الطاقة النووية بين السلم والحرب - مجلة السياسة الدولية (من أرشيف المجلة)
تحياتي
وزعت مجلة السياسة الدولية قرصا مدمجا تحت عنوان "الطاقة النووية بين السلم والحرب".. قسمته الى محاوز ثلاثة..
1- الملف النووي الايراني
2- الانتشار النووي
3 - من ارشيف السياسة الدولية
وسأقوم بنقلهم الى هذه الساحة تباعا في سبيل تعميم الفائدة
------
إعلان الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح النووى
العدد ( 53) 1/7/ 1978
قسم خاص
إعلان الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح النووى
وحيد عبد المجيد
بدأ العالم يتنبه، منذ أواخر القرن الماضى، إلى أن إطلاق حرية الدول فى التسليح، ينطوى على أخطار جسيمة. فمنذ أن عقد مؤتمر لاهاى الأول فى 1899 بغرض إبرام اتفاقية دولية تحرم على الدول زيادة قوتها العسكرية فى وقت السلم، أخذ اهتمام الجماعة الدولية، بمشكلة نزع السلاح، بتصاعد على نحو مطرد، حتى باتت هذه المشكلة، بمختلف فروعها، أحد الأهداف الرئيسية للأمم المتحدة، منذ نشأتها وقع التطور الهائل الذى يشهده العالم المعاصر فى التكنولوجيا، والتكنولوجيا النووية، وما يعنيه ذلك من ازدياد توفر الأساس المادى لتطوير أسلحة نووية لدى عدد متزايد من الدول، فقد برز مفهوم المنطقة اللا نووية nuclear-free zone ومفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية nuclear-weapon-free zone كوسيلة لمنع انتشار الأسلحة النووية فى مناطق مختلفة من العالم. وقد تم التوصل بالفعل، إلى عدد من الاتفاقيات الدولية لنزع السلاح فى مناطق معينة هى: الانتاركتا (القارة القطبية الجنوبية) ومنطقة الفضاء الخارجى، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة قاع البحار وأرض المحيطات والتربة تحتها. وكذلك قدم عدد من الاقتراحات، بإنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية فى وسط أوروبا ومنطقة المتوسط والبلقان، وأفريقيا، ومنطقة جنوب آسيا، ومنطقة الشرق الأوسط ويتناول هذا التقرير مفهوم المنطقة منزوعة السلاح النووى، والمشاريع المتعلقة بالشرق الأوسط بهذا الصدد ومواقف الدول المختلفة إزاء هذه المشاريع.
مفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية (1):
أ - نشأة المفهوم ومدلوله:
تشمل المناطق المنزوعة السلاح، بالمعنى الواسع، كل تسوية دولية تتم بناء على اتفاق دولى ثنائى أو جماعى، بقصد إبعاد إقليم معين، سواء لمدة مؤقتة أو لمدة غير محدودة، عن كل عمل من أعمال الحرب، أو الأعمال التحضيرية لها، وتعتبر المناطق الخالية من الأسلحة النووية، أحد التطبيقات النوعية للمناطق المنوعة السلاح بالمعنى العام، حيث يتم تجريد المنطقة من الأسلحة النووية، فى إطار اتفاق دولى، ولذلك ينظر إلى فكرة المناطق الخالية من الأسلحة النووية، باعتبارها وسيلة لتأكيد تجريد مناطق مختلفة فى العالم من الأسلحة النووية، وللوقاية من انتشار الأسلحة النووية.
ويعنى نزع سلاح المنطقة، إخلاءها من الأسلحة والمعدات والمنشآت والقواعد العسكرية، وتحريم مباشرة أى نشاط عسكرى فيها، والسلاح النووى، هو أى سلاح تنطلق بواسطته طاقة نووية دون سيطرة عليها، ويكون لها من الخصائص، مما يجعله صالحا للاستخدام فى الأغراض العسكرية. ولقد نبع مفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية، من إدراك حقيقة أن عددا من الدول فى مناطق مختلفة من العالم تستطيع أن تمتلك القدرة على تطوير أسلحة نووية خلال فترة قصيرة، وأنه من المحتمل، أن يتزايد عدد الدول التى تقرر أن تفعل ذلك، مما يؤدى إلى سباق للتسليح النووى فى هذه المناطق، وإضافة مخاطر جديدة للحرب النووية فى موقف دولى ملئ بالأخطار كان هناك أيضا الشعور بأن جهود الحد من انتشار الأسلحة النووية لم تنجح تماما، وكذلك فإن الزيادة السريعة فى استخدام الطاقة النووية فى الأغراض السلمية، والخطر الكامن فيها، باعتبارها أساس ماديا لانتشار الأسلحة النووية، أضاف عاملا جديدا للاهتمام بمفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية واهتمت الجمعية العامة فى دورتها التاسعة والعشرين، بمشروع القرار الذى تقدمت به فنلندا تحت بند (نزع السلاح العام والكامل) ويدعو إلى قيام فريق من الخبراء الحكوميين، تحت رعاية مؤتمر لجنة نزع السلاح. بإجراء دراسة شاملة لمسألة المناطق الخالية من الأسلحة النووية من جميع جوانبها ووافقت الجمعية العامة على إجراء هذه الدراسة فى قرارها رقم 3261. وألحقت بهذه الدراسة عند إنجازها، ورقة عمل مقدمة من المكسيك، وتتضمن اقتراحا بتعريف محدود لمفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية، وقامت الجمعية العامة باعتماده رسميا فى قرارها رقم 3472 لعام 1975، وذلك فى شكل إعلان يتضمن تعريف مفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية على النحو التالى: تعتبر منطقة خالية من الأسلحة النووية كقاعدة عامة، أية منطقة تعترف بصفتها هذه الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتنشئها أية مجموعة من الدول، على سبيل الممارسة الحرة لسيادتها، وذلك بمقتضى معاهدة أو اتفاقية يجرى بموجبها ما يلى:
1- تحديد نظام الخلو التام من الأسلحة النووية الذين تخضع له المنطقة المعنية، بما فى ذلك الإجراء الخاص بتعيين حدود المنطقة.
