الأخ المحترم مالك .(f)
أتابع مداخلاتك و أشكرك عليها .

اقتباس:اريد ان اسأل:
بماذا تختلف "الثقافه" عن "المعرفه"؟

يجيب رحمة

اقتباس:الثقافة ناظرة إلى الداخل والى الذات  
والمعرفة نتاج خارجي كسبي يكتسبه المرء من خارج ذاته وداخله من التاريخ من التراث من الاديان من العلوم من الفلسفة بغض النظر عن طبيعة المعارف وتقدمها وصحتها من عدم صحتها اي ما يدخل ضمن النظريات الغير مثبتة.

ربما كان السؤال استنكاريا و لكن هناك تصحيح لابد من وضعه لرد رحمة الذي يبدوا متسرعا ، فهناك اعتقاد شائع أن الثقافة هي نتاج للتراكم المعرفي ، و أن المعارف مستقلة المصدر ، لو كان ذلك صحيحا و طالما كانت المعارف حسية و مشتركة فالثقافات ستكون متشابهة و متجانسة ،وهذا ليس حقيقيا أو على الأقل ليس كل الحقيقة ، فالمعرفة هي أيضا و ليدة الثقافة ، هناك تاريخيا أصول ثقافية للمعرفة ، فعلى عكس النظريات التي ترى أن المعني منفصل عن الثقافة ، تؤكد نظريات مابعد البنيوية ( فوكو و دريدا ) أن الثقافة جزء متكامل من المعنى ، فعندما تستقبل ثقافة ما خبرات و تجارب معينة فهي تحولها إلى معارف خلال بنى عقلية و منطقية خاصة مميزة للثقافة ذاتها ، هناك الإتصال اللساني و التمثيل الرمزي ، هناك الأبنية اللسانية المتفاوتة ، هناك الخطاب و إعادة الوصف التمثيلي ، هذه عناصر تشكل المسارات المنطقية داخل الثقافة مما يحيل التجارب المشتركة بين الثقافات إلى معارف متفاوتة بل متناقضة أحيانا كثيرة ، هل هذه الأفكار تبدوا نسبوية مرة أخرى ؟، للأسف فكي تكون أمينا ستطرح من الأسئلة أكثر كثيرا من الإجابات .

اقتباس:احيانا يتأزم العقل السائد نتيجه عدم كفاءته في توجيه المجتمع وتفاعله مع حاضرة . في تلك المرحله يقوم العقل الفاعل –الملكه-بتوجيه سهام النقد للعقل السائد ويحاول استنباط-او ابتكار عقل سائد يجهد في ان يكون يوافق
استلزاماته. وهكذا فان هناك نوع من التبادل بين العقلين .

مالك .. أشم رائحة الأنا و الأنا العليا المستمدة من علم النفس التحليلي في هذه الإزدواجية الجديدة العقل السائد و العقل الناقد، لا أدري هل هذه نظرية تقترحها ام هي بالفعل نظرية مطروحة اكاديميا ،و لكن في الحالتين لدي نقد للنظرية ، فطبقا للنظرية تمتلك الثقافات المختلفة أداة ذاتية للتصحيح و التعديل و الإنتخاب ، هي ما أطلقت أنت عليه العقل الناقد ، و لكن التجربة التاريخية تخبرنا بالعكس تماما فعند منعطف محدد لابد من تصحيحح الثقافة من خارجها ، لقد عاشت أوروبا المسيحية ما يقرب من 1000 عام من ظلام العصور الوسطى حتى أطلق عليها 1000 عام بدون حمام ، هل تعلم لماذا ؟، لأن الأوربيين اعتقدوا أن جسم الرجل عورة لا يجب أن يراه ،و لهذا قاطعوا الحمامات العامة ، و عندما شاهدوا المسلمين يجرون العمليات الجراحية البسيطة أثناء الحروب الصليبية أعتقدوا أنهم يخرجون الشياطين من أجسام المرضى ، لقد قتلت المسيحية العقل الأوروبي و أفسدت روحه حتى غدت المجتمعات المسيحية في فرنسا و انجلترا و وسط أوروبا أشبه بمستعمرات للحيوانات البدائية ، لهذا كانت الحضارة المسيحية الأوروبية في حاجة للاتصال بالحضارة الإسلامية التي كانت مزدهرة و فاعلة وقتها كي تصحح نفسها ، لم يكن المسلمون يملكون أسلحة أفضل أو حماسا أكبر و لكنهم امتلكوا عقولا أفضل و أبعد عن الخرافات و أقدر على التفكير المنهجي العقلاني ،نفس التجربة تكررت في اليابان خلال 200 عام من حكم أسرة توكوجاوا ، فقد انعزلت اليابان كي تحافظ على نقاء ثقافتها الخاصة ، خلال تلك الفترة حكم اليابان أفضل الأباطرة وتطورت حتى أصبحت نسبة التعليم 15 % للنساء و 40% للرجال وهي نفس النسبة في أرقى الدول الأوروبية المناظرة ،و لكنها كانت حضارة منعزلة عقيم ، و النتيجة أن انهزمت اليابان في معاركها العسكرية مع القوى الغربية فأدركت أنها في حاجة للإتصال بالحضارة الغربية كي تنهض ، وهكذا بدأ عصر ميجي في اليابان الذي دشن اليابان الحديثة .

اقتباس:مع ان الثقافات غير قابله للتفاضل بحسب اخر ما توصل اليه العقل , الا ان ثمه قيم ومعارف انسانيه يشترك بها البشر وهي قابله للتفاضل بحسب كيفيه تصرف الثقافه معها.

هذا ما نتفق حوله ،وهذا أيضا ما ذكرته في استخدام المناقشات النقدية التي تحاول اختبار الثقافة أو المبادئ محور النقاش عن طريق ما إذا كانت منتجاتها أو عواقبها consequences أو أثارها المنطقية مقبولة أو غير مرغوبة ،وهذا يجعلنا قادرين على تمييز ثقافة ما كونها خاطئة أم صائبة ، فلو قارنا قيمة الحرية مثلا في ثقافات مختلفة يمكننا المفاضلة بين تلك الثقافات ، هذا المقياس لن يكون أيضا صحيحا دون الاتفاق على ما هو أفضل ، ذلك أن حكمنا على المنتجات الثقافية و العواقب بأنها الأفضل سيكون فقط من وجهة نظرنا نحن ، و لن يراها كذلك من ينتمي لإطار ثقافي مخالف الذي يمكن أن يرى تلك العواقب نفسها من رؤية مختلفة و أنها سلبية !.، أي أن تلك الرؤية للعواقب ستكون جزءا أو امتدادا لثقافتنا نحن ، وهذا ما يحدث بالفعل فلو رأينا ان منظومة الثقافات الغربية أقدر على توفير نوعية أفضل للحياة ، سيجيبك الأصوليون أنهم لا يسعون لتلك النوعية الأفضل بل هم يريدون الحياة طريقا للآخرة و مرضاة الله باتياع أوامره و اجتناب نواهيه و أن الحياة اهون عندهم من جناح بعوضة ، لو طرحنا قيما حضارية كأساس للسلام العالمي أجابوك أنهم لا يريدون السلام بل الجهاد في سبيل الله ، و قتل المشركين كما أمرنا الله، أي بالحروب المستمرة ضد المخالف ( البشرية كلها تقريبا ) .
أرجوا أن تستمر في عرضك و نحن متابعون .