{myadvertisements[zone_1]}
الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟
الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟

ظهرت في القرون الأولى للمسيحية عدة كتب كتبت على غرار الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل ورسائل العهد الجديد وسفر الرؤيا وسميت بأسماء رسل المسيح وتلاميذه لتلقى رواجا عند العامة وقد كتب هذه الكتب مجموعة من الهراطقة الخارجين على المسيحية والذين خلطوا بين الفكر الإنجيلي الصحيح وفكرهم الوثني السابق . وقد درست الكنيسة هذه الكتب في حينها وبينت ما فيها من فكر خرافي وثني وكانت تعرف أصحابها الذين كتبوها جيدا ، فهم ليسوا من رسل المسيح ولا تلاميذه فحرمتهم وحرمت كتبهم ، وذلك على الرغم من أنها تؤكد أهم العقائد المسيحية كلاهوت المسيح وصلبه ، لأن الكنيسة تعرف أنه لا يمكن من يخرج الحق من الباطل .
وقد تصور البعض أن الكنيسة كان أمامها كم كبير من هذه الكتب اختارت منها ما يتفق مع فكرها وعقيدتها ورفضت بقية الأناجيل الأخرى ، التي لو كنت قد بقيت حتى اليوم لتغير الفكر المسيحي والعقيدة المسيحية وكان علماء العصر الحديث المحايدون قد كشفوا ما فيها من حقائق ، تصوروا ، أنها تغير الفكر المسيحي كثيراً ، بل وتصوروا أنها تأتي بعكس ما يؤمن به المسيحيين وتكون في صالح ما يعتقده هؤلاء !!
وعلى سبيل المثال قال ناشر الترجمة العربية للكتاب المزيف والمدعو زوراً بإنجيل برنابا ، الشيخ محمد رشيد رضا ، في مقدمته لطبعة 1908م " أننا نري مؤرخي النصرانية قد اجمعوا علي انه كان في القرون الأولى للمسيح عليه السلام أناجيل كثيرة وأن رجال الكنيسة قد اختاروا منها أربعة أناجيل ورفضوا الباقي " .
ولم يقل لنا سيادته الأسباب التي قبل على أساسها رجال الكنيسة الأناجيل القانونية ، ولا الأسباب التي رفضوا على أساسها الأناجيل المرفوضة ، وحاول أن يصور لقرائه أن رجال الكنيسة قبلوا ما قبلوا ورفضوا ما رفضوا بغير علم ولا بحث ولا دليل وذلك لأغراض في أنفسهم !! بل وزعم أن المسيحيين في جميع العصور وعلى مختلف مستوياتهم الفكرية والحضارية والعلمية قبلوا هذا الاختيار دون بحث أو دليل وكأنهم ، جميعاً ، مجرد مجموعة من الأميين السذج ، فقال " فالمقلدون لهم من أهل ملتهم قبلوا اختيارهم بغير بحث وسيكون ذلك شأن أمثالهم إلى ما شاء الله " !!؟
ثم قال أنه " لو بقيت تلك الأناجيل كلها لكانت أغزر ينابيع التاريخ في بابها ما قبل منها أصلا للدين وما لم يقبل ولرأيت لعلماء هذا العصر من الحكم عليها والاستنباط منها بطرق العلم الحديثة المصونة بسياج الحرية والاستقلال في الإرادة مالا يأتي مثله من رجال الكنيسة الذين اختاروا تلك الأناجيل الأربعة ورفضوا ما سواها " !!
وما يقوله هؤلاء لا ينطبق إلا عليهم هم أنفسهم !! فهم يتكلمون بغير علم ولا دليل وليس لديهم ما يثبت مزاعمهم ، فزعمهم أن رجال الكنيسة اختاروا الأناجيل الأربعة دون بحث ورفضوا بقية الأناجيل بلا سند أو دليل مبني على مجرد أوهام !! ولذا يتصور‍‍ون ويتخيلون أنه لو ظهرت هذه الأناجيل ‍، التي رفضها رجال الكنيسة ، ودرسها العلماء بطرق العلم الحديثة وبحرية إرادة ، لأظهروا ما لم يظهره رجال الكنيسة !! ونقول لهم أن الأوهام لا تصنع الحقائق فلا الكنيسة اختارت الأناجيل الأربعة دون سند ، ولا رفض رجالها الكتب الأخرى دون دليل !! وكل ما زعمتم يدل علي عدم معرفة .
