الإخوة الأعزاء جميعا،

خلال ترددي المقتضب على البال توك، توصَّلتُ بالصدفة إلى معرفة السبب الرئيسي للالتباس الحاصل لدى المسلمين ومبعث الصعوبة البالغة لديهم لفهم حقيقة وواقع الثالوث في العقيدة المسيحية.

فقد كنت أسمع من بعض الأدمن في الغرف يقول:

في البدء كان الكلمة، وكان الكلمة لدى الله وكان الكلمة هو الله (يوحنا 1،1)

ويستطرد: بحسب النصارى يمكننا أن نقول:

في البدء كان الله، وكان الله لدى الله، وكان الله الله.

ثم يقهقه، وتقهقه معه الغرفة كلها، وأقهقه أنا أيضا على هذا الفهم الساذج.

ولكنني توقفت عن القهقهة يوما، عندما وجدت أن هناك بين المسيحيين من يؤمن فعلاً أن هذا هو واقع الحال (وإن ركان يرفض بالطبع استبدال لفظة "الكلمة" ولكن لأسباب أخرى).

فعندما يطلب مني المسلم أن أثبت أن المسيح هو الله، أقول بكل بساطة: لا أستطيع أن أثبت لك شيئا أنا شخصيا لا أومن به!!!

فأنا أومن "وبحق" أن يسوع المسيح هو ابن الله وكلمته، لكنه ليس الله. فالله هو آب وابن وروح قدس، وبما أنهم "الله" فهم متساوون في درجة الألوهية وهذا هو القصد من قول يوحنا: وكان الكلمة الله.

عندما قلت هذا الكلام في إحدى الغرف، نقر على نافذتي أحد "المسيحيين" المشاركين في الحوار ليسألني شيئا. ثم في اليوم التالي نقر مرة أخرى على نافذتي ودعاني إلى حوار "خاص" في غرفة "خاصة". ما فهمته من هذا المسيحي هو التالي:

الله كلم الأنبياء قديما في صورة وشكل الآب، وكلم التلاميذ في صورة وشكل الابن ويكلمنا الآن في صورة وشكل الروح القدس. إذن فنحن أمام شخص واحد وكيان واحد يظهر ثلاث مرات بصورة وشكل مختلف. ويستند في قوله إلى
1. قول يوحنا وكان الكلمة الله
2. قول بولس الرسول: الله الظاهر في الجسد.

طبعا أنا والكنيسة الكاثوليكية (وأومن أيضا الأرثوذكسية) أرفض هذا الكلام لأنه مخالف تماما لعقيدة الثالوث الأقدس ومخالف تماما للأناجيل.

أذكر أنني في نهاية حديثي مع صاحبي الجديد، قلت له:

فالمسلمون إذن محقين تماما في السخرية منا بقولهم:

في البدء كان الله، وكان الله لدى الله، وكان الله الله.

ولا نستطيع لومهم لأن بعضنا يقدم لهم عقيدة مسيحية ليست من المسيحية ولا تمت إليها بصلة.

فالله لم يتجسد في شخص يسوع المسيح، بل أرسل كلمته (ابنه الوحيد) متجسدا في شخص يسوع المسيح، بينما الآب بقي في موضعه (أيا كان هذا الموضع)، والروح القدس ليس هو الآب ولا هو قناع آخر ارتداه الله ليظهر به أو يكمل عمله.

كيف يقول الإنجيلي عند عماد يسوع أنه:

كان يسوع خارجا من الماء، وصوت (صوت الآب) من السماء يقول: هذا هو ابني ، والروح القدس على شكل حمامة يحل عليه؟!؟!

فهل كان الإنجيلي يخرّف؟!

كان الله خارجا من الماء، وصوت الله يردد هذا هو ابني الوحيد (هذا هو أنا الوحيد) ، ومن ثم حل بنفسه على نفسه في صورة حمامة؟!؟!

أليس هذا هراءً في هراء؟!

ألا نستحق أن نلوم أنفسنا لأننا نعلن ما لا نفقه ، نتحدث عما لا يتوافق والعقيدة المسيحية وعما لا يتوافق مع الأناجيل التي نؤمن بها؟!

فلا نلومن إلا أنفسنا على رذل الآخرين لمسيحنا، لأننا نحن المسيئين أولا وأخيرا.

تحياتي القلبية

ملاحظة: طبعا صديقي المسيحي عرف مني في الحال أنني "كاثوليكي"، لكن الغريب أن هناك مسيحيين يترددون كثيرا قبل الإفصاح عن "الطائفة" التي ينتمون إليها. لكنه اضطر أخيرا إلى الاعتراف، وعندها لم أستغرب شيئا.