حلمه مع ر :
ألم يقل انه لا مكان للندم أو المثالية في الاحلام ؟ وإنما رغبات مكبوتة ؟
الرغبة والرقابة :
وضع الرغبة و وضع الندم .. كلاهما في الحلم كما فسره .. فعلى اي اساس جعل الرغبة هي النابعة من الاعماق ، بينما الرقابة قادمة من السطح ومن الخارج ؟ هذا ينبئ عن رغبته هو في تسطيح المشاعر الطيبة ، و نفي جذورها الضاربة في النفس ..
حلم السمك المدخن :
واضح تفسير الاحلام عند فرويد أنه مرتبط بالرغبة بالشر ، هذا هو التفسير الفرويدي للأحلام .. وكل حلم يقابله يفسره بأنه رغبة للشر ولكنها مكبوتة ، ولاحظ كثرة تفسيره للأحلام بالحقد الدفين ، ولو سال الحالمين هل انتم تحقدون ، لتفاجئوا بهذا السؤال ، فهو يريد ان يجعلهم حاقدين رغما عنهم ، وهذا ما اضطره لاختراع فكرة العقل الباطن الذي لا يعيه صاحبه ، ليجعله مخرجا وخزانا للشرور والغرائز المنفلتة والانانية التي تريد ازالة الجميع عن الوجود ، ليقول للشخص : أنت تحقد أو ترغب جنسيا ، فيرد الآخر : إن هذا لم يدر في خلدي ، فيقول: لا !! هو دار في خلد عقلك الباطن ، الذي لا تعرفه وأنا الذي اعرفه !!
نلاحظ ان انصار فرويد يعظمون ويجلون اكتشافه لما يسمونه بالعقل الباطن ، لأنه هو المخرج لتوهيم الناس بان قلوبهم مليئة بالشرور ولكنهم لا يعلمون ، لأن العقل الظاهر يحاربها ويراقبها ويمنعها من الظهور للسطح ، مما يساوي أنني انا وانت والاخرين عبارة عن اشرار ، لكننا لا نعرف مدى ما نحمله من شر .. وهذا ما يفسر لنا اضطراره لفكرة الهو و الانا والانا الاعلى ، كحل لهذا المأزق ..
هكذا فكّر فرويد .. وهذه هي وسائله لادخال هذا الوهم الخطير الى المجتمعات .. ومن خلال هذه الفكرة اللعينة (العقل الباطن الشرير) ، من الممكن توهيم الآخر بما لا يدركه ولا يحسه بكل بساطة .. ولاحظ أن هذه الطريقة طريقة سحرية وليست علمية ، لأنه يحيل الشخص الى مجهول ، وهو العقل الباطن الذي لا يحس ولا يدرك على حسب افتراضه .. مع ان هذا المجهول لا وجود حقيقي له ، فكيف يوجد شيء لا يدركه عقل صاحبه وهو فيه ؟ وكيف نتذكر اشياء لا نتذكرها ؟
لهذا كبروا كلمة "اكتشاف العقل الباطن" ، ففرويد اكتشف غير الموجود في الحقيقة ، لكي يوصّل ويؤصل من خلاله وجود الشر في الانسان . و ليعتبر الخير شيء طارئ صنعه المجتمع ليس الا .. لاحظ انه لا يرجع الخير الى العقل الباطن ، فقط يرجع الشرور والاطماع والاحقاد والشهوات و الوحشية .. اذا فرويد لم يرد خيرا بالبشرية ، واراد ان يحولهم الى الشر والفساد والتدمير .. كأنه يقول لهم : هذه هي طبيعتكم فلا تنفروا منها واستجيبوا لها ..
لاحظوا ولا ننسى ايضا ، أن فرويد كان يمارس التنويم المغناطيسي و فشل فيه ، فاضطر الى اختراع هذه الخدعة لكي ينوم الجميع دفعة واحدة .. ونجح بتنويمه للغرب دفعة واحدة ..
كل محاولاته من اجل ان يسقط الدين والاخلاق .. وهو شخص ملحد و يهودي الاصل وعضو في منظمة بناي بريث القومية المتطرفة ، و الجميع يعرف ان القومية المتطرفة اليهودية تحمل عداء للاديان والشعوب الاخرى (الجوييم) ، و تريد ان تنتقم منهم وتعيد لهم نفس التهم التي الصقوها باليهود عبر التاريخ ، مثل الحقد والطمع والشهوانية والمادية والانانية والجشع الخ .. هذه النقاط هي التي يفسر من خلالها فرويد ليس الاحلام فقط ، بل الانسان كله .. كي يقول : ما فيش حد احسن من حد .. و مع الاسف ليست افكار فرويد فقط التي تنحى هذا المنحى ، هي نفس افكار الماديين و الماسونيين النورانيين ، إلخ السلسلة المادية الالحادية و العدمية .
