كيرياليسون
ماذا حدث في ماسبيرو ؟
كاي مأساة اغريقية , يفقد الحديث معناه اذا تخيّلنا ان هذا الحدث كان يمكن تجنبه , حتى لو ارسل ( بريام ) ابنه المشئوم ( باريس ) الي اخر البلاد , فان الالهة تتدخل دائما لصالح ( المأساة ) ....ماسبيرو !
و لئلا تمسى حكايتنا للاحداث كحكايات (هومير ) - مع ان حكاية غيرنا مضحكة كشخصيات (اريستوفان) الهذلية - فاننا سنعتمد تماما على رواية (لجنة تقصي الحقائق ) , و سنظلل عبارات التقرير
باللون الازرق لتمييزها .
يبدأ اليوم المشئوم 9 \ 10 \ 2011 بمسيرة
تتجاوز خمسين ألف متظاهر , اما و ان قال شهود انها كانت
مظاهرة سلمية , فانني اظن ان هذا العدد الكبير يمنع التأكد من هذه المعلومة , بل ان الاحداث السابقة ( غراب ) ينذر بان الشرطة العسكرية ستفض المظاهرة بالقوة مثلما كان قبل ذلك , فمن يضمن ان احدا ممن عاصروا الاحداث السابقة , سينزل هكذا ابيض اليد و على استعداد ليتم سحله .... ثانية ؟
اظن ان منهم من احتمى بـ(كثرة العدد ) بينما حاول البعض الاخر حماية نفسه .....بطريقة ما ,
لكن فرضية حمل الاقباط للسلاح تبدو بعيدة عند معرفة انه لم ترد اي اشارة واحدة في اي مكان عن اي اصابات وقعت نتيجة استخدام الاقباط لاسلحة اثناء الاعتداءات الثلاثة التى تعرض لها الاقباط في مسيرتهم ....قبل ان يبدأ الاقباط بالدفاع عن نفسهم ضد الاعتداء الرابع عليهم , ضد اعتداء قوات الجيش ...المصري !
نعم , ثلاثة اعتداءات ترصدها لجنة تقصى الحقائق تعرضت لها مسيرة الاقباط دون رصد اي خسائر و اليكم بيانها
1-
تعرضت المظاهرة عند نفق شبرا للقذف بالحجارة والزجاج من أعلى نفق شبرا من قبل بعض المدنيين المجهولين القادمين من منطقة السبتية مرددين هتاف (إسلامية إسلامية)، بالإضافة لإطلاق الأعيرة النارية من مصدر مجهول على المتظاهرين.
2-
عند كوبرى 26 يوليو أثناء عبور المظاهرة أسفل الكوبري، تعرض المتظاهرون إلى القذف بالطوب والحجارة والزجاجات الفارغة من مجاميع من المدنيين المجهولين فى منطقة بولاق ابو العلا، وتم إطلاق أعيرة نارية عليهم دون أن تحدث إصابات للمشاركين في المظاهرة.
3-
جرت بعض المناوشات بين أمن المبنى - مبنى الأهرام - وبعض المتظاهرين ، ولكن تم احتواء الموقف من قبل بعض المتظاهرين
و مثلما ان هذا الجمع القبطي لا يمكن السيطرة عليهم , فان حيازة اي متظاهر للسلاح و من ثم استخدامه وارد في اي مرحلة من مراحل هذه الرحلة الاسطورية .... الطريق الي ماسبيرو !
اما الجرائم التى تم ادعاء حدوثها , فكلها تتلخص في الاعتداء الرابع ضد الاقباط ..... اعتداء قوات الجيش النظامية !!!
4-
تحركت قوات الشرطة العسكرية لتوقف تقدم المظاهرة، وألقى بعض الأفراد الحجارة وزجاجات المياه البلاستيكية على قوات الشرطة العسكرية المتقدمة صوبها، وقامت قوات الشرطة العسكرية بتفريق المتظاهرين باستخدام الدروع و الضرب بالعصي الخشبية. كما أطلقت الرصاص الفشنك لتفريق المتظاهرين
هنا لا يوضّح التقرير لماذا بدأت قوات الشرطة العسكرية في وقف تقدم المظاهرة , خاصة ان التقرير يرصد
وقفة الاحتجاجية السلمية الموجودة أصلا منذ الساعة الخامسة بمنطقة ماسبيرو
و هل صدرت الاوامر لفض هذه المظاهرة مثلما حدث يوم 4 \ 10 \ 2011 , ام ان شيئا جديدا قد حدث , لا يذكر التقرير اي من هذا , انما ما لا يذكره التقرير تذكره الحوادث التى شهدها التحرير من قبل
في التحرير لا تعرف لماذا بدأت الشرطة بالضرب , لكنك تعرف انها بدأت الضرب , و بضراوة , و هنا بدأ الثوار في تكسير اصابع الشرطة , و بكل قوة .... و مع ذلك , فان ثورتهم سلمية .