2 - إنشاء جهاز دولى للتحقيق والرقابة، لضمان الامتثال للالتزامات الناشئة عن ذلك النظام.
ب - الشروط اللازمة لنجاح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية:
يفترض إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية، توفر عدد من الشروط الضرورية لنجاح هذه المنطقة، فى مقدمتها.
أولا: الالتزامات المتعلقة بالمنطقة: وهذه الالتزامات، يجب ن يتم التعبير عنها رسميا فى المعاهدة المنشئة للمنطقة، ويحسن ألا تكون محدودة بمدة زمنية معينة، وهى يعنى ثلاث مجموعات من الدول كما يلى:
1 - دول المنطقة المعنية:
يجب التأكيد على أن دول المنطقة، لن تنتج أو تجرب أو تملك أو تحصل بأية وسيلة أخرى على أسلحة نووية، وأنها لن تسمح لأية دولة أخرى بتخزين أو وضع هذه الأسلحة على إقليمها. كما يجب أن تتفق دول المنطقة، على التعهد بعدم تلقى أية مساعدة فى مجال إنتاج الأسلحة النووية، وعلى نبذ الاستخدامات العسكرية للطاقة النووية.
2 - الدول النووية:
يرى معظم الخبراء، ضرورة التزام الدول النامية، باحترام وضع إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية، فلا تستخدم أو تهدد باستخدام الأسلحة النووية، ضد أية دولة من دول المنطقة، كما يتضمن ذلك، التعهد بعدم إرسال أسلحة نووية إلى المنطقة، أو سحب هذه الأسلحة إذا كانت قد قامت بإرسالها فى الماضى، وإذا كانت لهذه الدول قواعد أو منشآت عسكرية فى المنطقة، فيجب ألا تضع فيها أسلحة نووية، وأن تسمح بإخضاع هذه القواعد للمراقبة والتفتيش، كما ينبغى أن تمتنع الدول النووية، عن إمداد دول المنطقة بأية مساعدة، قد مكنها من إنتاج أو الحصول على أسلحة نووية ويثار فى هذا الصدد، الحوار حول ما إذا كان للدول النووية، أن تحتفظ بحق إعادة النظر فى التزاماتها تجاه المنطق الخالية من الأسلحة النووية، فى حالة إذا ما قامت إحدى أو بعض دول المنطقة، بعدوان أو شاركت فيه، فبينما يرى بعض الخبراء، أن هذا حق الدول النووية، يذهب فريق ثان، إلى أن احتفاظ الدول النووية بهذا الحق، يفقد المنطقة جزءا أساسيا من فعاليتها، فى حين يقترح فريق ثالث، أن تحتفظ الدول النووية بحق إعادة النظر فى التزاماتها تجاه طرف فى المنطقة فقط، فى حالة قيام هذا الطرف بعدوان يلقى فيه تأييد أو مساعدة من دولة نووية.
3 - الدول الأخرى:
فعلى الدول الأخرى (من خارج المنطقة وغير النووية)، أن تلتزم بعدم القيام بأى نشاط يعرض فعالية المنطقة للخطر، وبوجه خاص، عدم إمداد دول المنطقة بأية مساعدة قد تقود إلى تطوير أو إنتاج أسلحة نووية ولهذا الالتزام أهمية خاصة، فى حالة الدول التى تمتلك تكنولوجيا نووية متطورة.