ونسي هؤلاء أو تناسوا أن أول من قبل هذه الأناجيل القانونية هم أحفاد أعظم الحضارات في التاريخ ، أحفاد حضارات البحر الأبيض المتوسط ، مثل الفراعنة الذين اشتهروا بعلمهم والسومريين والبابليين الذين اشتهروا بحكمتهم واليونانيين الذي اشتهروا بفلسفتهم التي صارت أم العلوم الحديثة والرومان الذين سادوا العالم أكثر من 1500 سنة واليهود الذين كانوا أصحاب الكتاب الإلهي الأول ، وأن المؤمنين بالمسيحية في العصور الحديثة هم من جميع الفئات والطبقات في جميع بلاد العالم سواء المتقدمة والتي يستفيد بعلمها جميع سكان الكرة الأرضية ، أو دول ما يسمى بالعالم الثالث أو حتى الساكنين في مجاهل أفريقيا . فهل جميع هؤلاء بما فيهم العلماء الذين ارتادوا الفضاء واخترعوا الكومبيوتر وغيره من الأجهزة الدقيقة جدا التي تستخدم في جميع مجالات الحياة ، مجرد مجموعة من المقلدين الذين قبلوا ما سلمته لهم الكنيسة دون فحص أو دليل ؟
كما نسوا أو تناسوا عدة حقائق ما كان يجب عليهم أن يغفلوها ، وهي :
1 – الهراطقة (أصحاب البدع) الذين ظهروا منذ فجر المسيحية الباكر وفي أيام رسل المسيح وتلاميذه والذين بنوا عقائدهم أصلا على ما جاء في هذه الأسفار القانونية . وبرغم من أنه كانت لهم أناجيلهم التي كتبوها هم لتروج عقائدهم إلا أنهم جميعا بدءوا من هذه الأناجيل القانونية .
2 – انتشار المسيحية في جميع بلاد حوض البحر المتوسط ، خاصة الأوربية والأسيوية ومصر في أفريقيا أثناء حياة رسل المسيح وتلاميذه والذين كرزوا في معظم هذه البلاد بأنفسهم وأسسوا فيها الكنائس وتركوا فيها تلاميذهم وخلفائهم . وقد كتبت الأناجيل الأربعة القانونية وبقية أسفار العهد الجديد في الكثير من هذه البلاد ، وليس في مكان واحد ، وأرسلت إلى الكثير من هذه البلاد على أيدي رسل المسيح وتلاميذهم . ولم يقبل أحد هذه الكتب المرفوضة في كنيسة واحدة من هذه الكنائس .
3 – أنه منذ العصور الأولى للمسيحية انتشرت المدارس اللاهوتية المسيحية التي كان كل تعليمها يقوم على أساس هذه الأناجيل القانونية وبقية أسفار العهد الجديد ، مثل مدرسة الإسكندرية اللاهوتية ومدرسة إنطاكية وغيرهما . وبالطبع لم تغفل هذه المدارس عن دراسة مقل هذه الكتب المرفوضة .
4 – ظهور مدارس النقد ذات الصفة الإلحادية في العصور الحديثة ، خاصة في ألمانيا ، والتي درست وناقشت كل سفر من أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ، بل وكل حرف فيها ، وبالطبع لم تغفل عن دراسة هذه الكتب التي رفضتها الكنيسة بل درسوها وحللوها وأثبتوا فسادها وأن الكنيسة كانت علي حق عندما رفضتها !!
5 - جود أجزاء كثيرة من هذه الكتب في المكتبات المسيحية كما أن الغالبية العظمى من هذه الكتب اكتشفت وظهرت خلال القرون الثلاثة الأخيرة (ق18و19و20) ، كما تم اكتشاف مكتبة غنوسية كاملة في نجع حمادى سنة 1946م تضم معظم من هذه الأناجيل المفقودة وغيرها من الكتب الغنوسية الأخرى ، وهي موجودة بالمتاحف وأعلبها في مصر !! بل وموجودة في متناول من يريد قراءتها أو بحثها ، في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت ، سواء بلغاتها الأصلية أو مترجمة إلى اللغات الحية كالإنجليزية مثلا ، كما ترجمت أجزاء كبيرة منها م}خراً إلى العربية ، في مصر ولبنان .
6 – كما أن هذه الكتب ، برغم من أنها مزيفة فهي ، على عكس ما يتمنى هؤلاء الكتاب ، تتفق مع الكنيسة في عدة حقائق جوهرية أهمها اتفاقها مع الأناجيل القانونية في صحة كل ما جاء في هذه الأناجيل القانونية عن الرب يسوع المسيح ولاهوته وصلبه وعالمية الدعوة المسيحية . وتختلف مع الأناجيل في كونها عبارة عن خليط بين الميسحية واليهودية ، أو بين المسيحية والغنوسية الوثنية .

