من أبو أوباما الأميركي الى أبو بكر البغدادي (رؤوف شحوري - الأنوار)

وزير الخارجية الأميركي جون كيري يتمهل، ويسير متثائباً في مسعى وقف اطلاق النار في غزة. وهذا هو شأن الدبلوماسية الأميركية عندما يكون الأمر متعلقاً بسفك الدم الفلسطيني خصوصاً والعربي عموماً. ولا تتحرك الماكينات الأميركية الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، دفعة واحدة وبحيوية بالغة، الا عندما تكون اسرائيل في مأزق أو مشرفة على الغرق، وتحتاج الى مَن ينقذها... وما دام جيش القتل الجماعي الاسرائيلي لم يشبع بعد من سفك الدماء في غزة فلا ضير اذن - في نظر أميركا - من التروي، وأخذ ما يلزم من الوقت الى أن تعلن القيادة أن اسرائيل شبعت أو أنها لم تعد قادرة على التحمل!

غزة هي جزء مهم، وإن يكن صغيراً، من مشهد الشرق الأوسط الكبير في المنظور الأميركي... وهو الجزء الذي لا يزال مستعصياً على الرضوخ أو الدخول في بيت الطاعة الأميركي - الصهيوني. وخطورة هذا الجزء أنه يمثل القمة الصغيرة الطافية على السطح من جبل الجليد الضخم العائم في الأعماق. وهذه المقاومة الظاهرة في هذا الجزء الصغير من فلسطين يقلق أميركا واسرائيل والغرب الصهيوني لأنه يعكس وجود جبل روح المقاومة والتحرر في أعماق وجدان الشعوب العربية ويمثل امتداداً لمقاومة مسلحة أكبر وأعظم على الطرف الآخر من اسرائيل!

أميركا منزعجة، بل بالغة الانزعاج، لأن رأس الدبوس هذا، المسمّى قطاع غزة، لا يزال يقاوم ويظهر اندفاعاً بطولياً في الهجوم على قوات العدوان، ويفاجئها ويلحق بها خسائر غير متوقعة. وسر الانزعاج الأميركي هو أنها أنجزت مهمة إخضاع الأنظمة، وعليها استكمال المهمة بإخضاع الشعوب. وما يؤخر ويعرقل هذا الانجاز هو هذا المخرز الغزاوي الذي يغرز عميقاً في عين اسرائيل وحماتها وداعميها الاقليميين والدوليين! وأميركا أعدت المسرح جيداً لانجاز خريطة الشرق الأوسط الجديد، فهل يجوز - في نظرها - أن تعرقل حفنة من شلاعيط المقاومة في غزة استكمال المهمة الأميركية، بل وتنجح الحفنة بفضح دموية اسرائيل في العالم، وتضربها حتى الايذاء في خاصرتها الرخوة؟!

أميركا المنتشية ببسط حمايتها على دولة الخلافة لداعش ووضع دولة العراق والشام على شفير التقسيم - بعد السودان - ترغب في اقتلاع مسمار المقاومة من غزة والمنطقة. وهي لم تعد تعترف بالمعارضة السورية - لا معتدلة ولا متطرفة - لأنها سلّمت الأمر الى ولي الأمر الخليفة أبو بكر البغدادي تحت وصاية أبو أوباما الأميركي...