اقتباس:  استشهادي المستقبل   كتب/كتبت  
هذا ما اردت ان اقوله عندما قلت ان الالحاد قاس و جاف

يعني اذا كانت الحياة قاسية و جافة، فهل تريدني ان اكذب عليك؟ تريدني ان اقول ان هناك كائنا اسطوريا كامل الصفات سوف يعتني بنا و يصلح كل المظالم و يحقق العدل، و سوف نقوم بعد ان نموت و نعيش في مملكة ساندريلا السحرية الى أبد الآبدين؟؟

يعني اذا لم تكن قادرا على احتمال الواقع، يمكنني ان اكذب عليك و اقول كل هذا الكلام. لكن أفضّل أن نتعامل مع الموضوع بنضوج.

اقتباس:تصوروا رجلا يعيش دون اطراف لمدة 25 سنة ثم بعدها تقول له ليس امامك سوى الفناء والموت والسواد الابدي

لي تعليقان على هذا الكلام:

1- أولا أرجو ألا تعتقد أن الملحد يتجاهل تراجيديا الوجود. نعم، الحياة قاسية و صعبة للكثيرين، و محدوديتها أمر يصعق أي عقل مفكر. هل تظنني أحب الموت مثلا؟ بالعكس، أنا أحب الحياة و مستعد لدفع أي ثمن للتمسك بها و اطالتها. حقيقة ان اصدقائي و احبائي بعضهم مات و البعض الاخر سيموت هي حقيقة صعبة و مؤلمة للغاية.

كذلك أنا على دراية تامة بأن الكثيرين عاشوا حياة ظالمة، و منهم اشخاص كانوا قريبين عليّ اكثر مما تتصور، فمنهم من فقد بصره و منهم من فقد قدرته على المشي و منهم من عاش مبتور الساق، الخ.

و ما أجمل الحلم الذي يعيش فيه هؤلاء مبصرون ماشون و بكامل صحتهم، في عالم أزلي لا ينتهي و فيه من الجمال و الروعة ما لا ينضب. هذه كلها مشاعر يشترك بها المؤمن و الملحد على حد سواء.

طبعا المؤمنين اخترعوا على مر العصور ما يعينهم على تحمل الواقع الجاف، فإذا ارادوا حلاللحياة الحالية التي يعيشونها، اخترعوا قصصا مثل الآلهة التي تمتحنهم او الخطيئة الاصلية، الخ.

ألا ترى ما يحصل؟ إنها فعلا رواية متكاملة، فيها المشكلة، و الحل، و الميكانيكية، و التبرير. جميع مقومات الخرافة مكتملة ببراعة و اتقان و حنكة.

هذا بالطبع يرضي الكثيرين، و لكنه لا يقنع الانسان الذي يصر على التعامل مع الامر بموضوعية، و لا يتعامل معه تحت تأثير المصلحة او الخوف او "القسوة" او غيرها من الامور.

يعني تصور وحياتك لو جاءني الطبيب و قال لي ان بي مرض معين لا يمكن شفاؤه، فهل سأقول له، "هذا الكلام قاس و جاف و انا لن أقبله بل سأنكره"؟؟؟ أم سأقول للطبيب، "أنا سأقبل الواقع و احاول ان اصلحه و اتعايش معه."