ثانيا: ضمان أمن دول المنطقة:
تعتبر مسألة ضمانات الأمن، من المسائل التى لم يتوصل الخبراء إلى اتفاق كامل بشأنها غير أنه مما أمكن التوصل إليه، اعتبار أن المقدمة المنطقية التى يجب أن تقوم عليها أية منطقة خالية من الأسلحة النووية، هى امتناع الدول المعنية، بأن أمنها ومصالحها الحيوية يمكن تدعيمها من خلال المشاركة فى إقامة المنطقة ومع ن تحديد الأمن القومى للدولة، أمر يتعلق بالسياسة القومية لهذه الدولة، فإن الكثير من الخبراء، يعتقدون أن وجود أسلحة نووية فى منطقة ما، يهدد أمن دول هذه المنطقة، ومن هنا يوجد نوع من الاقتران بين المصالح القومية والإقليمية فى المناطق التى لا توجد بها أسلحة نووية، بصدد تأكيد غيابها الكامل فيما يختلف الوضع فى المناطق التى أدخلت فيها أسلحة نووية، إذ تثار قضايا خاصة، بشأن أمن كل دولة وهذه القضايا يجب أن تؤخذ فى الاعتبار، لدى إقامة منطقة من هذا النوع ويمكن القول بوجود اعتقاد سائد، مؤداه أن الشرط التى يمكن فى ظلما للمناطق الخالية من الأسلحة النووية أن تحقق الأمن، إنما تختلف من منطقة جغرافية إلى أخرى. ولما كانت اعتبارات الأمن، وإدراك الدول المختلفة لها تتنوع، فإنه ليس واقعيا، وضع خطوط عامة دقيقة فى هذا المجال، ولذلك فعلى الحكومات نفسها، أن تقرر متطلبات أمنها ومصالحها القومية، وتثار فى هذا المجال، قضية إذا كانت إحدى أو بعض دول المنطقة، عضوا فى أحلاف عسكرية، فيرى بعض الخبراء، أن هذه العضوية تعوق إنشاء المنطقة، بينما يرى آخرون، أن هذه العضوية، حال وجودها، لا يجب أن تبرر أى استثناء من الالتزامات التى ترتبها المعاهدة المنشئة للمنطقة، بل ويذهب بعضهم، إلى أن هذه الأحلاف حتى لو كانت تضم دولا نووية، ولا يوجد فى الغالب إلزام صريح للدول النووية، بمساعدة حلفائها بكل الوسائل، بما فى ذلك السلاح النووى، ومع ذلك يقررون بأن المسألة قد تكون معقدة، إذا كان هناك اتفاق - فى إطار معين- على إعطاء تسهيلات نووية. ثالثا: نظام فعال للرقابة والتفتيش:
فيجب أن تشتمل المعاهدة المنشئة للمنطقة الخالية من الأسلحة النووية، على نظام فعال للرقابة، بغرض التأكد من الامتثال الالتزامات. كما يجب أن تتبنى الدول المنضمة إلى المنطقة، ترتيبات تؤدى إلى تعزيز الثقة فيما بينها من ناحية، ومع الدول الأخرى خارج المنطقة من ناحية ثانية، فى إطار تأكيد أن أى نشاط تقوم به الدول الأعضاء يجب ألا يترتب عليه أى مساس بالتزاماتها، ويرى كثير من الخبراء أن نصوص المعاهدة المنشئة للمنطقة، يجب أن توجد نوعا من الصلة بين هذه الترتيبات. وبين نظام الأمن للأمم المتحدة.
إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط:
أولا: المبادرة الإيرانية - المصرية:
يجدر التنويه - بادئ ذى بدء - بأن قضية نزع السلاح، متضمنا السلاح النووى، فى منطقة الشرق الأوسط، كان قد سبق إثارتها، على نحو هامش، فى الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك فى إطار المشروع الذى قدمته أيرلندا إلى اللجنة الأولى فى 28 أكتوبر 1960 والذى اختص القسم الثانى فيمن (بإنشاء مناطق أربع منزوعة السلاح بحكم القانون، تشمل الشرق الوسط، وأوروبا الوسطى، وأفريقيا الوسطى والغربية، وجنوب شرق آسيا) ولكن الجمعية العامة، عندما أصدرت القرار رقم 1576 لسنة 1960 فى هذا الصدد، جاء خاليا من القسم الخاص بإنشاء مناطق منزوعة السلاح، وأن كان قد تضمن دعوة للدول التى تمتلك أسلحة نووية، بعدم إمداد الدول لا تملكها بأية مساعدات فى هذا المجال، وكذا دعوة للدول التى لا تملك الأسلحة النووية، لأن تمتنع عن صناعة هذه الأسلحة، أو الحصول عليها(2) كما أثير الموضوع مرة أخرى، على نحوها هامشى أيضا، عندما تحدث شاه إيران عام 1968 عن فكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط. تعزيزا للسلم والأمن الصعيدين الإقليمى والدولى (3)
ويمكن القول، بأن الطلب الذى تقدمت به إيران لإدراج بند (إنشاء منطقة لا نووية فى الشرق الأوسط) فى جدول أعمال الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة 1974، هو أول مبادرة جدية لإثارة الموضوع، والاهتمام به، ومتابعته، وإدراجه كبند مستقل فى جدول أعمال الجمعية العامة ففى رسالة مؤرخة فى 15 يوليو 1974، وموجهة من القائم بالأعمال بالنيابة للبعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة(4) طلبت إيران مناقشة الموضوع. وقد أرفقت بهذا الطلب، مذكرة إيضاحية (5) ورد فيها أن تعزيز السلم والأمن الدوليين، كان على الدوام هدفا أساسيا لسياسة إيران الخارجية، وأن طلب مناقشة موضوع إقامة لا نووية فى الشرق الوسط، يأتى فى إطار هذه السياسة، وأنه رغم أن فرص تطبيق خطة شاملة لجعل الشرق الأوسط منطقة لا نووية، تبدو أفضل من ذى قبل، فإن ازدياد فرص الحصول على التكنولوجيا النووية، يجعل من خطر انتشار الأسلحة النووية