على المصطبة جلست والدتي وضربت كفًا بكف وقالت لبقية النساء ضاحكة: "شوفي ياختي، يوضَع سره في أضعف خلقه". منها تعلمت أول دروس اللاهوت في كيفية نظري إلى نفسي وإلى الآخرين. كل شخص أقابله هو سر الله الظاهر. فلان، قد يكون مسلم أو ملحد أو أي ملة ولكن سر الله فيه، حتى وإنْ لم يشعر هو/ هي بذلك. المهم أن نشعر نحن بذلك فنبصر افتقاد الله في هذا الشخص اللي واقف قدامنا. افتقد الله شعبه. افتقد الله الإنسانية. أريد يا رب رؤية الإيمان واللي بواسطتها أقدر إني أعاين إعلان الله وكشفه عن ذاته في التاريخ وبأشكال متنوعة ودرجات متفاوتة. كل إنسان ألقاه هو معجزة من معجزات ربنا تتحرك وتمشي على ساقين. كل إنسان يكشف لي عن حضور الله في حياتي. بالتدريج يكشف الله عن نفسه ولا شيء في التاريخ البشري يحدث بشكل اعتباطي. دعونا نعانق كل إنسان نلقاه على أنه/ أنها ظهور الله. أنا ظهور الله. أخي محمد هو ظهور الله. الله ظاهر فيه بشكل معينة وبنسبة معينة. الله ظاهر في كل إنسانة وسره حاضر في كل إنسان ألقاه.
وعندها انضم إبراهيم إلى بقية النسوة وقال معهن بصوت واحد: "شوفي ياختي، يوضع سره في أضعف خلقه". وعندها تعلم إبراهيم سران: سر الله وسر الإنسان.