{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الرهان الحقيقي على دمشق..!!
فضل غير متصل
لو راح المغنى بتضل الاغانى
*****

المشاركات: 3,386
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #3
الرد على: الرهان الحقيقي على دمشق..!!
انا اعتقد انه يقصد بدمشق سوريا ككل ... و ان الرهان فى المنطقة او الحجر الاخير لاندلاع السيل هو على سوريا فالنجاح هناك يعنى انه فتحت ابواب التغير فى المنطقة لمدياتها القصوى والتى ستمس بعد ذلك مستويات وطبقات فى المنطقة كانت تبد عصية على التغيير ومنذ قرون

الكاتب حسن خضر انا اعتقد انه المنظر الليبرالى الديمقراطى الابرز فى المنطقة العربية هو عند نجاح التغير فى مصر سمى تلك اللحظة بان القيامة قامت فى المنطقة وان حقبة البترودولار السعودية التى بدات فى السبعينات انتهت بنجاح ثورة مصر سابحث عن المقال الذى كتبه فى لحظة نشوة


عَمَارْ يا مصر..!!
حسن خضر




أول الكلام: عَمَارْ يا مصر.
أما بعد، فلنذهب إلى ما هو أبعد من الأحداث اليومية، فعهد الرئيس مبارك قد انتهى، سواء خرج اليوم من سدة الحكم أو غداً. والنظام المصري لم يعد نفسه، سواء وقع التغيير بطريقة سريعة، أم تجلى في تحوّلات بطيئة وبعيدة المدى. وكذلك الأمر بالنسبة للعالم العربي. فالعالم العربي لم يعد نفسه بعد الثورتين التونسية والمصرية.
في مقالة الثلاثاء الماضي كتبتُ عن عدوى الأفكار، وعن حقيقة أن شعار "الشعب يريد إسقاط الرئيس" الذي أطلقه التونسيون والمصريون يمثل تحوّلاً في لغة السياسة العربية، وأن أصداء هذا التحوّل ستُسمع في أكثر من عاصمة عربية في قادم الأيام. المسألة أكبر وأبعد من بن علي ومبارك.
والمهم، الآن، أن نفكّر في معنى التغيير. فقد انتهت مرحلة من مراحل التاريخ العربي وبدأت مرحلة جديدة. وبقدر ما يتعلّق الأمر بالدلالة التاريخية لما حدث، يمكن الخروج بفرضيات محددة من بينها:
أن الحقبة السعودية انتهت. وهذه صعدت منذ مطلع السبعينيات في القرن الماضي، ووصلت إلى خط النهاية في "يناير النور" قبل أسابيع قليلة. بدأت بعد هزيمة العام 1967 ووفاة عبد الناصر، وتبلورت كظاهرة بعد حرب أكتوبر في العام 1973 وما نجم عنها من زيادة هائلة في عوائد النفط، وتجلت بشكل أكثر وضوحاً بعد انخراط السعودية بالتحالف مع مصر في الحرب الباردة إلى جانب الولايات المتحدة ضد الروس في أفغانستان.
وإذا كان ثمة من ضرورة لإعادة الفضل إلى أصحابه، فإن محمد حسنين هيكل كان أوّل من رصد صعود الحقبة السعودية في سبعينيات القرن الماضي، ورد عليه آنذاك صادق جلال العظم بمقالات نشرها في كتاب بعنوان "كارتر ومنظرو الحقبة السعودية".
ولكن ما معنى الحقبة السعودية؟
الحقبة السعودية تعني أشياء مختلفة. فهي لا تنحصر في زيادة النفوذ السياسي للدولة السعودية، بعد وفاة عبد الناصر وانهيار الحركة القومية العربية وحسب، بل تعني أيضاً صعود قيم وتأويلات أيديولوجية لنظام أصبحت لديه إمكانية التأثير على الإقليم، وبالقدر نفسه أصبحت مكانته في الإقليم مشروطة بمدى نجاحه في تصدير أو إقناع الآخرين بنجاعة وجدوى نظامه في السياسة والحكم. كان نظامه في السياسة والحكم جزءاً من ميراث القرون الوسطى، لكن مكانته في الإقليم ارتفعت على ساعد ثروة مفاجئة وغير مسبوقة في تاريخ بني البشر، كما كان نظامه مرفوعاً على ساعد تأويلات أيديولوجية للدين كان نجاحها مشروطاً بقدرتها على التحوّل إلى موضوع للمحاكاة من جانب آخرين في مدن وحواضر بعيدة.