1 – موقف الكنيسة من هذه الكتب :
كان للكنيسة ، منذ البدء ، تعليمها الذي تسلمته من الرسل والذي تسلموه بدورهم من الرب يسوع المسيح ، كقول الرسول : " لأني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا(94)، والتي كانت شديدة الخصوبة في إصدار مثل هذه الكتب . وبرغم معرفة علماء الكنيسة ، فى القرون الأولى ، بمصدر هذه الكتب وأهدافها إلا انهم درسوها وفحصوها ولم يترددوا ، بعد ذلك ، في رفضها ووصفها بأنها كاذبة ومزورة ولا تستحق مجرد الاهتمام بها .
قال القديس اريناؤس (120-202م) " أن الهراطقة الماركونيين اصدروا عددا لا يحصى من الكتابات الابوكريفية والمزورة والتي زيفوها بأنفسهم ليذهلوا عقول الحمقى(95).
وقال يوسابيوس القيصري (264-240م) : " أنها معروفه عند معظم الكتاب الكنسيين ، وانه في مقدورنا أن نميز بين هذه الكتب القانونية وتلك يصدرها الهراطقة بأسماء الرسل مثل إنجيل بطرس وإنجيل متى (المنحول) وغيرها ، أو مثل أعمال اندراوس ، ويوحنا ، وغيرهما من الرسل ، التي لم يحسب أي واحد من كتاب الكنيسة أنها تستحق الإشارة إليها في كتاباتهم . وفى الحقيقة أن أسلوبها يختلف اختلافا بينا عن أسلوب الرسل ، كما أن أفكارها ومفاهيمها بعيدة جدا عن الأفكار القويمة الصحيحة ، وهذا دليل على أنها من صنع خيال الهراطقة ، ومن ثم وجب ألا تحسب بين الكتابات المزيفة فحسب ، بل يجب أن ترفض كلية باعتبارها سخيفة ونجسة "(96).
وقال فوتيوس " بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من ق 9(97) " أن لغتها خالية تماما من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل ، وغاصة بالحماقات والمتناقضات " . ثم يختم بقوله أنها تحوى " عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لا تصدق ، السقيمة الخيال ، الكاذبة ، الحمقاء ، المتضاربة ، الخالية من التقوى والورع ، ولا يجافى الحقيقة من ينعتها بأنها نبع وأم الهرطقات "(97).

2 - صفات هذه الكتب :

