الزميل العزيز بيوتفل مايند،

أنت لست نصرانيا ولا متدينا بدين كما فهمت من أرشيفك ومداخلاتك السابقة.

دعنا من الأديان ولننصرف إلى ما تسميه أنت الإنسانية.

ما هي الإنسانية التي تعتقدها؟ وكيف تنسب الصفة إلى الإنسانية أو تنزعها عنها؟

هل يكون السلام مثلا إنسانيا والحرب ليست إنسانية؟
هل تكون المحبة إنسانية والبغضاء ليست إنسانية؟
هل تعلم مخلوقا غير الإنسان يشن الحروب للأهداف المختلفة ويبغض، كما يقوم بنفس الوقت بعقد السلام ويحب؟

زميلي العزيز،

كل الصفات التي تكرهها أنت هي صفات إنسانية، ولا يفيد أبدا الإغماض عن صفة إنسانية فقط لأننا لا نحبها، كما أنك لا تحبها ولا تمارسها، هناك قطعا إنسان غيرك سيحبها ويمارسها، أو لعله سيمارسها دون حب لها. ولن يفيد أبدا التظاهر بالنوايا الطيبة بينما أصحاب النوايا الشريرة جائلون يقومون بما يريدون.
حينذاك سيكون حال من يريد أن يضبط المجتمع على المحبة والسلام فقط كحال من يضع رأسه في الرمال متأملا انتهاء الخطر لوحده، ظانا أنه سيسلم من الأذى في برجه العاجي.

زميلي العزيز،
حين النظر إلى الإنسان، فنحن ننظر إليه على ما هو عليه فعلا، لا على ما نحبه أن يكون، نعم نحن نسعى به ليصبح كما نحبه أن يكون لكن دون إهمال لواقعه الطبيعي. وحينذاك تصبح الحرب نشاطا بشريا طبيعيا ينظم بقوانين من يخالفها يغدو مجرم حرب، وحينذاك تصبح البغضاء نشاطا بشريا طبيعيا منظما بعرف ضابط، ويغدو العنف مقننا محتكرا من قبل السلطة كما ينبغي له أن يكون.