والواقع أن اختزال معنى الحقبة السعودية في السياسة الرسمية للدولة السعودية (التي كانت تنفق في السبعينيات ما بين مليارين إلى ثلاثة مليارات دولار في العام على شؤون "الدعوة") يظل أمراً منقوصاً. فالحقبة بالمعنى العريض للكلمة تشمل بقية الدول النفطية وكذلك الشبكات الاجتماعية والمالية والتجارية والاستثمارية الجديدة التي نجمت عن الثروة النفطية. وفي حالات كثيرة كان لتلك الشبكات، ولا يزال، تأثير يتجاوز من حيث الأهمية تأثير ونفوذ الدولة نفسها. وبالقدر نفسه يشمل معنى الحقبة، أيضاً، تيارات أيديولوجية وجماعات سياسية محافظة في مختلف الحواضر العربية.
وفي البيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية لهذه الحقبة، حيث المزاوجة بين الاستهلاك، والربح، والتقوى، نشأت شبكات عربية مالية وتجارية واستثمارية عابرة للحدود، ذات مصالح متشابكة ومتضامنة، ونجح بعضها في تحويل ممثليه إلى حلفاء طبيعيين وشركاء للحكّام في الحواضر، كما هو الشأن بالنسبة لحكومة رجال الأعمال المصرية عشية الثورة. ولنتذكّر أن عملية نهب المصريين بدأت في السبعينيات عن طريق شركات الريّان لتوظيف الأموال في مصر، التي طرحت للمرّة الأولى فكرة المرابحة والاقتصاد الإسلامي، واشتغلت في أموال العاملين المصريين في السعودية وليبيا وبلدان الخليج.
والأهم من هذا وذاك بالمعنى الثقافي (الذي اشتغل على توليده وتعميمه وتسويقه مثقفون ورجال أعمال ودعاة وساسة على مدار العقود الأربعة الماضية) أن الثروة أصبحت بديلاً عن الثورة، وأن السياسة ارتفعت من الأرض إلى السماء. لم تعد المصالح المادية من مأكل وملبس ومأوى وصحة وتعليم تحظى بما تستحق من أهمية بالمقارنة مع المصالح "الروحية" للناس، التي لم يندر اختزالها في قضايا شكلية وهامشية إلى حد مطلق وبعيد، من نوع رضاعة الكبير... .
والأهم، أيضاً، أن ارتفاع السياسة من الأرض إلى السماء وجد تمثيله الأسمى في القضية الفلسطينية، حيث لا خبز ولا فقراء وحرية ولا مصالح يختصم عليها الناس، بل شهداء من ناحية وكفّار من ناحية أخرى. لم يعد الصراع الفلسطيني والعربي ـ الإسرائيلي صراعاً على الأرض، لم يعد حرباً ضد الكولونيالية، بل أصبح صراعاً بين مطلقات دينية موغلة في القدم. والكفاح النقابي السياسي والاجتماعي، وقضايا المرأة والعدالة والمساواة والمواطنة وحقوق الإنسان، تراجعت كلها في عالم انقسم إلى قسمين: مؤمنين وكفّار، وإلى سنّة وشيعة، أو إلى مسلمين ومسيحيين. ومقابل المناضل الوطني، والحزبي، والنقابي، والشخصية العامة المستقلة، صعد الانتحاري باعتباره أعلى مراحل رفع السياسة من الأرض إلى السماء.