مشكلة أكثر حدة. وبعد أربعة أيام من تقديم الطلب الإيرانى، وفى 19 يوليو 1974، أرسل القائم بالأعمال بالنيابة للبعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة د. أحمد عثمان رسالة إلى الأمين العام، لإبلاغه بقرار مصر الاشتراك فى الطلب المقدم من إيران، لإدراج بند بعنوان (إنشاء منطقة لا نووية فى الشرق الأوسط)(6). وفى 2 أغسطس 1974، وجهت كل من إيران ومصر، رسالة مشتركة إلى الأمين العام، لطلب تغيير عنوان البند المطلوب إدراجه فى جدول الأعمال من (إنشاء منطقة لا نووية فى الشرق الوسط establishment of unclear-weapon- free zone in the region of the middle east وفى 16 سبتمبر 1974، أرسل ممثل إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، رسالة يميل فيها إلى الأمين العام نص الرسالة الصادرة عن شاه إيران، ورد فيها التحذير من أن ازدياد استعمال الطاقة النووية، وانتشار المعرفة العلمية، يجعلان من السهل امتلاك أسلحة نووية، وأن هذا - فى إطار الأوضاع السياسية للشرق الأوسط - قد يؤدى إلى أكثر من مجرد تورط الخصوم فى سباق التسليح النووى أحمق مبدد للطاقات. أما أشير فيما إلى وجود مصاعب تجعل من إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الوسط، أمرا غير يسير المنال، وإلى أنه من الممكن التوصل إلى النجاح بالتصميم والصبر وبتأييد الأمم المتحدة (8). وكتتويج لهذه المبادرة، قدمت إيران ومصر، مشروع قرار إلى الجمعية العامة فى دورتها التاسعة والعشرين، ينص على أن تدعو الجمعية جميع الأطراف المعنية بإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، إلى الإعلان فورا عن عزمها على الامتناع، على أساس متبادل، عن إنتاج أسلحة نووية أو حيازتها على أى وجه آخر، وإلى الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وأن تطلب الجمعية العامة إلى الأمين العام، استطلاع أراء الأطراف المعنية بشأن تنفيذ هذا القرار، وتقديم تقرير عن ذلك إلى مجلس الأمن وإلى الجمعية العامة فى دورتها الثلاثين (9). ثانيا: مواقف الدول تجاه اقتراح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط:
1 - دول المنطقة - الإطار الإقليمى:
أدولتا المبادرة: إيران ومصر:
تعتبر إيران هى صاحبة فكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، فهى التى عبرت عنها بشكل متكرر (10) كما تعتبر مصر، أول دولة سارعت إلى المشاركة فى تقديم طلب إدراج هذا الموضوع، كبند مستقل فى جدول أعمال الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة. وفى المناقشة التى دارت خلال هذه الدورة، قدمت مصر ثلاثة مبادئ أساسية، اعتبرتها متصلة بالمناقشة حول إقامة المنطقة المقترحة، وهى:
-ضرورة امتناع دول المنطقة عن إنتاج الأسلحة النووية أو حيازتها أو امتلاكها.
-ضرورة امتناع الدول الحائزة للأسلحة النووية، عن إدخال هذه الأسلحة إلى المنطقة، وعن استعمالها ضد أى من دول المنطقة.
-ضرورة إنشاء نظام ضمانات واف بالغرض، يسرى على الدول الحائزة للأسلحة النووية، وعلى دول المنطقة(11).
وأكدت مصر أيضا، على ضرورة ألا يحول إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، دون تمتع الأطراف بالفوائد المترتبة على استخدام الطاقة الذرية فى الأغراض السلمية ولا سيما فى سبيل الإنماء الاقتصادى للدول النامية.
وعند قيام إيران ومصر، بتقديم مشروع قرارهما إلى الجمعية العامة، كان من رأى الدولتين، أن إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية يجب أن يكون أمرا مكملا لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. واسترعت مصر الانتباه إلى أن مشروع القرار يدعو، على وجه الخصوص، الأطراف المعنية فى المنطقة، إلى الانضمام لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التى تعتبرها مصر شرطا أساسيا مسبقا لإنشاء أية منطقة خالية من الأسلحة النووية لها فعالية وفى هذا الصدد، وعدت مصر بالتصديق على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، عندما تنضم إسرائيل إليها وتجدر الإشارة، إلى أن الجمعية العامة اعتمدت مشروع القرار الإيرانى - المصرى فى 9 ديسمبر 1974 بوصفه القرار رقم 3263 بأغلبية 138 صوتا دون معارضة، مع امتناع دولتين عن التصويت هما إسرائيل وبورما. وقامت إيران ومصر أيضا، فى الدورة الثلاثين للجمعية العامة عام 1975، بتقديم مشروع قرار جديد، يؤكد أسس القرار 3263 السابق الإشارة إليه، وهو المشروع الذى اعتمدته الجمعية العامة باعتباره القرار رقم 3474 بأغلبية 125 صوتا دون معارضة، مع امتناع كل من إسرائيل والكمرون، كما قامت إيران ومصر بذات الجهد فى الدورة الحادية والثلاثين للجمعية العامة لعام 1976، وهو ما نتج عنه اعتماد الجمعية العامة بقرار رقم 3171 بأغلبية 130 صوتا، دون معارضة مع امتناع إسرائيل فحسب (12).
