الزميل أحمد كامل,
لا اختلف معك في عنوان موضوع و لكن اجد نفسي محتارا في متنه,
اقتباس: أحمد كامل كتب/كتبت
توطئة
لا يختلف الإسلام عن غيره من الأديان من ناحية شرطه الجوهري فيما هو عليه من شرط البعد عن الخطيئة بالتمترس في ساحة أفضل الممكن وصولا إلى أقصى المطلوب
وبين أفضل الممكن الذي يجعل من الدين إمام اعتدال وصحة
وبين أقصى المطلوب الذي يجعل من الدين هاوية تطرف
تكمن علة تاريخ حركات التطرف الإسلامي وصولا إلى الإسلام السياسي المعاصر وملازمة هذا التاريخ لتاريخ من الخراب المرافق لظهور هذه وتلك من الحركات
لماذا اعتبرت ان افضل الممكن اعتدال, الم يتحول افضل الممكن من منظور هؤلاء الصحابة إلي مرجع ثابت في حد ذاته! و من يحدد مفهوم كلمة "افضل" و الادهي من يحدد ال"ممكن" و الغير "ممكن"
سوف تجد دائما من يميل إلي التطرف يعتبر ان هناك افضل دائما و سوف تجده يدعي ان الممكن اكثر بكثير مما هو مطبق, إنها دائرة مغلقة فمؤيدي التطرف لا يسيرون بلافتة علي صدورهم و عليها كلمة متطرف و في اي حديث سوف يؤكد انه ينشد صحيح الدين المعتدل لا غلو و لا تفريط!
اقتباس: أحمد كامل كتب/كتبت
إلا انه لا بد من التنويه وفي كل مناسبة أن انقلابا قد حصل في صدر الإسلام نقل الممارسة الدينية من مستواها المغالي المتطرف إلى مستواها المعتدل أي ممارسة أفضل الممكن
إن هذا الانقلاب كان انقلاب الصحابي عمر بن الخطاب والذي رسخ هذا الاتجاه في فترة خلافة أبي بكر أو في ظل خلافة الخليفة عمر ذاته أو فيما بعد عمر حيث حلت السلطة الزمنية التي يقررها البشر بل الأطروحة المخالفة التي كانت تنادي بسلطة دهرية مقدسة يكون فيها إمام السياسة والدين واحد متوحدا على راس السلطتين ( ولاية الإمام أو الفقيه أو المرشد )
سنة الشيخين تلك التي اختلف الجمهور مع الخاصة عليها وصارت عنوانا لتاريخ الصراعات الإسلامية اللاحقة
والتي يمكن اختصار أوضحها بين اتجاهين :
اتجاه زمني يأخذ بالمستطاع من متطلبات الدين والممكن من الواقع
واتجاه دهري يلغي خصائص الحياة ومتطلباتها ويعتبرها ساحة امتحان وفوز ليس إلا
اي انقلاب قام به الصحابي عمر بن الخطاب و علي من؟
إذا كنت تقصد التنظيمات التي احدثها في الدولة الوليدة فهي "حتمية" فلا يمكن لجيوش الجزيرة العربية المتخلفة حضاريا (حتي لو انتصرت عسكريا) ان تتحكم في دولا واسعة الموارد و كثيفة السكان بدون تطوير منظومة ادارية مناسبة و هذه التنظيمات لم تكن ابداعا اسلاميا بل هي نقل عن ابناء هذه الحضارات المفتوحة.
اما اذا كنت تقصد فكرة الاخذ بآراء بشرية في هذه التنظيمات علي انها توكيد للسلطة الزمنية فاختلف معك, فالوحي انقطع بوفاة الرسول (ص) و بالتالي لم يعد من الممكن تلقي تعليمات فيما جد من الامور اما عن استنباط الجديد من صلب القرآن علي شاكلة إعجازيين زمننا الحاضر فمستحيل لثلاثة اسباب:
1- كانت رقعة الدولة تتوسع سريعا بما لا يسمح بأضاعة الوقت او التهاون, فهذه الدولة الوليدة تحتاج لقواعد تناسب مع تركيبة اقتصاد و سكان الامصار المفتوحة و لم يجدوا افضل مما انجزته حضارات رائدة طورت منظومات فعالة بالتفاعل مع محيطها.
2- استنباط هذه القواعد من صلب القرآن مرتبط اساسا بأكتشاف العنصر البشري لها ثم القول بعدم معارضتها للدين في تمهيد للخطوة الحاسمة بالتلاعب بمعني النصوص حتي يثبت ان الدين اقرها قبل ان يكتشفها الانسان!
3- لم يكن الرعيل الاول من المسلمين يمتلك مهارة التلفيق التي يمتك اعجازيين هذا الزمن.
كل ما حدث ان بعد وفاة الرسول (ص) اصبح الخلفاء الراشدين مجرد صحابة يتعاملون مع نصوص دينية ثابتة شرحت اشياء و غابت عنها اشياء فلم يجدوا بديلا من الاجتهاد, اما الكارثة انه و بعد مرور اجيال متعاقبة من المسلمين ظهر من الزم نفسه باجتهادهم و اصبح المسلمين في تصلب قاتل بين نص قرآني "مقدس تماما" ثابت و احدايث ما يصح منه ملزم و افعال صحابة سنة لانهم كالنجوم و علينا ان نهتدي بهم.
بالمناسبة في بعض سياسات الرسول (ص) (بل و النصوص القرآنية ايضا) ما يثبت البعد الزمني, سواء في المهادنة و المعاهدات و تدرج الاحكام ..... فهل هذا يعني ان السلطة الزمنية بدأت في هذه المرحلة.
و من هذا المنطلق هناك رأي لجمال البنا بان الاسلام في الاساس دين علماني!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
اما حركات الاسلام السياسي الحالية و بتعريفك الذي وضعته لا تعتبر متطرفة بل هي معتدلة فقد ادخلوا الكثير من الاجتهادات (بعضها متردد) و حسب خطابها فهم ينشدون افضل الممكن بل و وهم الاحياء المتأصل فيهم هو العودة إلي زمن الخلافة الراشدة التي اعتبرتها بداية مرحلة السلطة الزمنية.
هل تصدق المفارقة ان تكون الخلافة الراشدة ذاتها سلطة تأخذ بالبعد الزمني ثم يطالب بعودتها بعد 14 قرن!!!
ان مناقشة العلمانية انطلاقا من ان السلطة الزمنية بدأت في عصر الخلافة الاولي من وجة نظري طريق مسدود (مجرد رأي) فسوف تصتدم حتميا بمفهوم الثوابت و سوف تجد نفسك في ملعب الاسلاميين بحديثهم عن حدود الاجتهاد و هم في هذا المجال يمتلكون رصيدا هائلا من الكتب بأمتداد 14 قرنا تخنق محاولات الاجتهاد و تحوله إلي جدلا عقيما.
انا متابع و خد وقتك, نحن نتكلم عن ثقافة 14 قرن و مش هيفرق قرن آخر.
اطيب تحياتي
(f)