سلامة موسى والتطور
يرى سلامة موسى أنه بالرغم من اهمية نظرية التطور , بسيطرتها على الثقافة الاوربية وصياغتها لعقلية المفكرين في جميع انحاء العالم , الا انها غير معروفة بالقدر الكافي للشعوب العربية .
لذلك كان هدفه هو شرح نظرية التطور وتعميمها بلغة سهلة , خاصة في مجتمعات تفوق فيها نسبة الامية ,وهكذا قدم سلامة موسى كتابه (نظرية التطور واصل الانسان) عام 1928, واهمية التطور بالنسبة له تكمن في تحويلها في نظر الانسان الى المادة , بعد ان غرقنا قرونا في الغيبيات,
يبدا سلامة موسى في سرده لقصة النشوء والتطور بالتالي,
1- يرى ان الطين قد نبض بالحياة , أي الخلية الاولى , والتي كانت اكثر بدائية واكثر تعقيدا من الخلايا الحاضرة وهو يعطينا تصورا لتطورها حينما ظهرت في البداية
جزئيات بروتينية
تعيش بلا اكسجين
لذا لم تكن تستطيع الافادة من غذائها كاملا
ثم تستغل الاوكسجين فيما بعد ...
واعتمادها على مركبات أو جزئيات قوية من البروتين , جعلها تسرع نحو الارتقاء
(إذا البروتين هو المادة الحية الاول)
• المادة البروتينية تحمل على الدوام (شحنة كهربائية) تجعلها تتفاعل مع الاجسام المكهربة المحيطة بها , هذا التفاعل بين الاجسام ...ينتج عنه تذبذب مغناطيسي , يكون اقرب الى الاحساس والحركة
يعول عليه (سلامه موسى) ان الحس والحركة هما خاصة الاحياء , وبذلك أن اول الاحياء على الارض هو مجموعة من الجزئيات البروتينية الكهربائية التي اغتمزت بالحياة
ويوضح سلامة موسى ان السبب في كراهية الناس للقول (بمادية الحياة) هو انهم لا يتصورون أن يكون العقل مادة .
ويشرح ذلك بالقول : اذا كانت الكواكب وهي تعود للمادة تتأثر ببعضها البعض , وتعين المدارات فيما بينهما – على الرغم من تباعدها الشديد بفعل الجاذبية –
لذلك نستطيع القول أن العقل احد خواص المادة حين نسميها جسما حيا , والقول بعدم ماديته يساوي تماما نفي المادة عن المغنطيسية او الجاذبية او الكهربية,
2- يشترك الانسان وكافة انواع الحيوان في وحدة الاصل – أي بقرابة بعيد
3- ينتمي الانسان الى اسرة متعددة الانواع , منها الطرسيوس والليمور و القردة إلخ.... وهي ما يسميها بالاسرة الكبرى
اما العائلة الصغرى فيشكلها مع القردة العليا, والمعنى ليس ان القردة اصل الانسان , انما هما يتفقان في وحدة الاصل , وبالتالي فهم ابناء عمومة
3- استمرار التطور في جميع الاحياء ...حيث ان التغير مستمر جيلا بعد الاخر , مما يترتب عن تراكماته تحول من الكم الى الكيف , مما يؤدى الى التطور
يتتبع (سلامة موسى) التطور الخاص بالانسان :-
- في ملايين السنين السحيقة , تعلق وعاش الإنسان بالاشجار بعض الوقت . وقد علمه التسلق في تلك الفترة مبادئ انتصاب القامة , الامساك باليد , وتقوية حاسة النظر
- أدى انتصاب القامة الى الاستغمناء عن الذنب , لتادية اليد الممسكة لعمله , واستطاع الانسان أن يحمل رأسا ضخما لانه يقع عموديا على قامته
- تحول العينين من الصدغين الى الوجه, والاعتماد على النظر بصورة خاصة. كما ان انتصاب القامة زادها ارتفاعا في الوجه
- لم تكن حياة الانسان مقتصرة على الشجر دون الارض , مما ادى لاحتفاظه بحرية الايدي للتسلق أو الامساك , وبقى الابهام يواجه الكف أو ينطوي على الاصابع وقت الامساك , وهو ما افتقدت اليه القردة العليا
- ترك الشجر والاستقرار على الارض , أدى الى الاجتماع , مما ادى الى اختراع اللغة الى التفاهم
يعالج سلامة موسى اللغة عند الانسان بالاتي , حيث يرى انه لابد من دراسة لغات القردة الحاضرة ولغة الطفل , ومقابلة اللغات القديمة بالمعاصرة ,
لكن ما الذي دفع الانسان الى ايجاد لغة (؟)
- عاش الانسان في مجتمع لم يكن وحيدا به , مما دفعه الى الانتاج المشترك , كالصيد والقنص في البدية , ومن هنا نشات فكرت التعاون الجماعي , وكانت في البداية الاشارات التي استعملها مه اقرآنه اثناء الصيد .
