coco
عضو رائد
    
المشاركات: 1,795
الانضمام: Oct 2004
|
RE: امرأة تلبس الأخضر دائما ورجل يلبس الأخضر أحيانا - الشاعر محمد عفيفي مطر
يبدأ النص بوضع جزء من آية وهو ( قد نري تقلب وجهك في السماء ) ولكنه لا يوردها كما وردت في النص الديني بل بتحوير بدايتها , وكأنه يحاول أن يدخل المتلقي إلي الجو النفسي والمعرفي للقصيدة بما هو ليس من النص , وقد سبق أن ألمحت من قبل من دراسات علي بعض النصوص أن التضمين أو التناص أو مجرد وضع نصوص تحت العنوان يدخل القارئ لقراءة تستلهم أفق النصوص السالفة , فإذا كانت تلك النصوص مقدسة فإن لون القراءة يكون مختلفا عما إذا كانت حكمة أو أقوال مأثورة نظرا لما تتمتع به تلك النصوص من قداسة لدي المتلقي , وجزء الآية يصور حيرة الرسول محمد في مسألة القبلة التي يتوجه إليها وسؤاله الرب أن يرسل إليه آية تهديه إلي القبلة التي يتوجه إليها , وكلنا يعرف السياق التاريخي للقصة , ما يهمنا أن عفيفي مطر يماثل حال الشاعر قبل ورود الوارد الشعري وبين حال النبي بشكل يدعونا للإحساس بخطورة الموقف , والظلال التي تعطيها الآية لرسم حيرة الشاعر هو مدي الشوق للوصول للوارد الشعري , الميل القلبي لاتجاه ما , الحيرة الناشئة من استجابة الوارد لشوق الشاعر وإذا كان النص يبدأ مباشرة بعد إيراد جزء الآية بـــ
غيمة من رقع الماء الفضاء الدخنة الباهتة
التفت علي مغزل شمس ورياح
ورمادي نسيج فككت عروته حدوة طير ليس
ينقض ولا يعلو,
اهتراءات رقيقات تبعثرن وفي هدابهن
اشتبك الشوك المضئ القنفذ الساطع يرعي ,
عنكبوت ذهب يقطر منه الأرجوان
فإن النص يصور مجموعة من المفردات التي لا رابط بينها مماثلا لتلك المفردات التي لا رابط بينها في مسألة القبلة , فقد كان الرسول محمد يصلي بمكة جامعا بين الكعبة وبيت المقدس في اتجاه واحد والآن – في المدينة وبسبب جغرافيتها – فإنه لا يمكن الجمع وصارت المفردات متنافرة , صور عفيفي مطر تلك التناقضات بين المفردات التي لا رابط بينها بتلك الغيمة من رقع الماء - والماء له صفةالسيولة والميع فلا يمكن القبض عليه باليد - بما لها من صفات الفضاء والدخنة الباهتة تدور في مغزل شمس ورياح وكأنها تحتاج إلي التشكيل والصياغة وتحتاج إلي حالة الجمع في علاقات مترابطة تمنحها الوجود الشعري في شكل قصيدة , نسيج اللون الرمادي بما يحمل من دلالة عدم التحدد والرؤية الصريحة يتفكك بفعل طائر لا يعلو إلي السماء ولا ينزل إلي الأرض بل هو واقف في المابين في حالة تجمد ولكنها تشي بفعل الكلمات بإمكانية الطيران أو الانقضاض , الاهتراء وعدم الالتئام هو الجو السائد في مفردات الواقع والرؤية معا , فإذا كانت جملة " اهتراءات رقيقات تبعثرن " تصور حال المفردات الواقعية السابق سردها , فإن جملة " وفي هدابهن اشتبك الشوك المضي إلخ " تصور اطراف ذلك النسيج ( الهداب ) وهي تشتبك مع مجموعة من المفردات ولكنها في حالة لمعان " الشوك المضئ , القنفذ الساطع , عنكبوت ذهب " بما يوحي بأمكانية وجود روية يمكن أن تلم شتات المفردات , حالة الألق واللمعان للعناصر المشتبكة مع المفردات المتنافرة الساكنة تشي بأن هذه الواقع يحوي داخله حالة من إمكانية الانتظام والتعين وأن الرؤية يمكن أن تصل إلي تحقق فعلي .
حيرة الشاعر إزاء المفردات والعناصر مماثلة لحيرة النبي في بحثه عن القبلة الحقيقية ومغامرة القصيدة هي لم شمل الرؤية مثلما تم التوصل لحل في مسألة القبلة .
- يتبع -
كوكو
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 12-22-2010, 07:18 AM بواسطة coco.)
|
|
12-22-2010, 06:23 AM |
|