ب - إسرائيل:
تعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة فى المنطقة، التى عبرت عن موقف متحفظ تجاه اقتراح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الوسط، فقد كان موقف إسرائيل، هو الامتناع عن التصويت عند عرض مشروع القرار الذى يدعو إلى إقامة هذه المنطقة على الجمعية العامة، وذلك فى الدورات التاسعة والعشرين والثلاثين، والحادية والثلاثين. وينطلق الموقف الإسرائيلى فى هذا الصدد، من الإصرار على ما يسمى فى التفكير الإسرائيلى (بالعلاقات الطبيعية) فى إطار السعى إلى اكتساب الشرعية الإقليمية، وفرض الاعتراف بدولة إسرائيل داخل الإطار الإقليمى للشرق الأوسط، ومن الواضح أن إسرائيل وجدت فى هذا الاقتراح، فرصة طيبة يمكن استغلاله فى هذا الاتجاه، فقد عبرت - فى مناقشات الدورة التاسعة والعشرين - عن رؤية مؤداها، أن التقدم نحو إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، إنما يمكن إحرازه على وجه أفضل، من خلال مشاورات مباشرة بين دول المنطقة، تؤدى فى النهاية، إلى عقد مؤتمر إقليمى بشأن هذه المسألة. واعتبرت أن الدعوة التى تضمنها مشروع القرار الإيرانى - المصرى، إلى إجراء مشاورات أولية بين الأمين العام وبين دول المنطقة، هى (غير عملية ومحبطة للغاية)(13). وأعادت إسرائيل تأكيد موقفها هذا فى الإجابات التى قدمتها إلى الأمين العام بأن الاستقصاء الذى قام به كمتابعة لقرار 3263 لسنة 1974، وإذ أصرت على أن الدول المعنية، يجب أن تدخل فى مفاوضات مباشرة فيما بينها (14). وأثناء الدورة الحادية والثلاثين وأثناء مناقشة البنود المتعلقة بنزع السلاح فى اجتماعات اللجنة الأولى، عبرت إسرائيل عن استعدادها للمشاركة فى مفاوضات لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط. وتفسيرا موقفها، أشار المندوب الإسرائيلى إلى أن إسرائيل امتنعت عن التصويت، بسبب الموقف السياسى القائم فى الشرق الأوسط، ولأن نص المودة لم يدع إلى المشاورات المباشرة التى تعتبر الوسيلة الوحيدة لتحقيق الهدف المرجو (15). ج - الدول الأخرى فى المنطقة:
يمكن القول، بوجه عام، بأن الدول الأخرى فى المنطقة، وهى فى مجموعها دول عربية، قد عبرت عن موقف مؤيد من الناحية المبدئية، لفكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، وكان تصويتها فى كل من اللجنة الأولى والجمعية العامة، يتصف على الدوام بالإيجابية تجاه اقتراح إقامة هذه المنطقة.
وقد تجاوزت بعض دول المنطقة موقف التأييد للاقتراح، إلى موقف المشاركة فى تقديم مشروعات القرارات المتعلقة بهذا الموضوع إلى الجمعية العامة ففى الدورة الثلاثين للجمعية العام، قامت كل من البحرين والأردن والكويت، وكذلك تونس، بالمشاركة فى مشروع القرار الذى كانت إيران ومصر أساسا بتقديمه فى 29 نوفمبر 1975 وفى الدورة الحادية والثلاثين، شاركت الكويت مع مصر وإيران فى تقديم مشروع القرار بشأن إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، ثم شاركت فى تقديمه بعد ذلك، كل من البحرين، والأردن، ودولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى موريتانيا والسودان (16) وتعتبر الكويت من دول المنطقة التى عبرت عن وجهة نظر متبلورة تجاه هذه القضية، واعتبرت أن الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية من جانب كل من دول المنطقة، شرطا مسبقا وأساسيا لإنشاء المنطقة المقترحة، وفسرت الموقف الإسرائيلى، بأنه نتيجة لامتلاك إسرائيل لأسلحة نووية، وأكدت أن إنشاء هذه المنطقة، هو أسلوب فعال لمواجهة فظائع الحرب النووية (17)
وعبرت الأردن عن ضرورة أن تتحمل الدول النووية مسئوليات محددة فى الامتناع عن إدخال الأسلحة النووية إلى المنطقة، وأكدت ضرورة انضمام جميع دول المنطقة إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وألا فسيبقى أمر تنفيذ قرار إقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية بعيد المنال (18) ومن الملاحظ أن بعض دول المنطقة، مع تأيدها بصفة عامة لاقتراح إنشاء هذه المنطقة إلا أنها تنظر بنوع من التشاؤم، إلى إمكان تنفيذ هذا الاقتراح بسبب الموقف الإسرائيلى. وربما تعتبر سوريا نموذجا لهذا النوع من الدول حيث طغى موضوع الصراع العربى - الإسرائيلى على حديث مندوبها فى اللجنة الأولى إبان الندوة الحادية والثلاثين للجمعية العامة، فقد أشار إلى أن القضية ليست اتخاذ قرارات وتوصيات لأنه يوجد الكثير منها، وإنما المطلوب هو الإرادة السياسية الطيبة، والنية الصادقة فى تنفيذ هذه القرارات (19)
ويمكن القول بأن موقف الدول العربية عموما، هو التأييد المبدئى، للقرار، خاصة وأن هناك نسبة عالية من الدول العربية المعنية بالقرار، سبق أن انضمت وصدقت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. ويلاحظ أن القاسم المشترك فى موقف هذه الدول، هو اشتراط التزام جميع الأطراف المعنية من جهة وانضمام جميع هذه الأطراف إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية من جهة أخرى، وكان التأكيد منصبا فى الأساس على ضرورة انضمام إسرائيل.
