اقتباس: Beautiful Mind كتب/كتبت
منتظر قصتك لنكمل كلامنا ..
إحتراماتي (f)
الأخ Beautiful Mind المحترم
وعدتك أن أقص عليك قصة صديق لي مر بتجربة الشك ثم الإلحاد ثم الإيمان، القصة حدثت بالفعل في عام 1997 ميلادي لكن اعذرني لأنني لن أذكر لك اسم هذا الشخص لأنه لا يهم أحد، سنسميه (س).
تعرفت على (س) في بداية رحلتي الدراسية في كلية الآداب بدمشق، كان هو يدرس الصحافة وكنت أنا أدرس الأدب الإنكليزي، كنا نلتقي بعد أو قبل المحاضرات ونتبادل الحوار في مواضيع مختلفة. كانت أوضاعنا متشابهة لحد ما، فهو قادم من دولة الإمارات للدراسة وأنا قدمت من دولة قطر، كيف تعرفت عليه؟؟؟؟ صدقني أنني لا أذكر كيف، لكنني كنت أسـتأنس بوجوده كما كان يستأنس بوجودي لأن الجو العام كان غريباً على كلينا لذلك كنا نشعر بأن هناك ما يربط بيننا ولهذا بقينا لفترة أربعة أو خمسة أشهر سوياً دون أن يكون هناك أي شخص آخر.
كنا في البداية نلتقي في الجامعة كما قلت لك، لكن بعد فترة أصبحت علاقتنا أقوى، صرنا نخرج سوياً لنتنزه في مقاهي وحدائق دمشق الرائعة ولا أخفيك أنني كنت أعيش أحلى أيام عمري في ذلك الوقت. في تلك الفترة وصلت لمرحلة متقدمة في شكوكي بالنسبة للدين، كان إيماني بالإسلام ضعيفاً أو أدنى إلى ذلك، لم أعد قادراً على تصديق كل تلك الخزعبلات والترهات التي كنت محملاً بها، بحثت وبحثت في الكتب والمساجد وعند شيوخ الدين لكن لم يملك أحدهم إجابات تشفي غليلي. لم أعد أؤمن بالدين لكن إيماني بوجود إله ظل باقياً بداخلي ولهذا فضلت البحث عن الدين الحق، لم أذهب للمشايخ أو أقرأ كتبهم بل فضلت البحث في الأديان بنفسي إلى أن وصلت إلى الدين الحق – الإسلام – الذي كان قريباً وبعيداً عني. اتضح لي أن المشكلة ليست في الدين بل في فهمنا المغلوط له. طبعاً استغرقني ذلك وقتاً طويلاً وها أنت ذا تقرأه في سطرين.
الغريب والطريف في الأمر أن (س) أيضاً كان يمر بتلك المرحلة، لكن الفرق بيننا كان أنه فقد إيمانه بالدين وفقد إيمانه بوجود الله أيضاً. علمت ذلك حين تناقشنا في موضوع فيلم كنا حضرناه سوياً في السينما، كان بطل الفيلم قاتلاً مأجوراً وكان الشاهد الوحيد على جريمته راهب متدين في كنيسة، فما كان من البطل إلا أن ذهب لكنيسة هذا الراهب وأعترف له بجريمته في غرفة الاعتراف، وهكذا لم يعد الراهب قادراً على كشف سر هذا القاتل. قال لي (س) حينها أن جميع الأديان فيها نقاط ضعف وأنه لو كان الدين المسيحي ديناً صحيحاً لما احتوى على هكذا عيوب. استوقفتني كلمة كل الأديان وسألته (ماذا عن الدين الإسلامي؟) فقال لي أن الإسلام أيضاً مليء بالمتناقضات. طبعاً دار بيننا نقاش طويل جداً عن تلك المتناقضات، ولا أريد أن أخوض فيها هنا لأن معظمها متداول في هذا النادي من قبل الأخ عدلي وغيره. المهم أن (س) كان قد اقترب جداً من مرحلة الإلحاد في ذلك الوقت أو أنه قد تجاوزها بالفعل لأن أخباره انقطعت نهائياً عني بعد أيام من ذلك اللقاء.
لم أعد أراه في الجامعة ولا خارجها ولم أستطع حتى أن أعرف سبب انقطاعه عن الدوام في الجامعة لأنه لم يكن يملك هاتفاً، أما بالنسبة لبيته فكل ما كنت أعرفه هو أنه يقطن في منزل جده في منطقة (المخيم) في دمشق ولم أكن أعرف عنوانه هناك.
المهم أن عاماً كاملاً قد مر، كنت أنا مشغولاً في دراستي كما أنني تعرفت إلى العديد من الأصدقاء هناك فلم أعد أهتم كثيراً لما حدث مع (س) فقد قدرت أنه ربما عاد للإمارات للعمل هناك.
كان جالساً هناك في الكافيتيريا الخاصة بالطلاب والتي اعتدنا أن نشرب فيها القهوة، كان رأسه ليس رأساً من الرؤوس المتعارف عليها، لا أدري كيف أصفه!!! كان مليئاً بالتعرجات والتشوهات كما أنه قد فقد معظم شعره وكأن أحدهم قد قام بكشط فروة رأسه بموسى حادة، كما أنه كان يستعمل العكازات ليتمكن من المشي، لم أعرفه لكنه عرفني وأشار لي بيده كي أقترب منه. اقتربت منه وسألته إذا كان يعرفني فقال لي:( كيف حالك غالي، أنا (س) ألم تعرفني؟؟؟). أصبت بالذهول ولم أعد أعرف بماذا أرد عليه. ما الذي حدث لك وكيف ولماذا؟؟؟
كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي لم أستطع أن أتجاوزها إلا بعد عدة أيام.
حين خرجت من تلك الصدمة – صدمة لقائه على هذا الشكل- كان لدي رصيد كاف من الشجاعة لسؤاله عن الذي حدث معه. ولن أنسى أبداً ما قاله لي في ذلك اليوم.
قال (س): أنت تعرف أنني أشك بوجود الله وبالأديان السماوية، لكنني كنت أريد أن أقوم بمحاولة أخيرة للتأكد من وجود الله، كنت أريد من الله لو أنه موجود أن يثبت لي أنه موجود وأنه قادر على إثبات وجوده، فدعوته باسمه وقلت له لو انك موجود يا الله فأمتني وأحيني من جديد بما أنك قادر على إحياء الموتى، لو كنت قادراً أثبت لي قدرتك على ذلك، تريد مني أن أؤمن برسل أرسلتهم من ألاف السنين، تريد مني أن أؤمن بكتبك ومعجزاتك على أيدي رسلك ولم يسبق لي أن رأيت أحداً منهم، أين هي معجزاتك الآن، لو أنك قادر على إثبات إلوهيتك فأمتني وأحيني من جديد.
قال لي (س) أنه بعد يومين من هذا التحدي لله أثبت الله له وجوده بأن أماته وأحياه من جديد. تعرض (س) لحادث مروري مروع حيث تعرض للدهس من ميكروباص وغاب عن الوعي لمدة ثمانية أشهر في غيبوبة. لم يخبرني بالذي رآه هناك في غيبوبته الطويلة لكن الدموع التي ترقرقت في عينيه أعطتني لمحة كافية عن الذي رآه.
سلام