ادعّى بعض المغيبين , ان الجيش لو كان قد ضرب الاقباط , لتمت ابادتهم فورا , و مثلهم لا يعلم ان الشرطة نفسها تملك من الاسلحة ما يمكنها من ابادة ميدان التحرير كاملا لو ارادت , لكن اوامر سحق المتظاهرين لا تكون بهذه الصورة ...لماذا ؟
لان عسكري الشرطة مصري ... و عسكري الجيش مصري , و في النهاية , فان شبح التمرد العسكري و الانقلابات العسكرية لايمكن ازالته من الذهنية الامنية او التاريخ العسكري , اولا يؤثر هذا على هكذا قرارات؟
بل و حتى اولئك القوميين العروبيين يدينون مجازر اسرائيل في غرة و يتهمونها باستخدام العنف - و نحن معهم - بالرغم من ان عنف دولة كدولة اسرائيل لا يعني الا ابادة غزة كاملة , وهو لم يحدث , فكيف يتم ادانة ( جيش اسرائيل ) ولا يتم ادانة ( جيش مصر ) بحجة ( عدد القتلى ) ؟
اذن , فاننا لا نحتاج الي ملايين القتلى , لنتكلم عن ادانة الشرطة , كذلك لا نحتاج الي المليارات لنتكلم عن ادانة الجيش .
و لكن هل يتصور وقوع اصابات في قوات الجيش من مظاهرة سلمية ؟
يشير ( تقرير لجنة تقصى الحقائق ) الي اعتداء الاقباط على قوات الجيش فيبدأ بحادثة القاء ((
بعض الأفراد الحجارة وزجاجات المياه البلاستيكية على قوات الشرطة العسكرية المتقدمة صوبها )) كرد فعل على هجوم الشرطة العسكرية , مما يعيدنا الي ذكريات التحرير
في التحرير , و عندما تبدأ غريزة البقاء في العمل , فان كل شئ في يدك يتحول الي سلاح ....فتّاك !
كميّة الحجارة التى تم تكسيرها من ارصفة ميدان التحرير و كل ارصفة مصر , ربما فاقت كمية الحجارة التى القاها الفلسطينيون على الاسرائيليين في احد انتفاضاتهم الاخيرة .
لذا , فلا يمكن استبعاد رصد لجنة التقصي حين تقول
حاول بعض المتظاهرين اثر ذلك ملاحقة بعض أفراد الشرطة العسكرية فى أماكن تمركزهم مستخدمين العصي والحجارة .
و
رشق بعض المتظاهرين بعض أفراد الشرطة العسكرية بالحجارة و استخدموا العصى ضدهم
و
قام بعض المتظاهرين بالقفز على إحدى المركبات المدرعة، كما قام آخرون بإضرام النار فى المركبة المدرعة التى علقت نتيجة اصطدامها بحائط خرسانى
و
قام أحد المدنيين باستقلال ناقلة للجنود و حاول قيادتها ثم قفز خارجا منها، مما أدى لاصطدامها بعربتين جيب من مركبات الشرطة العسكرية والتي كادت أن تدهس بعض المتظاهرين .
و
تم إشعال النيران في أحد الأتوبيسات التابعة للشرطة العسكرية وأيضاً بعض السيارات الخاصة بموقع الحدث من قبل بعض المدنيين، وذلك وفقا لبعض الشهادات.
و اخيرا
قام أحد المدنيين بالصعود إلى أحدى ناقلات الجنود التي شاركت في الدهس وقذف الجندي الموجود بها بحجر ضخم.
اذن , لا وجود لتسليح المتظاهرين كما يزعم البعض , انما تأتي الروايات المثيرة عن الاسلحة متناقضة مما جعل لجنة تقصى الحقائق تصيغها بالشكل التالي
وفى نفس وقت إطلاق الشرطة العسكرية لطلقات الصوت (الفشنك) فى الهواء لتفريق المتظاهرين، تم إطلاق أعيرة نارية حية على المتظاهرين من مصادر لم يمكن تحديدها بدقة، وسقط عدد 7 من القتلى والعديد من المصابين من المتظاهرين ، وكذلك سقط أحد القتلى وعدد من المصابين من أفراد القوات المسلحة (الشرطة العسكرية). وأفاد العديد في شهاداتهم أن الذخيرة الحية كان مصدرها الشرطة العسكرية، باستخدام البنادق الآلية ضد المتظاهرين ، وقد نفت القوات المسلحة إطلاق النيران على المواطنين، ويؤيد ذلك العديد من الشهادات التي أكدت استخدام الشرطة العسكرية لطلقات الفشنك ولم تستخدم الذخيرة الحية.
