عزيزي "ديدات"،

كما قلت أعلاه، ينبغي لنا -لفهم معاني الفداء الذي تم بيسوع على الصليب- أن ننطلق من فكرة الفداء في العهد القديم، أي تقدمة الذبائح الحيوانية -وأهمها الحمل- فدية عن الإنسان.

أول ذكرٍ للحمل (كبش/خروف فداء) في الكتاب المقدس، نجده في رواية تقدمة إبراهيم ذبيحة لله، حيث استبدل الله (عن طريق الملاك) اسحق الذبيح بكبش عوض عنه.

(22، 7-14) فناداه ملاك الرب من السماء و قال ابراهيم ابراهيم فقال هانذا. فقال لا تمد يدك الى الغلام و لا تفعل به شيئا لاني الان علمت انك خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عني. فرفع ابراهيم عينيه و نظر و اذا كبش وراءه ممسكا في الغابة بقرنيه فذهب ابراهيم و اخذ الكبش و اصعده محرقة عوضا عن ابنه . فدعا ابراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يراه حتى انه يقال اليوم في جبل الرب يرى.

جدير بالذكر طبعاً أننا هنا لا نرى أثراً للخطيئة، بل نجد عدة تعاليم لها علاقة مباشرة بممارسات قديمة يرفضها الله:
1. يمنع منعاً باتا تقديم الذبائح البشرية لله
2. يكفي أن يؤمن الإنسان بالله ويعمل بأحكامه حتى يخلص
3. وضع الأساس للتقادم الحيوانية فديةً وعربون خلاص للبشر

=================

ينتهي سفر التكوين بلجوء يعقوب وأبنائه إلى أرض مصر هرباً من المجاعة.
في الإصحاح الثاني عشر من سفر الخروج نجد أن الحمل يستخدم أيضا لفداء بني إسرائيل، حيث أن ملاك الهلاك النازل ليهلك أبكار المصريين، لم يؤذي أبكار إسرائيل عندما يرى دماء الحمل على الباب:

فاني اجتاز في ارض مصر هذه الليلة و اضرب كل بكر في ارض مصر من الناس و البهائم و اصنع احكاما بكل الهة المصريين انا الرب . و يكون لكم الدم علامة على البيوت التي انتم فيها فارى الدم و اعبر عنكم فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين اضرب ارض مصر

فان الرب يجتاز ليضرب المصريين فحين يرى الدم على العتبة العليا و القائمتين يعبر الرب عن الباب و لا يدع المهلك يدخل بيوتكم ليضرب

فالفصح تعني عبور، يوم عبر الرب بين آل إسرائيل ولم يموتوا، وعبر بين المصريين فقتلت أبكارهم.

انكم تقولون هي ذبيحة فصح للرب الذي عبر عن بيوت بني اسرائيل في مصر لما ضرب المصريين و [COLOR=Red]خلص بيوتنا

وفي الإصحاح 29 نجد أن الحمل (مع العجل) هو ذبيحة كفارة للخطايا ، على هارون والكهنة تقديمهما دوما قبل الدخول لخدمة الرب:

و تصنع لهرون و بنيه هكذا بحسب كل ما امرتك سبعة ايام تملا ايديهم ، وتقدم[COLOR=Red] ثور خطية كل يوم لاجل الكفارة

في سفر اللاويين، يتضح أكثر فأكثر أن تقدمة الأضحية من الحملان والعجول هي للتكفير عن الخطايا. إذن، عقيدة الخلاص في اليهودية مبنية على قيام الإنسان بافتداء نفسه من عقوبة آثامه وخطاياه بتقديم حمل أو عجل.

و يضع يده على راس المحرقة فيرضى عليه [COLOR=Red]للتكفير عنه
و كل ذبيحة خطية يدخل من دمها الى خيمة الاجتماع للتكفير في القدس لا تؤكل تحرق بنار
ذبيحة الاثم كذبيحة الخطية لهما شريعة واحدة الكاهن الذي يكفر بها تكون له، كما فعل في هذا اليوم قد امر الرب ان يفعل للتكفير عنكم ، و لدى باب خيمة الاجتماع تقيمون نهارا و ليلا سبعة ايام و تحفظون شعائر الرب فلا تموتون لاني هكذا امرت

إذن، تقدمة الذبيحة للافتداء من الآثام والخطايا ومنع عقوبة الموت التي يستحقها الآثم، هي شريعة واضحة المعالم في العهد القديم.

يمكنني طبعا أن أواصل الاقتباسات، من بقية أسفار العهد القديم لإثبات هذا الأمر، لكنني أعتقد أن ما سبق يكفي.

============

الآن، نعود إلى موضوعنا،

موت يسوع المسيح مصلوبا يقع في هذا الإطار ، أي إطار الموت فدية عن آخرين. ليس هناك من شك في أن يسوع المسيح مات عشية عيد الفصح، عيد الخروج والتحرير، ذلك العيد الذي يتم فيه الاحتفال بذبح الأضحيات (الحملان) إحياء لذكرى الفداء الأعظم الذي تم بخلاص الإسرائيليين من قبضة فرعون. وفي الوقت الذي كانت الحملان تذبح فيه على مذابح الهيكل، تم ذبح يسوع على الصليب، ذبيحة أبدية لفداء البشر.

يبقى علينا أن نستوضح ماذا يعني هذا الافتداء، وذلك بناء على نصوص العهد القديم. وهو أمر سأعلجه في مداخلة قادمة، بعد سماع ما لديك من تعليقات

تحياتي القلبية