من السخافة، بالتأكيد، أن نعزو كل ما شهده العالم العربي من تدهور على مدار العقود الأربعة الماضية إلى أفاعيل أغنياء النفط الجدد، وأيديولوجياتهم الصحراوية، فالنخب الحاكمة في كل مكان من العالم العربي تشم جهة الريح، وتتأقلم مع التحوّلات الجارية في الإقليم وقد أسهمت بدورها في تدمير بلدانها.
كيف تشم النخب جهة الريح؟
صدّام حسين، مثلاً، الطاغية الذي بدأ الحكم بشعارات علمانية اكتشف في سنواته الأخيرة مدى فائدة توظيف المطلق في تبرير السياسة، فتحوّل إلى حكيم تقطر من أهدابه التقوى لا يتكلّم إلا عن الخير والشر. وفي المقابل نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، الذي جاء إلى سدة الحكم على لائحة طائفية أصبح فجأة ديمقراطياً، فأعلن بعد الثورة المصرية أنه لن يترشح مرة ثالثة.
الأكيد أن أغنياء النفط الجدد وأيديولوجياتهم الصحراوية هم أصحاب وسائل النشر والإعلام والاتصال الأكثر انتشاراً، والمصالح المالية الأكثر نفوذاً، وقد أسهموا في توفير البنية التحتية للأيديولوجيات الصحراوية في الحواضر، ولجماعات التطرّف والإرهاب. ولم يدرك هؤلاء حقيقة الوحش الذي أسهموا في تسمينه بالمقويات الأيديولوجية، وحقنه بالمساعدات المالية، سوى بعد هجمات الحادي عشر من أيلول. وهذه حكاية أخرى.
كما أن صعود الحقبة السعودية في سياق، وبالتزامن مع، إنشاء منظومة أمنية وسياسية أميركية في الشرق الأوسط بعد العام 1973، لتأمين استقرار المنطقة، وضمان أمن وتفوّق إسرائيل، وفض العلاقة بين النفط وفلسطين، وبين الثروة والأخلاق في العقود الأخيرة، وسيادة منطق أن كل شيء ممكن طالما كان لديك المال، واللعب بالبيضة والحجر، على طريقة حكّام المشيخة القطرية (وهي من إفرازات الحقبة نفسها وأبرز تجلياتها الكاريكاتورية) حكاية أخرى، أيضاً.
المهم أن الثورة المصرية، وقبلها التونسية، تعيد الاعتبار إلى العلاقة بين المواطن والسياسة. وهذا معنى نهاية الحقبة السعودية. عادت السياسة من السماء الأرض، وأصبح من حق الناس باعتبارهم مواطنين لا رعايا أن يقولوا للحاكم:
كفى، اخرج الآن. لم يفعلوا ذلك لأنه كافر، أو لأنه باع فلسطين، بل لأنه لا يوفر لهم الخبز والحرية، ولأن الحاكم ينسى حقيقة أن ما يصلح للمواطن في الديمقراطيات الغربية يصلح للعربي، أيضاً: انتخابات حرّة، انتقال سلمي للسلطة في مدد معلومة، حرية تعبير وتفكير، مساواة بين النساء والرجال، وحقوق إنسان تكفلها دساتير جديدة. فلم يعد من مجال للكلام عن استثناءات ولا عن خصوصيات تاريخية وثقافية. هذه كلها سقطت بلغة وأدوات العصر. لذا، فإن خير الكلام أوّل الكلام: عَمَارْ يا مصر.
Khaderhas1@hotmail.com



مصر قامت والقيامة الآن..!!




أوّل الكلام: كما قام المسيح من بين الأموات، مصر قامت. والقيامة الآن.
