{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
إدارة التنوُّع في سورية
فارس اللواء مبتعد
باحث عن أصل المعارف
*****

المشاركات: 3,243
الانضمام: Dec 2010
مشاركة: #16
الرد على: إدارة التنوُّع في سورية
6. المجتمع المضاد
لم يأت النظام السوري إلى مواقع الحكم من خلال سيرورة طبيعية للحياة السياسية بما تفترضه من تنافس بين شخصيات وأحزاب وانتخابات، وإنما أتاها بواسطة انقلاب عسكري أطاح أصحابه بسلطة قائمة ونصَّبوا أنفسهم مكانها. ولذلك اجتهد النظام الذي لم يكن نتاجًا لقاعدة اجتماعية، اجتهد على خلق قاعدة جديدة تتناسب مع اعتباراته السياسية الخاصة. أي أنه بدل أن ينتجَ المجتمعُ السلطةَ أصبح هو نتاجًا لها. هذا الخلل البدئي في صياغة السلطة، وبالإضافة إلى ما يواكبه، بالضرورة، من تحوُّل في بنيتها نحو الشمولية والاستبداد، يخلق نوعين من التشكيلات: النوع الأول، وهو سياسي بالدرجة الأولى، يظهر في مؤسسات الدولة وبشكل خاص في الأجهزة المرتبطة بالاستبداد (الجيش، الأجهزة الأمنية....)؛ والنوع الثاني، وهو اجتماعي، يتجلَّى في الحواضن المجتمعية، سواء تشكلت هذه الحواضن من مكوِّنات ثقافية (أقوامية أو مذهبية) أم من جماعات اقتصادية (برجوازية تقليدية أو طفيلية).
تلك الأجهزة وهذه الحواضن تشكِّل بمجموعها المجتمع المضاد الذي يقف بين السلطة والمجتمع ليكون الجسر الواصل بينهما من جهة والحصن الذي يحمي السلطة من المجتمع الحقيقي من جهة أخرى. في المجتمع المضاد تتحول الأجهزة الوطنية والمؤسسات المدنية إلى مؤسسات حماية للسلطة، لا يختلف في ذلك الجيش الوطني المؤسَّس على قاعدة حماية الوطن من شر أعدائه أو النقابات القائمة على مبدأ حماية المجتمع من السلطة.
كل ما يتعلق بالمجتمع المضاد هذا مناقض للمواطنة. فلا تشكيله يحترم مبادئها ولا أعضاؤه يتشاركون بقيمها ولا قياداته يحترمون قوانينها. المجتمع المضاد طائفة، قد تختلف عن الطوائف القائمة في المجتمع من حيث أن تكوُّنها كان طبيعيًا في حين أن تكوُّنه جاء مصطنعًا، وأنها مكونات تحت وطنية وجِدت قبل تكون الدولة في حين أنه جاء في الدولة وقام على مؤسساتها، إلى ما هنالك من فروق لكن، مثله مثل أي طائفة، يقوم على الولاء المطلق للسادة القادة، وعلى ارتباط مصالح أعضائه عضويًا فالدفاع عن مصلحة الفرد فيه دفاع عنه بكامله، وعلى اعتبار المصالح الخاصة بالطائفة مصالح عليا "مقدسة"، وعلى حيازة وعي سياسي مشوَّه يرى في الأحزاب طوائف لا يرضى بوجودها إلا كأعداء أو كأتباع يجب إلحاقها به ويرى المجتمع الحقيقي طوائف متنافسة.
هذا النظام/الطائفة يرفض، طبيعيًا، مقاربة المجتمع على أسس المواطنة لأن المواطنة تلغي وجوده لذا فهو يعمل على إبقاء التصدعات، بل وتعميقها، مغطيًا ذلك بخطاب شعبوي عاطفي عن "الوحدة الوطنية"، ومحققًا ذلك بإحكام القبضة الأمنية الخانقة على المجتمع المدني وعلى المواطنين.
إن النظام السوري نظام طائفي. لكن بمعنى أنه نظام مبني على نسق طائفي وليس نظامًا لطائفة معينة. ولذلك فإن إدارته للتنوع في سورية لا يمكن البتة أن تكون إدارة صحيحة تجتهد على بناء علاقات مواطنة بين المواطنين والدولة وبين المواطنين بعضهم بعض، وتعمل على خلق نظم التعايش السلمي بين المكوِّنات الاجتماعية دينية كانت أم قومية. فالنظام الطائفي بهذا المعنى، يعمل، على العكس تمامًا، على إعادة إنتاج الاختلاف وعلى تعميق التصدعات لأن في ذلك بقاءه، وهو في النهاية وكأي نظام آخر، بل وأكثر من أي نظام آخر، لا يهتم بأمر آخر أكثر من اهتمامه ببقائه.
09-17-2012, 09:37 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الرد على: إدارة التنوُّع في سورية - بواسطة فارس اللواء - 09-17-2012, 09:37 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  تشكيل مجلس إدارة المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا الجديد للربيع العربي الملكة 1 1,055 06-25-2012, 04:14 AM
آخر رد: الملكة
  إدارة الأمل. بهجت 71 22,429 10-03-2011, 10:19 AM
آخر رد: بهجت
  ماقصة إدارة نادي الفكر العربي معي ؟؟؟؟؟؟؟ مؤمن مصلح 31 7,346 03-07-2011, 11:48 AM
آخر رد: مؤمن مصلح
  التشيع في سورية شهاب الدمشقي 60 10,254 09-10-2007, 07:36 PM
آخر رد: ماجد الدومري
  صدام كلب رانيا يا إدارة .... إحنا ورانا حاجة؟ عوليس 1 1,151 12-30-2006, 11:01 PM
آخر رد: عوليس

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS