(( أتوسل لكم يا أخوتي أن تبقوا أوفياء للأرض و ألا تصدقوا من يحدثونكم عن آمال تتجاوزها ! انهم يدسون لكم السم , علموا بذلك أو لم يعلموا))

بما ان زرادشت يخترق الموضوع سأبدا من هنا ..

زرادشت هذا الابن لنيتشة وهذا الصوت لذلك المتامل المتوحد وصديق الالغاز كان هو نبي الحضارة الجديدة حضارة انسانية ليست اغريقية ولامسيحية نراه يرقص على أنغام جديدة من أعماق الذات في الوقت الذي كل العالم لايردد الا الكلمات التي يتفوه بها الاخرون .. وذلك النبي يصرخ للعالم : اصغوا فقط الى اصواتكم التي تتردد في اعماق كل فرد منكم ... انها وحدة نابعة من احشاء الطبيعة وهي تقول لكل منكم ماذا بمقدوره ان يفعل ..

صنع نيتشة من زرادشت ذلك الراقص الذي يؤمن بطاقته الكامنه داخله وبولادة النفس اي خلق نفسه بنفسه (( أنا بحاجة الى رفاق أحياء - لا الى رفاق أموات وجثث أنقلهم معي حيثما اتجهت .. رفاق احياء يتبعونيي حيث أمضي لانهم يريدون اللحاق بأنفسهم ))

ذلك الانسان الاسمى او الاعلى هذا الانسان الذي هو فريد بذاته وليس صورة عن نموذج مثالي لاحد ما يتطلع له المرء حتى يصبح الناس متماثلين كما يتماثل الخرفان;)

زرادشت لم يكن مبشر ديني يفرض تعاليم على الناس من شأنها تعليمهم بالكيفية التي يجب ان يكونوا عليها بل بالعكس أحب شئ لقلبه ان يقول لكل فرد بعينه : كن ذاتك .. لاتترك ذاتك الا لذاتك .. اتبع نفسك وحدها واضعااياها فوق الفضيلة والحكمة وفوق المعرفة *

هذا الزرادشت كان يزعج اولئك الذين يرعاهم الراعي فيتبعونه أينما ذهب ذات اليمين أو ذات الشمال لايصله هذا الزرادشت الا لمن يسيرون فوق دروبهم الخاصة .. الجميل حينما ترى الصورة الزرادشتية التي وضعها نيتشة ليست ايضا فيلسوف جديد يرى بانه يجب ان نسلك هذا الطريق للوصول للحقيقة !! زرادشت لم يقول مثلا : انظروا هذا الانسان الاعلى فكونوا مثله .. انما سيقول : انظروا لقد بحثت عن نفسي .. وهكذا أكون كما أعلمكم أذهبوا بعيدا .. وابحثوا عن أنفسكم .. عند ذلك فقط يكون بوسعكم أن تعرفوا الانسان الاعلى *

زرادشت كان حرا كما كان يتطلع نيتشة للانسان وكما كان أيضا شوبنهاور يتطلع لذلك متحرر من قيود المجتمع والمسلمات .. من أجل خلق قيم جديدة فعلى الانسان التخلي عن قيمه القديمة الموروثة وفحصها من جديد ..(( ليكن لديك صديق جيدا في عدوك وليكن قلبك قريباً إليه حين تقف ضده)) اذن هو يتارجح و يفحص قيمه باستمرار لانها هي الطريق الوحيد للتعرف عن القيم الحقيقية وكأنها عملية فحص شريحة في مختبر كلما دققنا وايضا كلما كانت الصورة اوضح كلما كانت الزاوية البصرية اكبر وبذلك نتمكن من الوصول للمعرفة على ماتحتويه هذه الشريحه .