(أ) خرافية : تمتلئ هذه الكتب بالأفكار الخرافية والخيالية فتنسب للمسيح والرسل أعمالا خيالية لا مبرر لها كسجود التنانين والأسود والنمور والثيران والحمير للطفل يسوع ! وجعل بطرس سمكة مشوية تعوم ! وكلب يعظ بصوت آدمي بليغ ! وطفل عمره سبعة شهور يتكلم كرجل ! وكطرد يوحنا للبق من أحد البيوت بمعجزة ! وسقوط معبد آرطاميس الضخم في أفسس بصلاة يوحنا (98)، وقصة مهر يتكلم وشاب وتنين يرغبان في فتاة فيقتل التنين الشاب ثم يمتص التنين السم ، بناء على أمر توما ، ويموت ويحيا الشاب ! ونرى الطفل يسوع ، طفلاً مشاكساً متقلباً ذا طبيعة تدميرية يؤذى معلميه ويتسبب في موت رفقائه بصورة إعجازية لا مبرر لها ، تمزج قدرة الله بنزوات طفل مشاكس ! وتنسب ، هذه الكتب ، للمسيح ظهورات عديدة بأشكال متنوعة كطفل أو فتى أو رجل عجوز وفى أغلب الأحيان في صورة أحد الرسل ! كما تنسب للرسل أعمال خارقة ، بدون داع ، مثل فتك الصواعق بأعدائهم ! ورعب الفجار من قوات الطبيعة المخيفة كالزلازل والرياح والنيران ! وغير ذلك من الأفكار الأسطورية الخرافية المتأثرة بالفكر الإغريقي الهيلينسيتى والتي تشبع فضول البسطاء والعامة الذين اعتادوا سماع مثلها في دياناتهم الوثنية السابقة لاعتناقهم المسيحية .
يقول وستكوت : " في المعجزات الابوكريفية لا نجد مفهوما سليما لقوانين تدخلات العناية الإلهية ، فهي تجرى لسد اعواز طارئة ، أو لإرضاء عواطف وقتية ، وكثيرا ما تنافى الأخلاق ، فهي استعراض للقوة بدون داع من جانب الرب أو من جانب من عملت معه المعجزة "(99).
(ب) الزهد الجنسي والامتناع عن الزواج : تركز هذه الكتب ، خاصة الأعمال ، على الزهد الجنسي والامتناع عن الزواج وذلك كرد فعل للإباحية الجنسية التي كانت سائدة في الديانات الوثنية وتصور هذه الكتب كفاح الرسل من أجل طهارة الحياة الزوجية وإقناع الزوجات بالامتناع عن معاشرة أزواجهن جنسيا ، وتذكر أعمال أندراوس أن المسيح ظهر لعريسين ، في هيئة توما ، وربحهما لحياة الامتناع عن الجنس ، وكأن عدم الزواج هو الشرط الأسمى لدخول السماء ، جاء في إنجيل المصريين ، انه عندما سألت سالومي الرب : " إلى متى يسود الموت ؟ " قال لها الرب " إلى أن تكفوا أنتن النساء عن ولادة الأطفال لأني جئت لأقضي على وظيفة المرأة "(100).
(ج) التعاليم الهرطوقية : تمتلئ هذه الكتب بالأفكار الهرطوقية الابيونية(101) والغنوسية(102). يقول إنجيل الابيونيين أن الروح القدس حل على المسيح في شكل حمامة ودخل فيه ، ويقول إنجيل العبرانيين أن مريم أم المسيح هي الملاك ميخائيل " عندما أراد المسيح أن ينزل على الأرض ، استدعى الأب الصالح قوة قديرة من السماء كانت تدعى الملاك ميخائيل ، وعهد له من ذلك الوقت بالعناية بالمسيح وجاءت القوة إلى العالم ودعيت مريم وكان المسيح في رحمها سبعة أشهر "(103). كما يقول إنجيل العبرانيين أيضا ، أن الروح القدس أم المسيح . قال اوريجانوس في تفسيره لإنجيل يوحنا : " إذا كان هناك من يقبل الإنجيل بحسب العبرانيين حيث المخلص نفسه يقول : أمي الروح القدس أخذتني بواسطة شعرة من شعري وحملتني إلى جبل تابور "(104).
وتصور الابوكريفا الغنوسية الرب يسوع المسيح كواحد من سلسلة الآلهة المولودين من البليروما (ملء اللاهوت) وأنه عقل الآب غير المولود ، كما تصور المسيح الإله وقد حل على يسوع الإنسان ، أو المسيح والحكمة وقد حلا على يسوع ، وتصور بعضها الآب والابن ، أو الآب والابن والروح القدس كاقنوم واحد وشخص واحد ، كإنجيل المصريين اليوناني . أما غالبية الأعمال – عدا أعمال بولس – وإنجيل بطرس ، وبصفة خاصة أعمال يوحنا ، فتصور الرب يسوع بصورة دوسيتية ، خيالية ، فهو بلا ميلاد ! بلا جسد وبدون شكل ويُرى افتراضا ! وعندما كان يسير لم يكن يترك أثرا لقدميه ! وعندما كان يوحنا يحاول الإمساك به كانت يد يوحنا تخترق جسده بلا أي مقاومة ! إذ لم يكن له جسد حقيقي ! وكانت طبيعة جسده متغيرة عند الملمس فمرة يكون جامدا وتارة لينا وأخرى خاليا تماما ! كما أن آلامه وصلبه وموته كانت مجرد مظاهر وهمية ! فبينما كان معلقا على الصليب والجموع محتشدة حوله كان هو نفسه في نفس الوقت يتقابل مع يوحنا على جبل الزيتون ! لقد كان مجرد شبح وحياته على الأرض لم تكنٍ إلا خيالا ! وكان يظهر بأشكال متعددة ويغير شكله كيفما يشاء ووقتما يشاء !
(د) التعليم السرية : زعمت معظم هذه الكتب الابوكريفية أنها أقوال المسيح السرية التى أختص بها أحد أو بعض أو كل تلاميذه ، والغريب أن أكثر من إنجيل منها يزعم أن كتابه ، والذي يزعم أنه أحد الرسل ، قد خصه المسيح وحده بتعاليمه وأقواله السرية . وهذه الأقوال السرية موجهة للخاصة فقط ، وهذا عكس تعليم الرب يسوع المسيح الذي قال " لأن ليس مكتوم لن يستعلن ولا خفي لن يعرف ، الذي أقوله لكم في الظلمة قولوه في النور . والذي تسمعونه في الآذن نادوا به على السطوح " (مت26:10و27).