د - الدول الكبرى - الإطار الدولى:
اتخذت الدول الخمس الأعضاء فى النادى النووى (الاتحاد السوفيتى - الولايات المتحدة - بريطانيا - فرنسا -الصين) موقف التأييد لفكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، وجاء تصويتها فى صالح المشروعات الداعية إلى إقامة هذه المنطقة، غير أن هذه الدول- عدا بريطانيا - عبرت عن بعض التحفظات تجاه بعض الفقرات، أو تجاه المنهج المقترح.
موقف الاتحاد السوفيتى:
ينطلق الموقف السوفيتى اعتبار أن إقامة المناطق الخالية من الأسلحة النووية، سيؤدى إلى تدعيم حظر انتشار الأسلحة النووية فى مناطق مختلفة من العالم، وتدعيم أمن الدول فى هذه المناطق وفى نفس الوقت تدعيم الأمن الدولى (20) ورغم هذا الموقف العام فقد أكد الاتحاد السوفيتى إلى أن موقفه من اقتراحات إنشاء هذه المناطق فى أى مكان من العالم سيتحدد فى كل حالة على حدة، على أساس المضمون المعين لهذه الاقتراحات، وعلى أساس الموقف الذى تتبناه الدول الأخرى تجاه الاقتراحات، وخاصة الأطراف المعنية (21) وقد أعلن الاتحاد السوفيتى تأييده لاقتراح إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، مع تحفظه فيما يتعلق بفقرة الديباجة، تشير إلى معاهدة تلاتيلوكو بوصفها إنجازا ملحوظا (22) ذلك أن الاتحاد السوفيتى يحتفظ بموقف خاص تجاه موقف المعاهدة من جراء التفجيرات النووية السلمية وفشلها فى منع مرور الأسلحة النووية عبر إقليم المنطقة ومد نطاق المعاهدة إلى منطقة أعالى البحار، على عكس القواعد العامة اتلى يقرها القانون الدولى. ب - موقف الولايات المتحدة:
تعتبر الولايات المتحدة أن إنشاء المناطق الخالية من الأسلحة النووية، له أهميته كوسيلة لترقية أهداف حظر انتشار الأسلحة النووية ولتدعيم الأمن الدولى والإقليمى. ومن هنا كان تأييدها لاقتراح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الوسط، غير أن الولايات المتحدة عبرت عن تحفظ مؤداه أنها ترتاب فى المنبر المستخدم من الناحية العملية والذى أساسه حث الدول المعنية على الالتزام بتعهدات قبل إجراء مفاوضات فعلية وعقد اتفاق.(23)
ج - موقف بريطانيا:
تعتبر بريطانيا الدولة النووية الوحيدة التى لم يصاحب تأييدها لفكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط تحفظات معينة. ويبدو أن سبب ذلك يكمن فى اقتراح إقامة هذه المنطقة، جاء منسقا مع الموقف البريطانى العام تجاه مسألة المناطق الخالية من الأسلحة النووية بوجه عام، والذى عبر عنه المندوب البريطانى فى تعليقه على الدراسة الشاملة التى قام بها فريق من الخبراء تحت رعاية مؤتمر لجنة نزع السلاح، عندما قال أن بريطانيا ستتعاطف مع أية اقتراحات تتفق مع الخطوط العريضة التى جاءت فى ورقة العمل التى تقدمت بها على النحو التالى (24).
- أن قرار إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية يجب أن يؤخذ بحرية واختيار من دول المنطقة.
- يجب ألا تؤدى المنطقة إلى الانتقاص من أمن أى طرف من الأطراف المشاركة فيها.
- يجب أن تشمل المعاهدة المنشئة للمنطقة على الدول ذات الأهمية العسكرية ويفضل كل دول المنطقة.
- يجب أن تكون هناك ترتيبات للرقابة الدولية طبقا للظروف الخاصة بالمنطقة.
