هل تتجه مصر نحو حرب أهليه ؟

المتابع للمشهد المصرى الأن بعد أكثر من ثلاثه أشهر منذ بدأت ثوره 25 يناير يرى به العديد من الصور التى تجعله مشهد غير متناسق وقد يؤدى فى النهايه الى حرب أهليه شامله لا تبقى ولا تذر , فأثناء الثوره وبعدها مباشره لم يكن هناك صوت يعلو فوق صوت المعركه " الثوره " وكان الجميع اما مع الثوره والاطاحه بالنظام والرئيس واما ضد الثوره والابقاء على الرئيس حتى تنتهى مده ولايته , لكن قدر الله وماشاء فعل وتنحى الرئيس فى 11 فبراير 2011 وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحه باداره شؤون البلاد .

بعد ثلاثه أشهر من الثوره لم يتغير شىء , بل أن الأوضاع ازدادت سوءا بعد الثوره عن قبلها , اذ أصبحت هناك حاله من الانفلات الأمنى وأنتشرت عصابات سرقه الأموال والأطفال , والدوله على المستوى الاقتصادى على شفا حفره من الافلاس وتحاول الصمود بطلب قروض ومساعدات دوليه , وعلى المستوى الشعبى فقد أرتفعت أسعار الخضروات الرئيسيه وبعض المواد التموينيه لأسباب عديده منها بعض الأزمات كأزمه السولار التى تؤثر على حركه النقل وأزمه الغاز التى لم تنتهى فى بعض المحافظات , حتى أن بعض المخابز أعلنت توقفها عن العمل لعدم وجود سولار للتشغيل , كل هذا فى ظل حاله من الركود والكساد الاقتصادى , فلايوجد بيع أوشراء وأصحاب الأعمال الحره حالهم واقف , أما على المستوى الاجتماعى فقد طلت علينا مره أخرى وبصوره أشد وأعنف مسأله الفتنه الطائفيه وأصبحت هناك حروب بالرصاص الحى بين مسيحيو مصر ومسلميها فى موقعتى امبابه وماسبيرو , كما تم تدمير منطقه شارع عبد العزيز بوسط البلد فى معركه حاميه الوطيس .

خوفى من الحرب الأهليه يعود أولا وأخيرا الى الأسباب الاقتصاديه , فالذين قاموا بالثوره فى البدايه هم بضعه الاف من الشباب الواعى والمثقف وقد يكون معظمهم من الميسورين ماديا , لكنهم ثاروا احتجاجا على فساد الحياه السياسيه ومبدأ توريث الحكم وممارسات وزاره الداخليه ضد المواطنين الشرفاء , ثم أنضم اليهم بعد ذلك الكثير من عامه الشعب ومن مختلفى الثقافات والتوجهات وكان معظمهم ممن انضموا للثوره احتجاجا على سوء الحاله الاقتصاديه وسوء أحوالهم المعيشيه طمعا فى حياه أفضل , ولم تتجاوز أعداد من خرجوا للتظاهر على مدار ثمانيه عشر يوما رقم 10- 12 مليون متظاهر .

هناك أغلبيه صامته لم تتحرك ولم تشارك فى تلك الفاعليات يتجاوز عددها 70 مليون مصرى , هؤلاء موقفهم محايد , فهم لا يعنيهم بقاء مبارك أو رحيله , لا يعنيهم ان كان رئيس الوزراء هو أحمد شفيق أم عصام شرف , لا يعنيهم ان كان يحكم مصر المجلس الأعلى للقوات المسلحه أم رئيس شرعى منتخب , كل مايعنيهم أن يتوجهوا الى المخابز فيجدوا رغيف العيش متوفر وبدون طوابير وصراعات عليه , يعنيهم أن يجدوا السلع الأساسيه متوفره وبأرخص الأسعار , يعنيهم أن تكفى رواتبهم ودخولهم الشهريه متطلبات الشهر ولوازمه , يعنيهم أن يذهبوا الى المستشفيات الحكوميه فيجدوا العلاج متوفر ومجانى .

بعد ثلاثه أشهر من الثوره ساءت الأوضاع ولم تتحسن , وهناك مؤشرات لثوره جياع قد تنفجر فى أيه لحظه , وهناك من يتحدثون عن الثوره ومكتسبات الثوره وائتلاف شباب الثوره واحزاب ما بعد الثوره , ولم يحدثوا هؤلاء عن منجزات الثوره على أرض الواقع وانعكاساتها على أوضاعهم , فبدأت الأن تظهر حاله من المعاداه للثوره , وظهرت نغمه " ولايوم من أيام مبارك " وكلما حدثت جريمه سرقه أو محاوله اختطاف بادر بعضهم بالقول " كان حد يقدر يعمل كده أيام مبارك ؟ " , وسمعت بأذنى مرات عديده سبا للثوره ومن قاموا بها مشفوعا بجمله " وقفوا حالنا الله يوقف حالهم " .

الخوف كل الخوف فى ظل الحريه التى يتمتع بها الجميع الأن أن تحدث مصادمات عنيفه أخرى بين المسلمين والمسيحيين , بين فلول النظام السابق وأعداؤه , بين شباب الثوره والمؤيدين لها وبين الأغلبيه الصامته التى لن تظل صامته للأبد , وفى ظل تلك المصادمات العديده والخسائر الماديه والبشريه التى تنتج عنها ينفرط العقد وتضيع البلاد فى أتون حرب أهليه .

هى رؤيه تشاؤميه لكن ربنا يستر .