- اكتشاف النار , جعل السهر ليلا ممكنا , وفي هذه الحالة يصعب التفاهم بالاشارات . لعدم وضوح الرؤية مما اصبح معه ايجاد طريقة اخرى للتفاهم ضرورة ملحة .
- محاكاة الاصوات المسموعة عامل هام في اختراع اللفظ ,وكان طريقة التعبير عن افكار الانسان الاول . ويوضح (سلامه موسى) ببعض الامثلة في اللغة العربية : كخرير الماء , واصطكاك الاسنان وعواء الذئب ...إلخ
- ثم يضع الاستعارة والمجاز كركن هام في تاليف اللغات , ومن اهم المشاكل التي واجهت الانسان الاول في الارقام , ويضرب مثلا في ذلك بالاستراليين , الذين يجد أن من الممكن ان يكون لديهم خمسمائة لفظ تدل على البيئة المحيطة بهم , بينما ليس لديهم سوى لفظين فقط للتعبير عن الارقام . هما واحد , أثنان وبقية الارقام حتى اربعة تعتبر تركيبة لهذين الرقمين , وما فوق ذلك بكثير
- المهم أدى اختراع اللغة وتعدد وتنوع المعاني , الى ان يكبر الدماغ لاختزان المعاني
- ادى تفوق الانسان عن غيره اسباب عدة دماغ كبير مناسبا للتفكير – لغة وايدي (لان اللغة ربطت تفكيرنا وجعلت لنا تراثا ثقافيا , ولان اليد التي امتازت(بإبهام ) جعلت الحضارة مستطاعة باختراع الادوات والآلات
- ولا ينفي (سلامه موسى) ان الانسان تعرض لما تعرضت له الاحياء ,من ضروب تنازع البقاء , مما كان سببا في هلاك كل ضعيف أو أبلة , كما انه قد كابد مشاق العصر الجليدي الآخير.
• يستخلص سلامة موسى ان الاحياء (نبات – حيوان –انسان) يقبل التحول والتطور, وكذلك يستند الى طبقات الارض وحفرياتها في إثبات التطور ونفي الخلق (حيث ان ترتيب هذه المتحجرات ..تدل على ان الاحياء لم تخلق كلها مرة واحدة وانما تدرجت) ويسوق في ذلك عدة ادلة :-
1- يحتوي عنق الانسان على سبع فقرات , وكذلك الجمل والزرافة والفأر وجميع اللبونات , بصرف النظر عن طول عنق كل منها
2- ينمو الانسان بخلاياه التي تتشابه مع نمو الاجسام الحية حتى النبات
3- وجود اعضاء اثرية في جسم الانسان لم يعد لها فائدة ما الأن , بينما كانت توائمه قديما
4- عدم اختلاف نظام الجسم الانساني وتركيب اعضائه عما عليه الحيوان (هضما وغرائز واعصاب)
5- حياة الجنين في الرحم تمثل تاريخ النوع الانساني في تدرجه من الخلية الاولى حتى اكتماله
6- كثيرا ما تحدث ردة كمولد انسان مكتس بالشعر كا الحيوان أو براس صغير أو ولادته بذنب
7- اختبارات الترسيب في الدم اثبتت قرابة النوع الانساني من القردة
سلامة موسى من كتاب (نظرية التطور وأصل الإنسان)