نتأرجح نحو عالمنا الخارجي الظاهري ونحو داخلناوليس هذا التأرجح مسألة رياضية للتوافيق انما هي القدرة على أن نمتلك الجرأة فنراجع المسلمات التي تحشى بها عقولنا

لأعود لزرادشت هذا المحب للحيوانات على طريقته مصحوبا بأفعى الاكثر ذكاء والنسر الاكثر كبرياء .! لماذا يا ترى اختار زرادشت خاصة الافعى والنسر ولماذا لم يختر أي حيوان آخر يصاحبه ؟ فقط لانهما رمزان لغرائزه ( الكبرياء, الذكاء)

زرادشت يقدر الذكاء فذكاء الانسان يعلمنا كيف نمسك بخيط الواقع ونبصر حاجتنا في الحياة .. لكنه كان يفضل الكبرياء أكثر ؟! وذلك لالان كبرياء الانسان هي التي تفرض احترام ذاته وهي التي تحفظ الانسان من أن يضع نفسه في خدمة اهداف اخرى مقدسة , أو غير مقدسة .

نعم كان زرادشت يتصف بهاتين الصفتيين الذكاء والكبرياء ولكن لو خير بينهما لاختار الكبرياء لان الذكاء الذي لايصحبه كبرياء لن يكون فعل انساني وعندما يفقد الانسان الكبرياء فيا حرام سيعتقد بان ذكاءه الخارق جاء هدية من السماء من ذلك الخرافة التي اخترعها الناس .. وبذلك يكون صورة حية لفرد تبعي وامعة غير مؤمن بامكانياته .

قال شوبنهاور: ( الحاجة الى الانشغال لتقصير الوقت و من هنا تبرز فائدة الخرافات .. وهي فائدة لايمكن احتقارها ) وينوه هنا شوبنهاور ان الخرافة لدى الشخص الذي يؤمن بها تملا فراغات حياته فيظهر انه يؤمن بها ولكن في الواقع هو يتسلى بها وقد يكون لايعلم .

نيتشة يبحث عن الفرد المتسامي والمتعالي عن كل مايقيد ذاته عن الانسان الاسمى وليس عن المهرج الراقص .

لقد مر على زرادشت زمن اعتقد فيه ان ثمة الها مفارقا للعالم الها خلق هذا العالم لقد فكر زرادشت : ياله من اله حانق متألم ولقد فكر زرادشت لقد خلق العالم ليتخلص من الامه وليحقق لنفسه الرضا , غير انه تعلم أن يرى .. أنه كان شكلا من أشكال الجنون .. أنه خلق ذاته بذاته *

(( أواه يا اخوتي : هذا الاله الذي خلقته كان فعلا انسانيا وجنونا بشريا . ... انه شبيه بالالهة كلها))

هكذا زرادشت يمثل ذلك الانسان الذي يولد على مسلمات خرافية فيعمى بها ولم يستطع ان يرى العالم ولهذا بحث عن شقائه خارجه .. غير ان زرادشت تعلم بعدها ان يرى ويعرف العالم اوجد معناه في ذاته وليس في شئ اخر ولا حتى في الالهة المقدسة التي استولت على الفكر البشري ..

لقد تذكرت نقاش دار بيني وبين احد الزميلات وأنا في حينها لم أخمد فكرة الله في عقولهم ولا حتى مسيته بسوء

:)ولكن لان أي خلاف لامور الشرع على قولتهم يجب الصمت عليه اي حين تصل لله اسكت فذلك ممنوع شرعا محرم .. وهذه هي اللاقدرة الذاتية على صنع الذات بل اتباع اهواء اخرى غير اهوائنا !

(( انني أنتمي الى قراء نتشه الذين ما أن يقروؤا الصفحة الأولى حتى يدركوا بملء الثقة أنهم قارؤه حتى النهاية , ليس هذا فحسب بل سيصغون الى كل كلمة يليقيها على مسامعهم كانت ثقتي به دونما حدود... ولقد تناولته كما لو أنه لم يكتب كلماته الا من أجلي لماذا ؟ لكي أتمكن من التعبير عن نفسي بطريقة ناصعة .. ولكن بكثير من الغرور والحماقة !))

