"هنية": لا مكان لمن تلطّختْ أيديهم بالفساد في الحكومة.. والشعب الفلسطيني سيقيم سلطته على أيّ جزءٍ يتحرر

غزة – المركز الفلسطينيّ للإعلام

أكّد الشيخ إسماعيل هنية، رئيس الوزراء الفلسطيني المكلّف، أنّ حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ستقدّم الحكومة الفلسطينية في الفترة القانونية وهي ثلاثة أسابيع، معرِباً عن أمله أنْ تكون حكومة وحدة وطنية، ومشيراً إلى أنّه إذا لم يتمكّنوا من تشكيل حكومة وحدة وطنية فإنّ حركته قادرة على تشكيل حكومة منها.

وقال هنية خلال لقاءٍ عقده اليوم الأحد (5/3)، في فندق "جراند بالاس" على شاطئ مدينة غزة مع الكتاب والمثقفين الفلسطينيين: "ندرك جيِّداً أنّ هناك محاولات لخلق حكومات موازية، ومحاولات لسحب صلاحيات الحكومة وإغراق المؤسسة، ولكن نتعامل مع هذه الأشياء بصدرٍ رحبٍ وعدم إرباك للحالة الفلسطينية". وقال: "نتحدّث عن الشراكة السياسية لأنّنا لا يمكن أنْ نتناقض مع أنفسنا، ولو رفضت بعض القوى (ذلك) فهذا شأنها، ولدينا القدرة على تشكيل حكومة، وخياراتنا في هذا المجال كبيرة، وسيرى شعبنا الحكومة قبل نهاية المدة القانونية في الثلاث أسابيع الأولى"، على حدّ تأكيده.

وأضاف هنية: "إنّ حماس تملك رؤية واضحة لما هي عليه الآن، ومتمسكة بالثوابت الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ولن تتنازلَ أو تفرّط في حقٍّ من حقوقه، وسنواصل طريقنا نحو الإصلاح والبناء، على الرغم من كلّ الصعاب التي سنواجهها"، وفق تعبيره.

ونفى رئيس الوزراء الفلسطيني المكلّف أنْ تكون أيٌّ من الدول التي استضافت وفد الحركة قد فرضت شروطاً على "حماس"، مؤكداً أنهم "قدموا النصيحة والدعم للشعب الفلسطيني"، معتبراً زيارة وفد حركته لروسيا "ناجحة جداً".

وقال هنية بثقة: "نحن لسنا في مأزق، ولكنّ الآخرين هم الذين يتخبطون، وظهرت عليهم علامات التشنّج منذ لحظة إعلان النتائج، ولكنّ حماس مقتنعة تمام الاقتناع بالخطّ الذي تسير عليه، وتتبناه، وتعرف قدراتها جيداً، وتقدّر الواقع المحيط بمنتهى الدقة، وقادرة على قيادة الدفة الفلسطينية مستندةً إلى الحق الفلسطيني باعتباره مصدر القوة الأول، ثم التفويض الشعبي الواسع الذي يُعتبر مصدر القوة الثاني، والإرادة بتحقيق الإنجاز".

ومضى رئيس الوزراء الفلسطيني المكلّف إلى القول: "طالما نحن متمسكون بحقوقنا وحماية الوحدة الوطنية فنحن لسنا في مأزق، لأننا نستند إلى العمق العربي والإسلامي، وغير صحيح أنّ الأمة الإسلامية تخلّتْ عن الشعب الفلسطيني، لكن هناك علاقات تهتّكت نظراً للسياسات السابقة، ونحن في إطار إعادة العلاقات، وإعادة الاعتبار لموقع الأمة تجاه القضية الفلسطينية"، على حدّ توضيحه.

كما ذكر هنية أنّ حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ستتحرّك في هذه المرحلة على مسارين؛ هما "مسار التحرّر الوطني، ومسار البناء الداخلي والإعمار". وقال إنّ: "الشعب (الفلسطيني) سيقيم سلطته على أيّ جزءٍ يخرج منه الاحتلال، لكنّ الدولة الفلسطينية لها حدود معروفة".

وأشار إلى أنّ حماس تتعمد إبداء قدرٍ من الغموض في طرحها السياسي، عندما قال: "نحن لدينا برنامج، ونعرف ما الذي نريده بدقة، وقد يبدي الغياب المقصود في الوضوح أننا في مأزق، ولكن نحن نسمّي هذا بالغموض البنّاء". وأثار التساؤل "لماذا نجيز هذا الغموض للآخر، ونسميه حنكة سياسية، وإذا تعلق الأمر بحماس يسمى غياب وضوح"، مؤكّداً أنّ حركته "لن تنثر مواقفها على الطاولة، وفي الإعلام، وستدير الوضع السياسي بما يتطلّب، وستعطي

الموقف والمعلومة في الوقت المناسب الذي تختاره هي، وليس وفقاً لأيّ ضغوط من أي جهة"، كما قال.