3 - مصدر هذه الأعمال :المصدر الأول لهذه الابوكريفا هو العهد الجديد نفسه ، فقد استقت الأناجيل الابوكريقية مصدرها واعتمدت بالدرجة الأولى على الأناجيل الأربعة القانونية ، فشرحت ما غمض فيها وأضافت إليها عبارات وأفكار تؤيد معتقداتها . قال وستكوت عن الأجزاء الباقية من إنجيل الابيونيين " هي تبين أن قيمته ثانوية ، وأن المؤلف قد أستقي معلوماته من الأناجيل القانونية وبخاصة الأناجيل الثلاثة الأولى بعد أن جعلها تتفق مع أراء وممارسات الابيونية الغنوسية "(105).
وكان سفر أعمال الرسل هو السند الأول لأسفار الأعمال الابوكريقية ، وعلى سبيل المثال فقد اتخذ كاتب أعمال بولس من سفر أعمال الرسل ، إطاراً له ، ويفتتح القسم الروماني من أعمال بطرس برحلة بولس الرسول إلى أسبانيا بعد أحداث سفر أعمال الرسل إصحاح 28 . واعتمد كاتب الرسالة إلى اللاودكيين على رسائل بولس خاصة الرسالة إلى غلاطية والرسالة إلى أفسس .
والى جانب ذلك فقد تأثرت هذه الكتب ، بالروح الأسطورية النابعة من البيئة الهيلينية التي كتبت وانتشرت فيها ، فقد ساد بعضها روح أدب الرحلات التي كانت سائدة في القرن الثاني كأعمال توما ، وحوى إنجيل الطفولة العربي عددا من القصص الشرقية . وكانت أغلب الأعمال المنسوبة للرسل من اختراع الروح الهيلينية التي كانت تجد لذتها في الخوارق والكتابات الرومانسية عن الرحلات . كما احتوت هذه الأعمال على تقاليد كثيرة لها أساس تاريخى صحيح ، احتفظت بها الجماعات المسيحية ، وكتبوا هذه الأعمال ، الابوكريفية ، لتقديم هذه التقاليد بكل تفصيل ، ولكن هذه البذور القليلة من الحقيقة تاهت ودفعت في أكوام من الأساطير.

4- هدف كتابة هذه الأبوكريفا :كتبت هذه الكتب ، في الأصل ، لتأييد هرطقة من الهرطقات والادعاء بأن تعليمها رسولي ، أو لتفصيل الأناجيل القانونية بإضافة إضافات أسطورية لاعطاء أهمية لبعض المفاهيم التي سادت بعض الدوائر الهرطوقية ولنشر وتأكيد أفكار هذه البدع ، فأعمال يوحنا مثلا ، تستخدم أسم الرسول العظيم لتبرير وتأييد وجهة النظر الدوسيتية .

5 – من هم كتّاب هذه الأبوكريفا ؟
كان كتاب هذه الكتب الابوكريفية ، في الأغلب ، هم زعماء أو بعض أفراد الفرق الابيونية والغنوسية ، وقد نسبوا بعض هذه الكتب لمستخدميها ، كإنجيل العبرانيين وانجيل المصريين ، أو لكتابها كإنجيل ماركيون وانجيل مانى ، ونسبوا جزء كبيرا منها للرسل لتلقى رواجا عند العامة من المؤمنين . وكان علماء الكنيسة من آبائها في القرن الأولى يعلمون ذلك جيدا ، فقال اريناؤس أن الماركونيين قد أصدروا عددا لا يحصي من الكتب الابوكريفية المزورة ، وقال اغسطينوس أن المانيين يستخدمون هذه الكتب الابوكريفية ، وأنها من تأليف " ملفقي الخرافات ، وأشار عدد كبير من الأباء إلى شخص من القرن الثاني يدعي " لوسيوس " علي أنه كاتب بعض هذه الكتب الابوكريفية ، خاصة أعمال يوحنا وتوما وأندراوس وبطرس فيلبس . وقد أدان مرسوم البابا جلاسيوس (496م) عدداً كبيراً من هذه الكتب ، وفي أخر المرسوم يدين كل الكتب التي كتبها لوسيوس تلميذ الشيطان ". وقال تريليان أن قسا من آسيا هو الذي ألف أعمال بولس وذلك بقصد تعظيم هذا الرسول بإضافات من عنده فعزلته الكنيسة من رتبه بعد اعترافه بذلك .