كل انسان لا شك انه تخطر عليه خواطر من الرغبات الفجة والشهوانية ، و غالبا يطردها بسرعة .. على هذه الهمزات الشيطانية اعتمد فرويد (اي كأن الشيطان هو اصلنا) ، و كأنه يقول لكل شخص : ما دام انها تاتيك مثل هذه الخواطر و تحاربها ، اذا العقل الباطن هو الذي اتى بها ، و العقل الواعي صنيعة المجتمع والدين والحضارة هو الذي طردها ، اي ان الطارئ يطرد الاصلي ، ومن هنا صدقه الكثيرون بوجود منطقة العقل الباطن الشريرة الوهمية .. و نسي او تجاهل ان الانسان تاتيه خواطر خيرة و يطردها احيانا .. على اعتبار انها مثالية و صعبة التطبيق .. فلماذا لا يقول انها جاءت من العقل الباطن ايضا ؟
واذا كان العقل الظاهر هو الذي يرد داوفع العقل الباطن (الشريرة طبعا حسب فرويد) ، فمن الذي رد تلك الدوافع الخيرة والمثالية والتي تمر ايضا بنفس الطريقة ؟ وهي بالطبع لم تاتي من العقل الظاهر الذي صنعه المجتمع حتى يقول ان العقل الباطن هو الذي ردها ! لأنها ببساطة غير موجودة في المجتمع بسبب مثاليتها الزائدة .. ثم اذا كان العقل الظاهر هو المسيطر وهو خيّر كما يراه فرويد و مـُقحـَم على العقل الباطن ، اذا لكانت الدنيا جنة ، فمن اين هذه الشرور التي لا تتوقف ليل نهار وفي كل مكان على ظهر الارض ؟
كل ما في الامر ، اذا اردت ان ترد على فرويد : انظر الى الجانب المظلم الذي همّشه و سلِّط أنت الضوء عليه .. وهنا يهرب شيطان فرويد كما تهرب بقية الشياطين اذا رأت النور ..
لاحظ نيته الخبيثة في تركيزه على ناحية الرغبة في الاحلام ، و كأنه يقول : ان الرغبة ، وليس الخوف من الله أو الخطأ ، هي محرككم الاصيل ، فتحركوا بموجب الرغبة ، و ما الرغبة الا شهوات كالجنس أو شرور كالانتقام .. فأطلقوها حتى تستجيبوا لذواتكم وتكونوا انتم ، وبالتالي تشفون من امراضكم العصبية ! .. مع ان الناس يعرفون ان اكثر احلامهم تصوير لقلق ومخاوف ، وليست رغبات .. بل هي الاقل في الاحلام .. فالخوف هو سيد الاحلام ،
ثم هو يفسر الخوف بانه رقابة من العقل الظاهر على الحلم ايضا .. واذا كان العقل الظاهر يراقب الحلم بهذا الشكل ، فلماذا يسمح بالتجاوزات اللامنطقية في الحلم ؟
هو يحيلنا على وهم ، فكيف يسمى عالما ؟؟ العالم هو من يحيل الى وضوح .. وليس الى الغموض .. ما الفرق بينه وبين الساحر والمشعوذ ؟؟ الساحر يحيل سلوك الانسان وامراضه الى السحر ، واذا قلت له : ما هو السحر واين السحر ؟ قال لك : هو شيء غامض لا يعرف ، والساحر فرويد يحيلك إلى العقل الباطن .. وهو شيء غامض ومبهم ولا يحسه صاحبه ولا يعرفه إلا من خلال فرويد ..
اذا فرويد مثل الساحر : يحيلنا على مجهول .. لكنه سمي عالما وبقي الساحر ساحرا وبقي المشعوذ مشعوذا ..
هذا مع أنه لا يعتمد على شيء علمي في تفسيراته .. و كل ما يقوله عن ان سبب الاحلام هو الرغبة ، تستطيع ان تقول أن سبب الاحلام هو الخوف .. حتى لو كانت الرغبة ظاهرة في الحلم ، تستطيع ان تقول انه خوف من ذهاب تلك الرغبة .. كل ما في الامر هو أن فرويد فسر لنا نفسه و ما تنطوي عليه ، ولم يفسر الاحلام كما هي ولا الإنسان كما هو ..
اذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه .. وصدّق ما يعتاده من توهم ..
وهذا هو ظن فرويد : احقاد وشهوة انتقام وشهوات جنسية إلخ .. من العفن العميق في نفوسنا حسب وجهة نظر فرويد ، والذي يتجمّل هو لكشفها لنا .. اي يتجمل عن طريق قبحنا ..
هذا اختزال كريه لمكنونات النفس البشرية ، و تعسّف كل صورة للاحلام على انها من النوع السيء .. والإنسان – اي انسان- كما يعلم الجميع ، ليس كله سيء ، فلماذا اذاً تكشفه احلامه على انه ليس فيه الا السوء ؟ هنا يكون الشك في الكاشف وليس في المكشوف ..
لا اظن فرويد انه يستطيع ان يفسر حلما واحدا على محمل اخلاقي يحمل الخير و الرقي .. ان هذا الشيء يتعبه .. وحتى في تحقيقاته مع الحالمين ، يتلمس خيوطا للرذيلة يتمسك بها حتى يعيد جدلها بقوة .. ويبني عليها حكمه ..
انتهت الحلقة الثانية ..
وتليها الحلقة الثالثة بإذن الله ..