أمّا بعد، في لحظات النصر، كما في لحظات الهزيمة، يجب الحفاظ على الرؤوس باردة. وما لا يحصى من الناس في مصر وخارجها، وكاتب هذه السطور من بينهم، يعدّون أنفسهم في عداد المنتصرين. قبل التحليل السياسي لما حدث في مصر، فلنفكر في المعاني العامة، التي تتجاوز حدود مصر، ولنضع المعاني في سياق أسئلة ربما جاءت على النحو التالي:
1-
أولاً، ما هي هوية الحدث المصري؟
الجواب: ثورة شعبية هي الأولى في تاريخ مصر الحديث، والثانية في العالم العربي بعد الثورة التونسية التي سبقتها بعشرة أيام. (يوم 14 يناير هرب بن علي من تونس، ويوم 25 يناير اندلعت الثورة في مصر).
يستمد التشديد على معنى ودلالة الثورة الشعبية أهميته في سياق التاريخ العربي الحديث نفسه. فعلى امتداد النصف الثاني من القرن العشرين وقعت في العالم العربي سلسلة من الانقلابات العسكرية التي أطلق عليها أصحابها تسمية الثورة. وقد فسد مفهوم الثورة خاصةً بعدما تحوّلت أنظمة الانقلابيين إلى كوابيس ودكتاتوريات سافرة. واليوم، يعيد النموذجان التونسي والمصري إلى مفهوم الثورة اعتباره، بصرف النظر عمّا سيترتب عليهما من نتائج سياسية في تونس والقاهرة.
وإذا شئنا الكلام عن تحوّلات تاريخية في العالم العربي بعد الثورتين المصرية والتونسية، فلنقل إن مفهوم الثورة لم يعد يعني الانقلاب العسكري، لأن المعيار paradigm قد تغيّر. لذا، لم يكن من قبيل المصادفة أن يردد المتظاهرون في الجزائر العاصمة، وفي صنعاء، في الأيام القليلة الماضية، شعار: "الشعب يريد إسقاط النظام". هذه هي كلمة السر الجديدة، التي سنسمعها في أكثر من عاصمة، بصرف النظر عن حظوظ المتظاهرين هنا أو هناك.
ثانياً، ماذا حدث، بالضبط، في مصر وفي تونس؟
الجواب: انهار النظام لأنه نمر من ورق. الأنظمة كلها نمور من ورق. قبل نزول المتظاهرين إلى الشارع بربع ساعة تبدو الأنظمة قوية، واثقة من نفسها، وقادرةً على القتال، لكنها تفقد القوّة والثقة وإرادة القتال بعد الصدمة الأولى. لماذا؟
لدينا جملة أسباب. السبب الأوّل، وهنا أعود إلى الياس كانيتي، أن الغاية القصوى للكتلة البشرية في الشارع هي التوّسع، خاصة بعدما تتحوّل إلى وحدة عضوية تستمد الحيوية من قدرتها على هضم المزيد من القادمين الجدد.
ثاني الأسباب، أن المكلفين حمايةَ النظام خاصةً في أنظمة طويلة العمر، يعيشون أوهام القوّة من ناحية، ويصلون إلى مراكزهم في هرم السلطة استناداً إلى مبدأ الطاعة والاستزلام من ناحية ثانية، وهم عادة أوّل من يقفز من السفينة إذا تسرّب إليها الماء.
وثالث الأسباب، أن قدرة هذا النظام أو ذاك، مهما امتلك من أجهزة الأمن، وقوّة النيران، وإرادة القتال، تبقى محدودة ومحكومة بمنطق العصر. وفي عالم اليوم لا تستطيع حكومة في أي مكان من العالم أن تقتل مائة متظاهر في اليوم بعيداً عن كاميرات التلفزيون، وصفحات الإنترنت، وبرقيات وكالات الأنباء، وأن تنجو بفعلتها وكأن شيئاً لم يكن.
ورابع الأسباب، وهنا أعود إلى أورتيغا غاسيت، أن النظام لا يبقى لأنه يملك السجون والشرطة وأجهزة الأمن، بل يبقى لأن الناس يوافقون على بقائه، فإذا انتفت الموافقة يصبح انهياره مسألة وقت.
