كنت قد ثرت عندما رأيت الخبر وكتبت بضعة كلمات قاسية، ثم عدت وعدلت مداخلتي واكتفيت ببعض ألسنة اللهب وعدم التعليق.

فلقد قلت لنفسي بأننا، مع الإسلامويين ودولهم الدينية، لا نستطيع التعامل والنقاش عبر مفاهيم عقلية تجريبية اجتماعية حديثة توصل إليها الإنسان بعد عهود طويلة من الكد والكفاح والتفكير والتحبير والتسطير. فالإسلامويون ما زالوا يعيشون في القرن السابع الميلادي، ولم تكن في ذلك الوقت وثيقة لحقوق الإنسان، ولم يكن العالم قد توصل إلى احترام الحياة البشرية وحرية الاختلاف ومنظومات الدولة والمجتمعات الحديثة.

الإسلاميون يقيسون أحكامهم على الإسلام. وهذا الإسلام قد وصلهم من شيوخهم وأسلافهم عبر نصوص مقدسة وتفسيرات محنطة ترتبت وتبلورت في منظومة قديمة، يخافون أن يعيدوا النظر فيها لأنهم يتوجسون خيفة بأن تكون كالبيت المتداعي، لو نبشت في اساسه بعض الأحجار فلسوف يتهدم ويصبح ركاماً يأكله الغبار وينعق في جنباته البوم.

لا فائدة من الحديث عن الدولة، كما فعلت العربية السعيدة، مع الإسلاميين، فعقولهم ما زالت مستلبة بمفهوم الأمة وفسطاطي الخير والشر ودار الإسلام ودار الحرب. ولا فائدة للحديث معهم عن "حقوق الإنسان" فليس للإنسان عندهم حق بالحياة ما لم يكن على مذهبهم. ومذهبهم يقول لهم بأن "المثلية الجنسية" اعتداء على دينهم وقناعاتهم وتهديد لإلههم وشرعه وصراطه.

"حقوق الإنسان" في دولة "الإسلامويين" ليست موجودة. لأن "الإنسان" بالنسبة لهم لا يعني إلا "عبداً" مكلفاً "بإعلاء كلمة الله في الأرض" كي يكون "الحكم لله" و"الأرض لله". "فالله" هو مركز الكون، وكل حق للإنسان يتحدد بمدى تعرضه "لأوامر الله ونواهيه" كما جاءت في في نصوص الإسلامويين المقدسة.

ليس للإنسان أي كرامة بذاته عند الإسلامويين إلا إذا كان بعيداً عن هذه "الأوامر والنواهي" الكثيرة الصادرة عن "إله" ممعن في التكبر والتجبر. "وجود الإنسان" بحد ذاته ليس "حقاً مكتسباً" عند الإسلامويين، فمن مهماتهم الكثيرة التي كلفهم إلههم بها أن يقاتلوا حتى يقضوا على "وجود" أي شخص لا يقول "لا إله الا الله ". فكيف تترجى أن تتحدث عن "حقوق للإنسان" عند من يعتبر أن "محض وجودك" ممنوع ما لم تتمذهب بمذهبه وتأكل من صحفته وتشرب من شرابه؟

لجميع هذا، لا مجال للحديث مع الإسلاميين عن "المثليين"، إذ ليس هناك قاعدة واحدة للمفاهيم تجمعنا فنستطيع أن نتناقش ونحن نقف عليها. فهم يتحدثون من خلال "وحي يوحى" و"رسالة كاملة" – بمفهومهم – لو حادوا عنها فلسوف يلقون في الدرك الأسفل من جهنم، ونحن نريد الحديث من خلال قوانين عقلية لا علاقة لها "بإلههم" الجبار العنيد. فهل هذا يستقيم؟

رحم الله سعد زغلول عندما قال: غطيني يا صفيه، ما فيش فايده !!!

واسلموا لي
العلماني