هذا نفس كلام نتشه لشوبنهاور استعاره احد الكتاب ليقوله لنتشه ولكن هؤلاء بنظر نتشه هم اكثر الناس نفورا منهم من قبله .. هؤلاء المؤمنين

(( أنت تقولون بأنكم تؤمنون بزرادشت ؟ ولكن ماذا يعني زرادشت ؟ أنتم تؤمنون بي : ولكن أي شئ هم اولئك المؤمنون ؟ أنتم لم تبحثوا حتى اللحظة عن أنفسكم .. ولهذا عثرتم علي .. وهذا مايفعله المؤمنون كافة .. وللسبب ذاته : ما أصفر شأن المؤمنين !

والان أنا أدعوكم لتضيعوني .. وتجدوا أنفسكم .. ولن أبتغي لكم العودة الى الابد أن تكونوا قد أنكرتموني ))

ما أجمله نتشة الانسان اكثر من أي شئ آخر واكاد اغار من سالومي لانه أحبها وألست أستحق حبه أكثر:rolleyes:

واضح ان نتشة ومن صورة زرادشت انه لم يكن مؤسس دين اذن هو يبحث عن من يشاركه القناعة لا من يتبعونه وكأنه مرجع ديني أو مثل أعلى هؤلاء المنبوذون لدى نتشة أولئك المؤمنون بتعاليمه وكأنه نبي جديد مسيح جديد اولئك المتخلون عن انفسهم كي يجدوا ما افتقدوه عنده ... هؤلاء هم نفسهم اولئك الذين يقدسون ذلك الرب الخرافي ويتبعون تعاليمه ولكن الخلاف بانهم يقدسون تعاليم انسانية نتشويه يعتقدون بانها دين جديد يفترض عليهم اتباعه ..

اذن المشكلة بأن الانسان لايؤمن بالله ولكن يتحلى بقوة ارتكاسية لايمتلك ارادته بل ارادة غيره ... هذا الانسان الضائع المتمرغ في وحل الارادات الانسانية الاخرى .

الكثير من الناس يروا بأن نتشة الوحش التي استمدت منه كل الحركات العنصرية وحشيتها وعنجهيتها ولكن لانهم لم يروه بصورة ثاقبة ... فلو تعرفوا على الانسان الاعلى الذي يسعى له نتشة جيدا لعرفوا من هو نتشة .. هذا الانسان هو العظمة المتعانقة مع المحبة التي تفك اسرنا من عبوديتنا ونستطيع بذلك الوصول الى الابداع الى الانتاج .. الانسان الاسمى هو ذلك الانسان الذي رأى من نفسه الهة نفسه خالق نفسه .

موت الله + ارادة قوة اثباتية + قوى فاعلة = الانسان الاسمى .. هذه التي يسعى لها نتشة ويتطلع لها .

الانسان المبدع هو الانسان الاسمى .

:)لقد أطلت واعتقد ايضا استهبلت قليلا ولكن أنا مجنونة بهذا النتشة ...

* هكذا تكلم زرادشت http://www.knuten.liu.se/~bjoch509/works/n...zarathustra.txt

سلامي

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	آراء في اشهر الآراء : فريدريك نيتشه ..	الــورّاق	22	9,544	11-09-2011, 09:11 AM آخر رد: الــورّاق
	"الحكمة المطلقة في تعلّم الضرب بالمطرقة" : نيتشة بن كارل	أنا_بذاتو	3	1,506	05-05-2011, 05:50 PM آخر رد: أنا_بذاتو
	من الذي يغير العالم ويصنع الحضارة والتاريخ هل هو الشاعر أم الباحث العلمي أم السياسي؟	thunder75	13	4,184	01-27-2010, 11:17 PM آخر رد: سهيل
	ندوة حوارية مع المفكر و الفيلسوف العربي الطيب تزيني	شهاب المغربي	2	1,632	12-25-2008, 10:47 PM آخر رد: شهاب المغربي
	مِن أوباما.. جديد الشاعر أحمد مطر	ابن سوريا	4	1,888	12-14-2008, 07:12 PM آخر رد: نسمه عطرة