علي نور .. لديك مشكلة في تحديد المفاهيم ؛ وقبل ذلك لديك مشكلة في الفهم أصلا
بالفعل لديك التباس في المفاهيم وعدم القدرة على تحديد المصطلحات ؛ ونظرتك سطحية لا تتجاوز نظرة واحد عامي له أحكامه الإنطباعية العابرة ؛ بينما الواجب أن تفهم تركيبة البنى ووظيفتها والعلاقات بينها ومجالات التداخل.
النظام السوري نظام شمولي عسكرتاري ؛ عماله المؤسسة الأمنية والعسكرية ؛ لذلك مابقى تحكي عن مدرسة وأوقاف ونكاح وعلاقات اجتماعية ؛ لأن كل المؤسسات مهما كانت أهميتها تنتهي صلاحيتها عند حدود بدء المؤسسة العسكرية والأمنية في سوريا ؛ أنت لست في دولة تفصل السلطات ؛ بل في دولة تتركز فيها السلطات بيد سلطة وحيدة هي الجيش ويتداخل هذا التركيز بين المؤسسة العسكرية-الجيش والمؤسسة الأمنية-المخابرات.
يجب أن تفهم طبيعة النظام السوري قبل ان تتفذلك وتدافع بأسلوب أحمق ؛ وتضطرنا أن نفهمك بالخشيبات ونبذل الجهد وراء الجهد في توضيح الواضحات.
نحن لم نقل أن النظام السوري نظام متدين ؛ بل قلنا نظام طائفي. بغض النظر عن المكوّن العقدي وموقعه في تكوين الطائفة
وبالفعل فالنظام السوري هو نظام طائفي بامتياز ؛ قام بتركيز السلطات الفعلية في الجيش وحصرها بيد عناصر تنتمي إلى الطائفة العلوية لا غير ؛ حتى وإن استقطب عناصر أقلوية درزية أو مسيحية أو حتى من الأكثرية السنية وأقحمها في دواليب الحكم وشراء الذمم كفسيفساء وموزاييك سطحي وشكلي ودون تأثير يُذكر لتلك المكونات الاخرى في صناعة القرار ؛ لأنها تظل فسيفساء لتجميل القبح الطائفي الذي يصبغ وجه النظام ؛ لأن السلطة الحقيقية بيد العسكر وليست بيد السياسيين. فلا معنى ان تقول لي أن وزير الخارجية الفلاني سني أو وزير كذا وكذا فالمناصب الممنوحة للطوائف أخرى تبقى فاقدة للتأثير في اللعبة وفي صناعة القرار وفي توازنات السلطة ؛ فأصغر ضابط علوي يمكنه تجاوز قيادييه (السّنة) الأعلى منه رتبة بكل سهولة. وأهمّ حقيبة وزيرة سياسية بيد وزير سني لا تساوي شيئا أمام بسطال شبيح علوي في الجيش أو في الفرع ؛ وربما تجد الوزير السني يخشى من تلصص شبيح علوي بسيط الرتبة في فرع من الأفرع.
العلويون -أو الأصح النصيريون- (والشيعة عموما) تقوم معتقداتهم على الشعور بالإضطهاد والمظلومية عبر التاريخ ؛ وبعد أن أصبح (العلويون) في الحكم يعتقدون أن خروجهم من الحكم يعني عودة الإضطهاد من جديد ؛ وعودة طائفتهم إلى "الجبل" والإنزواء في زوايا التاريخ المهمشة ؛ لذلك فحتى النضال من أجل دولة (دولة مدنية) أو (ديمقراطية) حقيقية تقوم على اعتماد آليات الحكم الديمقراطي تعني بالنسبة لهم السقوط الحتمي لمكوّنات نظامهم الطائفي ؛ كون طائفتهم ستفقد القدرة على إحداث توازنات داخل بنى النظام الجديد لذلك فالنظام الطائفي السوري رفض ومنذ البداية مجرد الحديث عن " إصلاحات " لأن إصلاحات حقيقة في بنية النظام السياسي تعني السقوط الحرّ لنظامهم الشمولي الطائفي ؛ ولهذا فالإستماتة قائمة من النظام من أجل البقاء أو في أسوأ الأحوال من أجل تحسين شروط التفاوض حول وضع الطائفة مستقبلا في حال سقوط النظام.
لا اعرف لماذا أضطر إلى هذا الإستطراد مع أن المشهد واضح في سوريا وضوح الشمس ؛ فالشبيحة التي هي خزان النظام كلها تنتمي لطائفة بعينها.
وطائفية النظام لا تقتصر على وضع داخلي فحسب ؛ بل وتظهر كذلك في تموقعات النظام الخارجية داخل منظومة طائفية أشمل تبدأ في طهران وتمر بسوريا والعراق وتنتهي في الضاحبة الجنوبية ؛ فهل دخول إيران وحزب حسن نصر طيز أمّو والمالكي على خط العداء للثورة السورية كان بغير الدوافع التي نتحدث عنها ؛ وكلها تتعلق بنفوذ كيانات تشترك في عقيدة معينة ؟

هل فهتني ؟؟
اشك !!!