د - موقف فرنسا والصين:
اتخذت كل من فرنسا والصين موقف التأييد العام لفكرة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط ولكنهما عبرتا عن تحفظ تجاه الفقرة التى وردت فى مشروع القرار بصدد الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (25) ومن المعروف أن كل من فرنسا والصين لم تنضم إلى هذه المعاهدة بسب رفض الدوليتين الالتزام بعدم امتلاك أسلحة نووية، فقد أن كانت كل منهما ترجى التجارب الأولى لصناعة هذه الأسلحة وتربط الصين بين إقامة هذه المناطق وبين النضال ضد هيمنة الدولتين العظميين كما يدعم ذلك المندوب الصينى فى اللجنة الأولى، إبان الدورة الحادية والثلاثين للجمعية العامة، فقد ذهب إلى أن العقبة الرئيسية أمام التحقيق الفعلى للمناطق اللا نووية ومناطق السلم، ناجمة عن سياسات الدول العظمى المرتبطة بالعدوان والتوسع والحرب (26)
مشاكل إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية:
رغم أن موضوع إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط قد أثير فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ الدورة التاسعة والعشرين لعام 1975 ورغم صدور عدد من القرارات الدولية للإشادة بهذه الفكرة وتأييد إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة النووية وبأغلبية ساحقة إلا أن التنفيذ الفعلى لهذه القرارات لم يزل يصطدم بمشاكل سياسية ترتبط فى مجملها بظروف الصراع العربى - الإسرائيلى، وما تعكسه من توتر فى المنطقة رغم تصاعد جهود التسوية فى الفترة اللاحقة لحرب أكتوبر 1973. وفى هذا الإطار يمكن الإشارة إلى عدد من المشاكل المترابطة بشكل وثيق بحى أن كلا منهما يقود إلى الآخر وذلك على النحو التالى:
أ - التحفظ الإسرائيلى على اقتراح إقامة المنطقة وينعكس هذا التحفظ فى الإصرار على الامتناع عن التصويت على مشروع القرار الداعى إلى إقامة هذه المنطقة، وذلك فى مواجهة أكثرية ساحقة تبدى موافقتها وكانت إسرائيل هى الدولة الوحيدة التى امتنعت عن التصويت على مشروع القرار المقدم فى الدورة الحادية والثلاثين للجمعية العامة 1976 والذى أقرته الجمعية دون معارضة وبأغلبية 130 صوتا يرتبط الموقف الإسرائيلى باستراتيجية متكاملة تهدف إلى اكتساب الشرعية الإقليمية وإقامة علاقات طبيعية مع دول منطقة الشرق الأوسط، ودلالة ذلك أن إسرائيل وجدت فى هذا الاقتراح فرصة ملائمة لتنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال ربط موافقتها على إقامة المنطقة المقترحة بالمفاوضات المباشرة التى تقود إلى عقد مؤتمر إقليمى لدول المنطقة بدعوى أن المنهج الذى يقوم على تشاور الأمين العام مع دول المنطقة غير عملى، ومعنى ذلك أن إسرائيل تريد الاحتفاظ بالدليل النووى، إلى حين قبول الدول العربية الاعتراف بإسرائيل. ب - مناخ التوتر وعدم الثقة فى المنطقة:
ويأتى هذا الموقف الإسرائيلى تعبيرا عن مناخ التوتر وعدم الثقة السائد فى المنطقة من ناحية وليفاقم من هذا المناخ من ناحية أخرى، وتدعم من ذلك، التأكيدات التى تقدم بصدد امتلاك إسرائيل الأسلحة النووية، أو قدرتها على امتلاكها فى فترة زمنية قصيرة. وقد عبر عدد من مندوبى البلاد العربية فى مناقشات نزع السلاح عن اعتقادهم فى امتلاك إسرائيل للقنبلة الذرية، واعتبروا ذلك تفسيرا للموقف الإسرائيلى الذى يتسم بالمراوغة تجاه قضايا نزع السلاح النووى فى المنطقة وهو ما ينعكس فى نظرة تشاؤمية تخيم على رؤية هذه الدول بدرجات متفاوتة تجاه إمكانات نزع السلاح النووى فى الشرق الوسط.
ج - رفض إسرائيل الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية:
فقد امتنعت إسرائيل منذ البداية عن الانضمام إلى هذه المعاهدة، وذلك فى الوقت الذى تصر جميع الدول العربية على انضمام الأطراف المعنية إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، يعتبر شرطا أساسيا لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، وتبرر إسرائيل موقفها هذا بأنها ليست ضد الانضمام إلى هذه المعاهدة ولكنها تدرس الجوانب القانونية المتعلقة بها، والنواحى الإجرائية لتنفيذها وذلك فى الرد الإسرائيلى على رسالة الأمين العام إلى الأطراف المعنية بإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، وكان تعليق وزير الخارجية المصرى على هذا الرد على أن إسرائيل تعلن منذ أكثر من سبع سنوات عن انشغالها بدراسة وإعادة دراسة الانضمام إلى المعاهدة دون جدوى وأن الموقف يظل بلا معنى ما لم تنضم إسرائيل فعلا إلى المعاهدة، وأن إسرائيل ترفض باستمرار أى تفتيش دولى على مفاعل ديمونة النووى وهى ماضية فى الحصول على أسلحة متطورة ذات إمكانيات نووية. وهكذا يبدو عدم انضمام إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بمثابة أساس لاستمرار عدم الثقة والشك من بل الدول العربية، وبالتالى عقبة هامة تعترض طريق إقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط.