6- علماء العصر الحديث وموقفهم من هذه الكتب :

درس علماء العصر الحديث هذه الكتب بروح العلم الحديث وطرقه العصرية الحديثة " المصونة بسياج الحرية والاستقلال في الإرادة " كما أراد الناشر وغيره ، وكانت أخصب فترات بحثهم ودراستهم هي الفترة من 1886 –1945م والتي تم فيها اكتشاف كميات ضخمة من المخطوطات ، في أخيم والبهنسا والفيوم ونجع حمادي ، والتي تحوي هذه الكتب والتي ترجع إلى ما بين القرن الثاني والقرن الرابع الميلادي . وبعد الدراسة التحليلية الدقيقة ، أقر العلماء بزيف هذه الكتب وأيدوا آباء الكنيسة الذين رفضوا إقرارها أو قبولها في القرون الأولى ، كما أقروا بصحة الأناجيل القانونية الأربعة وبقية أسفار العهد الجديد القانونية لسموها وبساطتها وعظمتها . كما أقروا بأن المصدر الأول لهذه الكتب الابوكريفية هي الكتب القانونية .
قال د. سويت ، في تعليقه علي إنجيل بطرس (لندن 1893) " انه حتى التفاصيل التي تبدو جديدة تماما أو التي تتعارض مع الأناجيل القانونية ، يمكن أن تكون مأخوذة عنها . وختم بقوله " أنه بالرغم من الجديد فيها فليس هناك ما يضطرنا لاستخدام مصادر خارجية عن الأناجيل القانونية "(106).
وقال بروفيسور أور عن إنجيل بطرس ، أيضا ، أن الأصل الغنوسي لهذا الإنجيل يبدو واضحا في قصة القيامة والمعالم الدوسيتية فيها(07).
وقال ر. هو فمانR . Hofmann عن كيفية كتابة هذه الكتب الابوكريفية " أن الطريقة المستخدمة هي نفسها دائما ، سواء كان قصد الكاتب أن يجمع ويرتب ما كان طافيا في التقليد العام ، أو كان قصده أن يوجد أثرا عقيديا محدد ، لقد أنهمك في عمله حقيقة ، وبصفة عامة فقد صور ما ألمحت إليه الأناجيل القانونية ، أو حول كلمات يسوع إلى أعمال ، أو صور إتمام توقعات اليهود الحرفية عن المسيا ، أو كرر عجائب العهد القديم في شكل آخر 00الخ . لقد أتم العمل وحرص على أن يخفي اسمه ويدمغ كتابه باسم أحد الرسل أو التلاميذ ليعطيه سند رسولي "(108).
أخيرا يقول أ . روبرتس و. ج. دونالدسن أحد محرري موسوعة " ما قبل نيقية " أنه بينما تقدم لنا الأناجيل الابوكريفية لمحات غريبة عن حالة الضمير المسيحي وأساليب التفكير في القرون الأولى من العصر المسيحي ، فان الانطباع الدائم الذي تتركه في أذهاننا ، هو شعور عميق للسمو الذي لا يقاس والبساطة التي لايمكن بلوغها والعظة التي للكتابات القانونية "(109).

مع تحياتي


الراعي / عمانوئيل



09-06-2004, 04:57 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - بواسطة الراعي - 09-06-2004, 04:57 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  البابا شنودة اخر بطريرك عالارض .. وهيسلم الكنيسة للمسيح على نور الله 17 4,965 11-02-2011, 12:00 PM
آخر رد: عبدالله بن محمد بن ابراهيم
  الكنيسة الكاثوليكية تطرد أم و أطباء طفلة مغتصبة تم اجهاض حملها Logikal 14 3,360 06-10-2011, 03:49 PM
آخر رد: observer
  الخلل في حرمان رجال الكنيسة من متع الدنيا.. خبر وتعليق فارس آخر العصور 81 22,465 12-14-2010, 05:55 PM
آخر رد: ABDELMESSIH67
  متى ؟ ولماذا ؟ وكيف ؟ IMMORTAL 9 2,730 12-09-2010, 03:46 PM
آخر رد: أحب-البشرية
  من الأناجيل: يسوع لم يكن يهوديا ..بل كان سامريا مستر كامل 27 5,902 11-05-2010, 03:47 PM
آخر رد: الفكر الحر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS