((لا مش مسامحك))
طب عشان خاطري؟؟!

((أنا نفسي علقت علي ما كتبته بأنه سفسطة ولعب بالكلمات وهو بالظبط ماتفعله أنت بطلبك إثبات مسلمة))
يا عزيزي ركز معي:
سطحية الأرض ودوران الشمس حولها كانتا من المسلمات لقرون.. لكنّ العلم أثبت فيما بعد أنّهما من الخزعبلات ليس إلا!!
عليك أولا أن تمنحني منهجا واضحا لتعريفك للمسلمة..
يمكنني في الرياضيات أن أطلق على بعض العلاقات بين أضلاع المثلث قائم الزاوية مسلمات.. مع أنّ الحقيقة المزعجة أنّ هذه المسلّمات تنهار عندما نعرف أنّ الفضاء منحني ولا توجد أسطح مستوية أصلا.. إنّها إذن مسلمات محدودة بنطاق ضيق، ولا يجوز تعميمها.
خذ أيضا هذه المسلّمة الشهيرة:
1 + 1 = 2
في نظام العدّ الثنائي، 1 + 1 = 0 والباقي 1 !!
لقد انهارت المسلمة، لاختلاف زاوية النظر إليها!
على مثل هذا يمكنك أن تقيس مسلّمة وجودك:
أنت موجود فقط في وعيك.. هذه مسلمة لكلّ فرد فينا، لمجرّد أنّنا نشعر هكذا..
فيلم ماتريكس يقدم مثالا يضرب هذه المسلمة علميا عن طريق الواقع الافتراضي..
دعك من الأفلام.. فقراء الهنود ضربوا هذه المسلمات فعليا بتقديم فقرات سحرية مذهلة يفغر السياح لها أفواههم.. لكن عند تصويرها، عرضت الشرائط مشهدا مدهشا: الساحر يقف عاقدا يديه ومحدقا في الجمهور، والجمهور ينظر للفراغ مغفور الفم بانبهار!!
لو كنت ضمن هذا الجمهور، فإنّك ستقسم لي بأغلظ الأيمان أنّك شاهدت حبلا ينتصب كالشجرة، وطفلا يتسلقه ويتربّع فوق قمته!
هذه خدعة سببتها حواسك، ولكنّها لم تنطلِ على آلة التصوير.. لهذا اعتمد الباحثون في علوم ما وراء الطبيعة بعد ذلك، على تصوير تجاربهم، حتّى لا يقعوا في شراك حواسهم!
ولكن.. ماذا لو كانت هناك طبقات متراكمة من الخداع؟
ماذا لو كانت حواسنا هي التي تصنع كلّ شيء، بما في ذلك إيهامنا بوجود آلات تصوير؟
أيضا:
إنّ مسلماتك ليس لها أيّ قيمة عند الأعمى، لأنه لا يعرف الأبعاد ولا الأحجام ولا الألوان.. وربّما كان هو أكثر حرّيّة، لأنّه ((يرى)) العالم فعلا كما هو!
قرأت مرّة عن تجربة، تمّ فيها وضع شخص في صندوق محكم ضد الضوء والصوت، ومملوء بالماء بدرجة حرارة جسمه (مع آلية للتنفس).. بعد فترة يبدأ هذا الشخص في رؤية الهلاوس.. إنّ حواسه تصطنع ما لم تلتقطه، لأنها يجب أن تعمل وأن تفعل شيئا!!

يا عزيزي: إنّ مسلماتك تنطبق عليك وحدك..
لو قرأت ((القص واللصق)) الذي قمت به، لرأيت إشارتي لانهيار الفروق بين المادة والطاقة!
لا يوجد شيء اسمه حديد، أو خشب..
كلّ الذرات عبارة عن جسيمات مشحونة أو متعادلة.. والبوزيترون يمكن أن يتحوّل إلى فوتونات ويمكن أن ينتج من فوتونات الضوء.. في الحقيقة إنّنا لا نعرف هوية هذه المادة.. إنها طاقة مرتبة بحيث تفهمها حواسنا على هذا الوضع!
ومن حقّ كلّ كائن أن يفهمها على حسب ترجمته..
إنّ البعوض يلتقط حرارتنا.. والخفاش يفهم العالم بصدى الصوت.. والحيوانات لا ترى الألوان..
لماذا إذن تعتقد أنّ ما تلتقطه حواسك هو مسلّمات.. وماذا لو كانت هذه المسلمات مفتعلة، بأن يبث إليك مصدر ما إشارات معينة تفهمها أنت كما تفهمها الآن؟
وماذا لو كان هذا كلّه حلما؟!
أريدك أن تعطيني إثباتا واحدا يؤكد أنّ ما تدركه أنت موجود، وأنّ إدراك هذا يقظ وليس حلما، وأنه لا توجد جهة خارجية تتحكّم بمدخلاتك وتفرض عليك حقائق مفتعلة!

((ولكن من يريدون التشكيك في الحواس يريدون أن يتعاملوا معها منفردة وليس كأجزاء تعمل في منظومة متكاملة))
منفردة أو مجمّعة.. خداع حاسة واحدة لا يختلف عن خداعها جميعا.. كلها إشارات كهربية.. السؤال الآن: هل أنت متأكد من مصدر هذه الإشارات؟.. فيلم ماتريكس يسهل عليك كثيرا فهم هذه النقطة، مع ملاحظة أنّ الواقع الافتراضي ليس خزعبلات، بل له أساس علميّ!

((إذا كنت بتشكك في مسلمة وجودنا التي تدركها حواسنا فما بالك بمن لا تدركه الأبصار))
إذا لم تستطع إثبات وجودك أنت، فلن تجرؤ بعد هذا على طلب إثبات لوجود من خلقك!
كما أنّ إيمانك بوجود الأشياء كمسلمة، يحطم سخريتك من وجود خالق الأشياء كمسلمة!
وإذا كنت لم تر الله ولم يخاطبك كما أشرت في ردك السابق، فأنت أيضا لم تر البوزيترون ولم تخاطبه.. ولكنّك أدركت وجوده من آثاره الفيزيائية!
دعني أعد طرح سؤالك بصورة أخرى:
إذا كنت أنت ماديا ولا تستطيع إثبات وجودك، ولا تستطيع إثبات وجود العالم الذي تشعره.. فكيف تريد من فانٍ مثلك أن يثبت لك قطعيا وجود من لا تدركه الأبصار ولا باقي الحواس؟
ما زلت أنتظر إثبات كونك موجودا.. لا يعقل أن تفشل في إثبات مثل هذا الأمر البسيط (كما تتصوره!!).