الزميل الفاضل والمهذب الصفي

دائما يسعدني الحوار مع شخص مهذب مثلك وعالم جليل الحوار معه متعة عقلية .

عزيزي في مداخلتك هذه بنيت رايك على ثلاثة اسس :
الأول هو تكذيب القرآن لقول العرب والمشركين .

والثاني : هو وجود أختلاف بين روايات التوراة والقرآن .

والثالث هو بلاغة القرآن وعجزهم عن أن يأتوا بمثله .

بالنسبة للأول القرآن كذب أن يكون محمد قد تأثر بهم بحجة اللسان الأعجمي ولكن الحقيقة تقول أن من يجلس إلى أناس ويستمع إلى كتابهم ، في مكان صناعته أو في بيوتهم أو حتى في أحد الأركان ، ورواياتهم لابد من وجود لغة مشتركة بينهم ، وهؤلاء كانوا يعيشون بين العرب ويتعاملون معهم ويخدمونهم ومن الطبيعي أنهم كانوا يتكلمون العربية بلكنة يمكن أن نسميها بمفهوم عصرنا لهجة الخواجات !!
وقد أكد المفسرون وكتاب السير ومنهم ابن أسحق على حقيقة لقاء محمد لعدد من هؤلاء المذكورين كما أكدوا على حقيقة قرائتهم للتوراة والإنجيل وحقيقة استماعه إليهم .
وهناك عامل آخر يتجاهله الكثيرين وهو ما أكتسبه محمد كم من المعارف الدينية عن طريق الرحلات التجارية والتي اختلط فيها بتجار وغير تجار في الشام أو اليمن من كل جنسيات الشرق والغرب بأديانهم المختلفة ، وسافر مع بعضهم في رحلتي الصيف والشتاء ، وكما يقولون أن من فؤائد السفر اكتساب معارف ومعرفة لغات شعوب وثقافتهم ، وشخص كمحمد كان يتحنث في غار حراء وذو ميول دينية كان من الطبيعي أن تثير الروايات الدينية أهتمامه مثله مثل الكثيرين من العرب في عصره مثل ورقة بن نوفل وأمية ابن الصلت وقس بن ساعده الذي تاثرت اشعارهم وخطبهم بما عرفوه من معارف دينية ، كما سنوضح لاحقا، لا تقل عن محمد ، بل ونجد تطابقا تاما بين ما جاء في اشعارهم وما جاء في القرآن ، وهذا ما سنوضحة في مداخلاتنا التالية أن شاء الرب وعشنا .

أما عن وجود أختلاف بين روايات التوراة والقرآن فهذا راجع لأنه لم يأخذ عن التوراة مباشرة إنما أخذ من افواه اليهود واليهود كانوا قد أختلقوا رويات وأساطير لتفسير التوراة وأسفار الأنبياء وتناقلوها شفويا لمئات السنين ثم دونوها فيما بين سنة 500 إلى 1000م فيما يسمى بالتلمود ، وعند المقارنة بين هذه الرويات نجد أنها أقرب لروايات التلمود منها إلى نصوص وآيات التوراة ، وهذا ما سنوضحه عندما نتكلم عن اليهودية أن شاء الرب وعشنا .

أما عن الثالث : وهو التعلل ببلاغة القرآن فهذا ليس موضوعنا أننا نقول أنه أخذ عنهم مادة الروايات ولم نقل أنه أخذ منهم نصوص القرآن واسلوبه البلاغي ، أخذ عنهم ما مادة بعض مما قصه القرآن مما جاء في الكتاب وما جاء في روايت اعلرب عن عاج وثمود ولقمان وقالوا عنه أنه أساطير الأولين .

وقد أجمع كل من كتبوا عن البيئة التي ظهر فيها محمد والقرآن من علماء المسلمين وغيرهم أكدوا على أمتلاء بيئة محمد باهل الكتاب وترديدهم لروايات كتبهم من التوراة والإنجيل وكذلك خطاب القرآن المتكرر لهل الكتاب .

يا عزيزي الفاضل البلاغة موهبة تختلف من فرد لفرد ولن نتعرض لها في بحثنا هذا نحن نتكلم عن المصادر لا عن البلاغة .
عزيزي أنت تعلم وسترى ما جاء في شعر شعراء الجاهلية وكما سنوضح لاحقاً أنهم صاغوا الكثير المشترك بينهم وبين محمد ولكن كل بأسلوبه وبحسب ما أعطي من بلاغة
وعلى سبيل المثال أنظر نفس الفكرة الواحدة عند كل من عبيد بن الأبرص ومحمد ، فكرة وحدانية الله وكونه لا شريك له وكيف صاغها كل منهم بأسلوبه :

قال عبيد بن الأبرص :

من يسأل الناس يحرموه وسائـل اللـه لا يخـيب

وكـل ذي غيبة يـؤوب وغائب المـوت لا يـؤوب

بالله يـدرك كـل خيـر والقـول في بعضـه تلغيب

واللـه ليس له شريـك عـلام مـا أخفت القلـوب
وجاء في القرآن :

لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ 163(الأنعام)

أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ الله يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ الله عَلاَّمُ الْغُيُوبِ 78(التوبة)


أننا لا تنكلم عن البلاغة بل عن المصادر .

تحياتي لشخصك الفاضل وعلمك الغزير


الراعي / عمانوئيل