ادعاءين لا علاقة لهم في الدين لكنهما ادعاءين لم يبرهنا وأقول أن الكثير ممن يقولون بهما يؤمنون بها بشكل غيبي فرغم محاولات البرهان شبه العلمية فما تم برهنته هو نماذج تجريبية لا تماثل (وربما لا تمثل) الواقع....

وقد تقول لي نحن لا نتحدث عن النظريات العلمية هنا ولا نمنعها، هل تعلم مثلا أن بعض الممارسات البدائية التي كانت تعتبر من الغيبيات تم لاحقا إيجاد قواعد علمية تعمل بها. مثلا قصة الإبر الصينية، كانت في الماضي تعتبر ممارسات غيبية لطب بدائي، لكن الأبحاث الطبية اليوم وجدت أنها حقا طريقة فعالة (ولا نتحدث هنا عن العامل النفسي الذي تم أخذه بالحسبان في هذه الأبحاث)... قد لا نفهم طريقة عمل هذا الأسلوب العلاجي لكننا أيضا لا نفهم الكثير من الممارسات الطبية التقليدية.

وربما تحارب الديانات التقليدية فقط وتترك بعض الممارسات الغيبية ولن تكون أول من يحاول استئصال الديانة من المجتمع فقد حاولت دول المنظومة الاشتراكية ذلك وبعد حوالي القرن ثبت فشلها، الدين نابع من حاجة إنسانية (قد لا تكون موجودة لدى الجميع لكنها موجودة لدى قسم كبير من البشرية) ولذا قيل في القدم "لو لم يكن الله موجودا لتحتم علينا اختراعه"... حتى في الغرب "الملحد" تجد الكثيرون يستعيضون عن الديانة ببعض المعتقدات السخيفة (موجة النيو إيج وخلافه) والبعض حتى "يعبدون العلم" أعلم بعض الملحدين الذين لم تتح لهم الحياة التعلم في المدرسة والحصول على تحصيل علمي ورغم ذلك فهم معجبون بكل ما هو "علم" ويهتمون بالاطلاع عليه رغم أنني لاحظت أنهم لا يفهمونه حقا بل ليس لديهم توجه تجريبي في الحياة (والتجريبية هي إحدى أسس العلم).

الحل ليس تجريم كل ما لا يوافق معتقداتك، بل وضع خطوط حمراء (قانون مدني، حقوق الإنسان، احترام الآخرين إلخ) يجرم تجاوزها أما إذا أراد الإنسان الصوم أو الصلاة فله ذلك.