وأزعم أن هذه الأسباب، مجتمعةً، تفسّر ما حدث في مصر وفي تونس. ولكن تجدر الملاحظة أن أحداً لا يستطيع الإجابة عن أسئلة من نوع: ولكن لماذا وقعت الثورة اليوم، بالذات، ولم تقع قبل شهر، ومتى تقع في هذه العاصمة أو تلك؟
ثالثاً، وكيف وقع ما وقع؟
الجواب: بلغة العصر وأدواته. ثمة علاقة عضوية بين التكنولوجيا وأشكال التعبير السياسي. الثورات القومية البرجوازية في أوروبا النصف الثاني من القرن التاسع عشر انتشرت في أوروبا مع انتشار خطوط السكك الحديدية. القومية نفسها نشأت بعد اكتشاف وتعميم الطباعة والمطبعة. ثورة البلاشفة في روسيا ارتبطت بالجريدة والمطبعة. وفي العالم العربي ارتبطت الحركة الشيوعية العربية بمطبعة الستانسل والمنشور، والقومية العربية الناصرية بصوت العرب والراديو، والثورة الإيرانية ارتبطت بأشرطة الكاسيت، والإسلام السياسي في العالم العربي ارتبط بالكاسيت والفيديو، وفي مرحلة لاحقة بالتلفزيون والإنترنت. واليوم في مصر وتونس لعبت صفحات الإنترنت، والرسائل النصية، وكاميرات الهاتف المحمول، دوراً حاسماً في تبادل المعلومات وفي تجميع وتنظيم الشبّان الذين أشعلوا الشرارة الأولى.
رابعاً، ولكن من هم هؤلاء؟
الجواب: إذا قلنا إن الشبّان، وهنا أقصد الذكور والإناث، هم الذين أشعلوا الثورة، أو كانوا نواتها الأولى، فإن الخلاصة المنطقية هي أن ما فعلوه ينطوي في جانب كبير منه على معنى التمرّد على السلطة الأبوية. فالأنظمة القائمة في العالم العربي، والحقبة السعودية التي بدأت منذ أوائل السبعينيات وانتهت في الخامس والعشرين من يناير الماضي، كلها تعني السلطة الأبوية. وهي، بالتحديد، خلاصة التعبير السياسي والثقافي والاجتماعي لما أسماه هشام شرابي، قبل عقود، البنية الأبوية (البطريركية) للمجتمع العربي.
في تونس على الأرجح، وفي مصر إلى حدٍّ كبير، جاء هؤلاء من أوساط الطبقة الوسطى، التي تعرّضت للإفقار، والتي تملك أيضاً قابلية عالية للتأثر بما يدور من حولها، وفي العالم. وكما أن الثورة في مصر وتونس جاءت بلغة وأدوات العصر، أي أجهزة الاتصال الحديثة، فقد جاء التعبير عنها، أيضاً، بلغة ومزاج العصر، أي بطريقة سلمية، وشعارات تخلو من الدم والثأر، بلا عنف، أو دعوات أيديولوجية.
بيد أن حقيقة ما حدث تتجاوز النوّاة الشبابية الأولى. الصحيح أن مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية في مصر وتونس هي التي صنعت الثورة وشاركت فيها. وما يستحق النظر والاهتمام في هذا الصدد أن لغة ومزاج العصر كانا أقوى من تحيّزات وشعارات القوى السياسية المنظمة، ومن بينها جماعات الإسلام السياسي.
الخلاصة: ثورة بلغة وأدوات العصر، وهي في الجوهر ثورة على السلطة الأبوية، بالمعنى الكبير للكلمة. وهذا مؤشر من مؤشرات المستقبل.
2-
فلنفكر، الآن، في السياسة. والتفكير يمكن أن يُصاغ في أسئلة من نوع:
أولاً، هل تحقق الثورة أهدافها؟
الجواب: الأهداف واضحة: لا رئاسة إلى الأبد، ديمقراطية، حرية وعدالة اجتماعية، تداول سلمي على السلطة، وتعددية سياسية، وثقافية، واجتماعية، ومواطنة.