د - خبرات عدم احترام إسرائيل لاتفاقيات الهدنة:
ذلك أن مناخ عدم الثقة السائد فى المنطقة تعززه الخبرات التاريخية لعدم احترام إسرائيل لاتفاقيات الهدنة وبالذات ما قررته هذه الاتفاقيات من إقامة مناطق منزوعة السلاح فى أعقاب حرب 1948، وأبرز نموذج للانتهاك الإسرائيلى لهذه الاتفاقيات هو احتلال إسرائيل فى سبتمبر 1955 لمنطقة العوجة وهى المنطقة المنزوع سلاحها طبقا لاتفاقية الهدنة المصرية - الإسرائيلية، والتى كانت إسرائيل قد تعهدت باحترامها والالتزام بتنفيذ كافة بنودها، فقد أعلنت إسرائيل ضم هذه المنطقة متنكرة لنصوص الاتفاقية التى تعهدت باحترامها.
وخلاصة القول أن هذه المشاكل التى تنبع جوهرها من ظروف الصراع العربى - الإسرائيلى، تحول دون توافر الشروط الضرورية لنجاح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية إذ لا يمكن فى ظلها ضمان التزام دول المنطقة باحترام وضع إخلاء المنطقة من السلاح النووى وخاصة مع نزوع إسرائيل إلى الخيار النووى كما يصعب التوصل إلى تحديد متفق عليه لمتطلبات أمن دول المنطقة ويمكن الإشارة بوجه خاص إلى المشاكل المرتبطة بما يسمى بالأمن الإسرائيلى. وعلى ذلك يبدو أن إمكانيات إقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط ترتبط بإمكانيات التوصل إلى تسوية شاملة للصراع العربى -الإسرائيلى، تتضمن إنهاء حالة الحرب وتخفيف حدة التوتر فى المنطقة وهو ما يعنى توفر مناخ جديد يساعد على تحقيق المقومات الضرورية لتجاوز المشاكل التى تعترض إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية. هوامش:
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
(1) أنظر فى هذا المجال:
Comprehensive study of the question of nuclear-weapon- free zones in all its aspects, special report of the conference of the committee on disarmament (Ga. or, 30th session, s. no 27a) nuclear-weapon-free zones, u.n. Office of public information, 1977, pp. 72-23. U.n. disarmament yearbook Nal. 1:1976, u.n., new York, 1977, pp. 44-46.
- د. عائشة راتب، بعض الجوانب القانونية للنزاع العربى -الإسرائيلى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1969، ص 130-132.
- د. محمود خيرى، المناطق النووية المنزوعة السلاح، مجلة السياسة الدولية، العدد 26، أكتوبر 1971، ص 30-33.
(2) د. محمود خيرى، مرجع سابق، ص33.
(3) ورد ذلك فى رسالة القائم بالأعمال بالنيابة لبعثة إيران لدى الأمم المتحدة إلى الأمين العام فى 15 يوليو 1974.
(4) UNITED NATION, GENERAL ASSEMBLY, TWENTH-NINETH SESSION DISTR. GENERAL, A/9693.IBID.
(5)IBID., P.2.
(6) U.N., GENERAL ASSEMBLY, TWENTH, NINETH SESSION, DISTR GENERAL, A/9693/ADD.1.
(7) U.N., YENERAL ASSEMBLY, TWENTH-NINETH SESSION, DISTR. YENERAL, A/9693/ADD2.
(8) U.N., YENERAL ASSEMBLY, TWENTY-NINETH SESSION, DIST. YENERAL, A/9693/ADD.3.
(9) الأمم المتحدة ونزع السلاح: 1970-1975 الأمم المتحدة، إدارة الشئون السياسية وشئون مجلس الأمن، نيويورك 1976، ص 148.
(10) SEE: COMPREHEMSIVE STUDY OF THE QUESTION OF NUCLEAR-WEAPON-FREE ZONES, OP-CIT., P.31.
(11) الأمم المتحدة نزع السلاح: 1970-1975، مرجع سابق، ص 149.
(12) U.N. DISARMAMSENT YEARBOOK: 1976, U.N., New York, 1977, VOL. 1, P.73.
(13) 1970 - 1975، مرجع سابق، ص 149،150.
(14) U.N. DISARMAMENT YEARBOOK: 1976, OP.CIT., P.71.
(15) IBID., P.72.
(16) IBID., P. 73.
(17) U.N., GENERAL ASSEMBLY, 31 ST SESSION, FIRST COMMITTEE, 9-11-1976, DISTR: GENERAL, AIC. 1/31/PV. 25,PP.56-57.
(18) تقرير الأمين العام - وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط.
(U.N. A/1022,72/9/1975).
(19) U.N., YENERAL ASSEMBLY, 31 ST SESSIAN FIST COMMITTEE, 8/11/1976, DISTR. YENERAL, AIC 1/31/PV. 25, PP.13-14.
(20) COMPREBENSIVE STUDY OF THE QUESTION OF NUCLEAR-FREE ZONES, OP.CIT., P.95.
(21) IBID., P.97.
(22)الأمم المتحدة ونزع السلاح: 1970- 1975، مرجع سابق، ص 150.
(23) الأمم المتحدة ونزع السلاح: 1970-1975، مرجع سابق، ص 151.
(24) COMPREHENSIVE STNDY..., OP. CIT., P.120.
(25) الأمم المتحدة ونزع السلاح: 1970- 1975 مرجع سابق، ص 152.
(26) U.N. GENERAL ASSEMBLY, 31 ST SESSION.
FIRST COMMITTEE, 8/11/1976.
DISTR. GENERAL, A
|