(05-27-2011, 10:33 AM)NigHtMaRE كتب: بينما غاندي سيدخل النار حسب الإسلام و المسيحية لأنه لم يكن مؤمن
غاندي والمسيح
الكاتب: أرماند الحلو
لماذا قال المهاتما "غاندي" للمسيحيّين،" أُحبّ مسيحكم ولا أُحبّ مسيحيّتكم"؟
المهاتما "غاندي" هو أحد القادة المحترمين جدًّا في تاريخنا المعاصر. مَن يقرأ عن هذا الرجل، يعرف أنّه كان رائدًا في السّعي للسّلام ومحاربة الطبقيّة والعنصريّة، وقد ناضل بلا كلل من أجل تحرير بلاده من الحكم البريطانيّ الّذي كان يستنزف وطنه في ذلك الحين. وعلى الرّغم من كونه هندوسيًّا، أُعجب بشخص المسيح بشكل واضح. فكان يقرأ الكتاب المقدّس باستمرار، ويستشهد في أحاديثه بكلمات المسيح وبخاصّة الموعظة على الجبل (متّى 5، 6، 7).
كان لـ"غاندي" أصدقاء مُرسلون كثر، منهم "أ. ستانلي جونز" الّذي سأله يومًا: "إنْ كنتَ مُعجبًا بالمسيح لهذه الدّرجة، لماذا ترفض أن تصير من أتباعه؟" أجاب غاندي عندها:"أنا لا أرفض المسيح بتاتًا... بل أنا أُحبّ مسيحكم، ولا أحبّ مسيحيّتكم. فكثيرون منكم لا يشبهون مسيحكم".
ما رآه "غاندي"، هو فرق شاسع بين ما قاله المسيح وما يقوله ويعيشه المسيحيّون الّذين عرفهم. فقد بدأ رفض "غاندي" لهم ينمو بعد هذه الحادثة؛ عندما كان "غاندي" شابًّا يافعًا يمارس المحاماة في جنوب إفريقيا، جذبه الإيمان المسيحيّ، فدرس الكتاب المقدّس وبخاصة تعاليم المسيح، وكان يفكّر جدّيًّا في التّحوّل إلى الدّيانة المسيحيّة. وفي يوم أحد، قرّر أن يشارك بعض المسيحيّين في خدمتهم الصّباحيّة في الكنيسة، فصعد درج المبنى الكبير، وبينما كان يَهُمّ في السير نحو باب الكنيسة، أوقفه مسؤول في الكنيسة، وسأله: "ماذا تظنّ نفسك فاعل؟" أجاب "غاندي": "أُحبّ أن أحضر خدمة الكنيسة". أجابه الرّجل: "لا مكان لأمثالك هنا، أُخرج وإلاّ سأطلب من مساعدي رميَك عن الدّرج".
منذ ذلك الحين قرّر "غاندي" أن ينسى أمر تحوّله إلى المسيحيّة، واكتفى بتبنّي أقوال المسيح والتّقيّد بها. وما وجده "غاندي" في المسيح هو مثال أعلى يُقتَدى به: فالمسيح بشّر بمحبّة الله والقريب وحتّى الأعداء. وأمَر بمسامحة الآخرين كشرط لمسامحة الله لنا. وعَلَّمَ عن قبول الآخرين من دون تمييز بين لون أو عرق أو جنس. عاش التّواضع وأمرنا أن نتعلّم منه. تحنّن على النّاس، سدّ احتياجاتهم الزّمنيّة والرّوحيّة والنّفسيّة. دان محبّة المال والتّسّلط وحبّ الظّهور. وهو لم يؤسّس طائفة، بل طلب ولا يزال يطلب أتباعًا يسمحون له بالعمل في حياتهم، من خلال روحه، ليعكسوا صورته في الأرض. المسيح يريد أتباعًا يتجلّى فيهم ثمر الرّوح من محبّة وفرح وسلام وطول أناة، ولطف وصلاح وإيمان ووداعة وتعفّف (غلاطية 5: 22- 23). وهو مَن قال:" فَلْيُضِئْ نورُكم هكذا قُدّام النّاس، لكي يَرَوا أعمالَكُم الحسَنَة، و يُمَجّدوا أباكُم الّذي في السّماوات"(متّى 5: 16).
وتبقى المسيحيّة الحقيقيّة هي الالتزام بشخص المسيح وتعاليمه. وهي قرار نأخذه بكلّ وعي بتسليم حياتنا لِمَن أسلَمَ حياته لأجلنا، والّذي يُحوّل حياتنا 180 درجة من أبناء للظّلمة إلى أبناء للنّور بقوّة الرّوح القدس. أمّا حاملو اسم المسيح، الّذين يدعونه بألسنتهم من دون أن يسكن قلوبهم أو أن يظهر في حياتهم، فالأحرى بهم أن يتذكّروا قوله: "ليسَ كلّ مَن يَقول لي: يا ربّ، يا ربّ! يَدخُل ملكوت السّماوات. بل الّذي يَفعَل إرادَة أبي الّذي في السّماوات" (متّى 7: 21). فلو تجلّت تعاليم المسيح السّامية بشكل ثابت في أتباعه أيّام "غاندي"، لأصبح "غاندي" مسيحيًّا من دون أدنى شكّ