يمكن، بالتأكيد، صياغة هذه المطالب بصياغات مختلفة، لكن المضمون لن يتغيّر كثيراً. فلا ديمقراطية بلا مواطنة، ولا مواطنة بلا مساواة، ولا مساواة بلا عدالة اجتماعية، ولا عدالة اجتماعية بلا سيادة قانون، ولا سيادة لقانون بلا دولة مدنية، ولا دولة مدنية بلا مضامين علمانية.
هذه المفاهيم لن تتحقق دفعةً واحدةً. ولكن خطوة الألف ميل قد بدأت بالفعل. والمسألة، هنا، لا تتعلّق بموقف الجيش في مصر من الثورة، واحتمال استفراد العسكريين بالحكم، أو تجديد النظام البائد لنفسه. فهذه الأشياء، كلها، تنتمي إلى الماضي.
بيد أن الحكم عليها بهذه الطريقة لا يعني أن التحوّل الديمقراطي سيحدث في فترة زمنية قصيرة أو بلا عقبات. ثمة الكثير من العقبات الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحتاج إلى تذليل. لذلك، يصعب القول إن التحوّلات الديمقراطية التي اجتاحت أوروبا الشرقية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية ستكرر نفسها في مصر بالسرعة نفسها.
لن يكون في مصلحة الرجعيات العربية (ولنُعد لهذا المفهوم الذي سقط من التداول اعتباره) ظهور ديمقراطية حقيقية في مصر، وهذا ينطبق على قوى إقليمية ودولية مختلفة. فلنقل إن السنوات العشر القادمة هي الحاسمة في مستقبل مصر والعالم العربي.
ثانياً، إذا أصبحت الانتخابات حرّة هل يحكم الإخوان المسلمون؟
الإخوان المسلمون جزء من الشارع السياسي. هذه حقيقة. ولكن ثمة حقيقة إضافية لا تقل عنها أهمية نستمد الدليل عليها من الثورتين التونسية والمصرية، وأعني بذلك أن الإسلام السياسي لم يُطلق شرارة الثورة في البلدين، ولا كان عمودها الفقري، ولا كانت شعاراته الرئيسة شعاراتها. وثمة ما يبرر القول إن نصيب الإسلام السياسي في الشارع، أقل بكثير من نصيبه في الإعلام.
فلنعد إلى المعادلة التقليدية التي رسخت في الأذهان على مدار العقود الثلاثة الماضية: إما أنظمة الاستبداد، التي يوصف بعضها في أجهزة الإعلام الغربية بالعلمانية، أو أنظمة الإخوان المسلمين. والواقع أن الأنظمة الاستبدادية نفسها هي التي أسهمت في ترسيخ هذه الفكرة، إلى جانب الحكومات وأجهزة الإعلام الغربية، والجزيرة القطرية، وإسرائيل. وكان في الإمكان، ولأسباب مختلفة، التدليل على صحة وصواب هذا التحليل إما من خلال الفوز الانتخابي لحماس في انتخابات المجلس التشريعي في الضفة الغربية وغزة، أو في الانتخابات النيابية المصرية ما قبل الأخيرة.
وهذان النموذجان يحتاجان لإعادة نظر، فالتصويت لحماس الفلسطينية لم يكن لبرنامجها بقدر ما كان تعبيراً عن الاحتجاج ضد حركة فتح، التي ارتكبت ما ارتكبته الأحزاب الحاكمة في العالم العربي من أخطاء، وبالقدر نفسه كان التصويت في الانتخابات البرلمانية المصرية احتجاجاً على النظام القائم.
بمعنى آخر، في ظل انتخابات حرّة ونزيهة، لا يمارس فيها الناخبون الاحتجاج ضد نظام قائم، فإن قدرة الإسلام السياسي على حصد أصوات الناخبين تظل محدودة، وربما لن تزيد على عشرين بالمائة وما دون، من الأصوات.