وشدّد إسماعيل هنية على أنّ الحركة الفلسطينية التي اكتسحت الانتخابات البلدية والتشريعية الفلسطينية "لن تتنازل عن ثوابتها الاستراتيجية"، وإنْ بدا "بعض التقارب" بين خطابها وخطاب الآخرين على الساحة الفلسطينية؛ "إلا أنها ستظلّ على مواقفها الثابتة من قضايا الحقوق الوطنية، ورفض الاعتراف بشرعية الاحتلال، ولن تبيع الحقوق"، حسب تأكيده.

وتابع هنية: "نحن نتحرّك وسط بيئة معادية عنوانها الاحتلال، وبعض الدول المساندة له كالولايات المتحدة الأمريكية، ونعلم أنّ هناك محاولات احتواء سياسيّ لنا أو تدجين المقاومة، وجلبنا إلى مربعهم، وندرك أنهم يريدون حشرنا في زاوية خيارين؛ إمّا الاستجابة لشروطهم أو مواجهة حرب كونية تقودها أمريكا. ولكن لدينا الخيار الثالث، هو الصمود في وجه الضغوط، وعدم الدخول في حربٍ مع العالم، واشتقاقٍ لحالة استيعاب للحظة الصدمة، وعرض خياراتنا في الوقت والظرف المناسب الذي نحدِّده نحن"، وفق قوله.

وقال: "أريد أنْ أطمئن الجميع أنّ حماس لن تغادر مواقعها، ولن تجعل الحقوق الفلسطينية في كفّة والمال في كفّة أخرى، وفي نفس الوقت نحن سنشتقّ المعادلات، ومعنا شعبنا"، مشيراً إلى أنّ "هناك دول عديدة ولجان استشارية ومستشارين كباراً من الخارج اتصلوا بنا (حماس) لعمل الدراسات اللازمة، وحماس لا تشعر أنها مقطوعة من شجرة"، حسب ما قال، داعياً الجميع إلى المبادرة وتشكيل لجان استشارية للحكومة الفلسطينية القادمة.

وبشأن العلاقة بين الحكومة والرئاسة؛ فقد شدّد هنية على أنّ العلاقة مع الرئيس محمود عباس ستكون علاقة "تعايش"، وليس علاقة "تباين أو صدام". وقال: "نحن حريصون على العلاقة الطيبة مع الرئيس أبي مازن، وأنْ نعالج كل القضايا بالتفاهم والحوار"، مشيراً إلى أنّه أطلع عباس على نتائج جولة الحركة للدول العربية، وبدوره بادر بالاتصال بهنية قبل توجّهه إلى الجولة الخارجية، ثم اتصل به هنية مجدداً بعد إشكالية المجلس التشريعي الأخيرة في

رام الله.

وأضاف رئيس الوزراء الفلسطيني المقبل: "البعض يريد أنْ يجعل من هذه النقطة خلافاً معمّقاً، يصل إلى حد الصدام بيننا والرئيس أبي مازن، ونحن نقول: نريد أنْ نجد صيغة تفاهم بين البرنامجين، ومن خلال تجربتنا مع الأخ أبي مازن في الفترات السابقة؛ وجدنا أنّ برنامجه يمكن أنْ يُبنى عليه"، مؤكّداً أنّ خطاب الرئيس أثناء تنصيب المجلس التشريعي الجديد "به مساحة واسعة من التفاهم والتوافق، خاصة فيما يتعلق بإصلاح الوضع الداخلي الفلسطيني"، وفق تعبيره.

وقال هنية مضيفاً: "لم أشأ إثارة نقطة الخلاف في البند الذي يتضمّن الاعتراف بالكيان الصهيونيّ، لأنّ الحكومة المقبلة هي التي ستردّ (على ذلك) من خلال عرضها وبرنامجها على المجلس التشريعي، وإذا لم يوافقْ عليها التشريعي؛ فسنعيد صياغتها مرة أخرى".

وتابع قوله مستغرباً: "لماذا الحديث عن إشكالية سياسية فلسطينية؛ في حين أنّ الإشكالية الأساسية مع الاحتلال، والكرة في ملعب الاحتلال، وليس مطلوباً من الشعب الفلسطيني أنْ يقدِّم مبادرة، ولكن على الاحتلال أنْ يقدّم عرضاً ثم ندرسه نحن"، مشيراً إلى أنّ الرئيس الراحل ياسر عرفات "وقّع على الاتفاقات وطبّق الالتزامات فيما لم يلتزم (الإسرائيليون) بشيء".

وطمأن إسماعيل هنية الشعب الفلسطيني بأنّ الحكومة المقبلة ستكون على أساسٍ من "الكفاءة والمهنية في العمل، ولن يشارك (فيها) مطلقاً أحد تلطخت يداه بالفساد". وقال: "سنعمل وفق منظومة مشتركة، نتفق عليها مع جميع الفصائل"، مؤكّداً أنّ "حماس" لن تغادر مواقعها المبدئية، "ولو عرض عليها مال الدنيا". وأضاف: "لكنها في ذات الوقت ستشتقّ من المعادلات ما يمكنها من تخطي العقبات"، حسب قوله