و
وأكد عدد من الشهود أن بداية إطلاق النار كانت من خلال عدد من المدنيين المجهولين اندسوا على المتظاهرين واختلطوا بالمظاهرة بدراجات بخارية (موتوسيكلات) فى الاتجاه المعاكس لماسبيرو، وقاموا بإطلاق النار على المتظاهرين وعلى قوات الشرطة العسكرية. ويؤيد ذلك شهادة أخرى أكدت رؤية قناص مسلح على مطلع كوبري أكتوبر المواجه للمبنى المجاور لفندق رمسيس هيلتون يطلق الرصاص على المتظاهرين والشرطة العسكرية وحوله مجموعة تساعده، والعديد من الشهادات التي أكدت تعرض المظاهرة لإطلاق الرصاص الحي مرتين أتناء مسيرتها من شبرا إلى ماسبيرو، عند نفق شبرا وكوبري 26 يوليو.
و
وقد أكد العديد من الشهود في شهاداتهم وقوع المصابين والقتلى نتيجة إطلاق الأعيرة النارية الحية، ولكنهم لم يتمكنوا من تحديد القائم بإطلاقها
و
أول القتلى نتيجة إطلاق الأعيرة النارية الحية كان احد أفراد الشرطة العسكرية، وهو ما يؤيد أن المدنيين المجهولين أطلقوا النار على المتظاهرين والشرطة العسكرية.
اذن , ثمة تضارب حول مصدر الرصاص الحي يحتاج الي تحقيق مستحيل ,
اذ ان الانصاف و التجرد ( الديكارتي ) مستحيل , فان كانت هذه الظاهرة تجدها في عالم الفكر , بل و حتى عالم الرياضة حين يستفزك لاعب كرة القدم حين يصيب خصمه ( فاول ) ثم يرفع يده و كأنه لم يفعل شيئا , بل و يعترض على الحكم اذ يعاقبه على هكذا خطأ
فان كانت هذه هي الطبيعة البشرية , فليس اقل منها من تاريخ هذه المأساة ..... ماسبيرو
و سيبقى رد كل واحد فيهم ( مش انا ) !!!
لكن الذي نشير اليها كدليل على قابلية تكرار ( الماريناب ) بل و تكرار ( ماسبيرو ) نفسها , نجده في ذكر التقرير لبعض المشاهد مثل
تم الاعتداء على المتظاهرين أيضاً فى المنطقة بين كوبري أكتوبر وعبد المنعم رياض، حيث تم رشقهم بالحجارة من مدنيين مجهولين، وذلك على مرآي من قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزى، وذلك وفقاً لرواية الشهود.
ووقع اعتداء آخر أمام المستشفى القبطى فقام عدد من المدنيين المجهولين والبلطجية بالتجمهر حول المستشفى وقاموا بقذف الحجارة وإطلاق الأعيرة النارية تجاه أهالي المصابين الموجودين أمام المستشفى. ولم تقع إصابات نظرا لإسراع اهالى المصابين بالدخول الى مبنى المستشفى طلبا للحماية. وكانت تلك المجموعات تردد عبارات (النصارى فين المسلمين اهم والشعب والجيش ايد واحدة ) وبعد ذلك قاموا بإشعال النيران فى احد الأتوبيسات وسيارة ملاكى مملوكة لأحد المواطنين.
ومن الشهادات الموثقة والملفتة للنظر رواية أحد الشهود حول تعرضه للاعتداء من بعض البلطجية، حيث شاهد عدد من البلطجية يقومون بالاعتداء على متظاهرين حاملين لافته (قانون دور العبادة الموحد) وبتدخله لمناقشة الأمر والاستفسار عن سبب الغضب العارم تجاه اللافتة، سألوه عن ديانته فأخبرهم أنه مسيحي، فقاموا بالاعتداء عليه وضربه ضربا مبرحا وقال له أحدهم (مش إنتوا الى جايين تقتلوا الجيش إحنا الى هنقتلكم) وقام بطعنه فى الرقبة مستخدما (مطواة) وألقاه على الأرض، وبعد ذلك تم وضعه فى سيارة قمامة من قبل أمين شرطة لحمايته من البلطجية و تم نقله إلى مستشفى معهد ناصر حيث تم إنقاذه .
اغلب هذه الروايات محفوظة في ذاكرة اليوتيوب , و لأنكم تعرفون الان تفاصيل ماسبيرو مثلما تعرفها لجنة تقصى الحقائق , بل مثلما يعرفها كل العالم ما عدا من اقتنعوا بنظريات المجلس العسكري , فانني اشير الي لقطة واحدة تلّوح باننا في انتظار ....ماسبيرو كمان و كمان !
http://www.senksar.com/vb/showthread.php?t=177942
هذا هو ما حدث في ماسبيرو , و هذا هو الدليل على امكانية تكرارها , فماذا نفعل ؟
يتبع