ثالثاً، وما هي مصر ما بعد الثورة؟
الجواب: لن نملك إجابةً واضحةً حتى أواخر هذا العام. فمصر مشغولة بوضعها الداخلي، وكل سياسة محتملة لن تتضح قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وفي جميع الأحوال لن تكون مصر بعد الثورة هي نفسها ما قبلها. بيد أن خلاصة كهذه لا تعني انتظار تحوّلات درامية في المدى القصير والمتوّسط في العلاقات المصرية ـ الأميركية. ستبقى مصر حليفة للولايات المتحدة، لكن شروط التحالف ستتغيّر.
وكذلك الأمر بالنسبة لمعاهدة الصلح المصرية ـ الإسرائيلية. لن يُسارع المصريون إلى إلغاء المعاهدة، أو إلى افتعال صدام مع إسرائيل، لكن موقفهم من إسرائيل سيزداد تصلباً، وهذا ما سينعكس على موقف مصر من المسألة الفلسطينية.
عموماً، لن يقبل قادة مصر الجدد، على الأرجح، بعد الانتهاء من حل مشاكلهم الداخلية، فقدان مكانتهم المركزية في العالم العربي، التي تدهورت في العقود الأخيرة إلى حدّ أصبحت معه عرضة للسخرية من جانب مشيخات نفطية إذا حضرت لا تُعد وإذا غابت لا تُفتقد. وبالتالي، فإن قياس موقفهم من المسألة الفلسطينية، ومن إسرائيل والولايات المتحدة، ومن المتطاولين عليهم في العالم العربي، سيعتمد على مدى فهمهم ورؤيتهم لدور مصر ومكانتها.
ثمة مسائل الأمن القومي: النيل، والحدود، والقدرات العسكرية والاقتصادية، والمصالح الإستراتيجية في الإقليم. وقد تهاون النظام، كثيراً، في هذا الجانب. وإذا افترضا أن مصر وضعت قدمها، اليوم، على سكة التغيير في كافة القطاعات التعليمية والعلمية والثقافية والصحية والزراعية والصناعية، وقضايا البطالة والتشغيل والسكن وتحديث الريف، ومعالجة تداعيات الانفجار السكاني، وتنظيم الموارد، وسداد الديون، فلن تحصد نتائج حقيقية تمتاز بالديمومة والتراكم الإيجابي قبل مرور عقدين من الزمن.
هذه تحديات مرعبة. لكن مصر قامت. وفي قيامتها ما يشبه قيامة المسيح، الفكرة التي لا تحتمل التفكير والتأويل إلا باعتبارها مجازاً لإرادة الروح في التاريخ. عودة إلى الهيغلية. ربما، ولكن بلا استطرادات رومانسية. كل ما في الأمر أن الشعوب، كما الأفراد، يجب أن تحلم، وأن الأحلام الجمعية مُوّحدة وتوحيدية. وحلم الحرية والديمقراطية اسم من أسماء القيامة في عالم العرب هذه الأيام.
حسن خضر
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 06-07-2011, 06:02 PM بواسطة فضل.)
06-07-2011, 05:58 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الرهان الحقيقي على دمشق..!! - بواسطة فضل - 06-07-2011, 05:11 PM,
الرد على: الرهان الحقيقي على دمشق..!! - بواسطة فضل - 06-07-2011, 05:58 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  هل تمثل داعش الاسلام الحقيقي؟ لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة 105 4,753 07-01-2014, 04:48 PM
آخر رد: vodka
  الإسلام السياسي هو الإسلام الحقيقي vodka 1 508 02-25-2014, 03:55 PM
آخر رد: نوار الربيع
  معاناة النازحين داخل دمشق بسام الخوري 0 460 09-28-2013, 06:55 PM
آخر رد: بسام الخوري
  معركة الحسم في دمشق مسلم 2 711 04-21-2013, 04:55 PM
آخر رد: مسلم
  من بطولات الجيش الحر- تفجير دموي اخر في دمشق لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة 17 2,408 04-09-2013, 08:25 PM
آخر رد: forat

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 11 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS