مقالة لكاتبها
شبكة البصرة
[U]زيارة المعلم للعراق المحتل: السقطة السياسية في الوقت الضائع
تشكل زيارة وزير الخارجية السورية للعراق المحتل (وعاصمته المنطقة الخضراء) سقطة سياسية في الوقت الضائع وبكل المقاييس القومية. وزير الخارجية للجمهورية العربية السورية في ضيافة المنطقة الخضراء المحمية من قوات الاحتلال الأمريكي، ومتى؟ ليس عقب الاحتلال وخوف النظام السوري من المرحلة التالية لمشروع الغزو الأمريكي، وليس بعد أي من الاستحقاقات الخائبة في سياق العملية السياسية المأزومة في العراق المحتل!!. الزيارة تأتي وللأسف في مرحلة انهيار الاحتلال، واستنفاذ السلطة العميلة، وتكشف وجهها الشعوبي الطائفي، وطرح شراذمها السياسية لمشاريع تقسيم العراق أو انفصال بعضه.
الكاتب يراهن أن هناك في الأنظمة العربية المتآمرة والمدمجة مع مشروع الاحتلال الأمريكي في العراق، من يضحك مسرورا للسقطة السياسية للنظام السوري في هذا الوقت الضائع، وهذا الذي يضحك مسرورا سيشير للنظام السوري شامتا... بأن خطابه السياسي مرتد وفي فترة قياسية، وانه (أي النظام السوري) إما هو المنحنى بين طرفي "الهلال الشيعي" أو هو النظام الخطابي لاغير. ومع رهان الكاتب كما وصف قبلا، فانه أي الكاتب ينظر للزيارة [U]
على أنها السقطة السياسية في الوقت الضائع أولا، وأنها القفزة السياسية في الفضاء الأمريكي (حيث انعدام الوزن) وبدون ثمن ثانيا.
دعونا كمقاومة عراقية وطنية لا نشمت لتلك السقطة، ونتناولها سياسيا وستراتيجيا في سياق معركة تحرير العراق. وحتى نصل لذلك لابد لنا أولا من التعرض للزيارة وفقا لتوقيتها وأهدف الأطراف منها لنؤكد على حدوث السقطة السياسية المؤسفة:
فالزيارة كانت معلقة منذ أمد، وتعليقها من قبل الجانب السوري كان ورقة ملعوبة بحرص، [U]
تم إحراقها من قبل اللاعب في الوقت الخطأ وللسبب الخطأ. ولعب الورقة الآن يذكرنا "بالتصويت بالقبول اللاحق" للحكومة السورية على احد القرارات الممهدة للحرب على العراق في مجلس الأمن، والذي شكل سابقة دبلوماسية دولية ليس لها مثيل.
والزيارة في حدوثها بهذا الوقت الضائع، تمنح السلطة العميلة للاحتلال في العراق قاعدة لتؤسس عليها وتوظفها في صدقيّة (تجريمها للنظام السوري) بالتدخل بشؤون العراق الداخلية وبخاصة الأمنية منها.
والزيارة بتوقيتها أيضا، تشكل محاولة سياسية أمريكية ناجحة "وبدور بريطاني" لدفع النظام السوري ودبلوماسيته لشرك استباق الاتصال قبل إيران، بما يضمن تفريغ الموقف السوري من مضمونه القومي في مسألة احتلال العراق. فسوريا ستعامل على أساس أنها دولة جوار للعراق، وليست قطرا عربيا شقيقا للعراق.
[U]
والزيارة الآن، بدت تزكية للنظام السوري أمام الولايات المتحدة، من قبل السلطة العميلة المستنفذة في العراق المحتل، وحيث رفض النظام السوري قبلا، وعلى لسان رئيسه، تزكيته أمام الولايات المتحدة من قبل أنظمة عربية حليفة لها مثل الأردن ومصر والسعودية، فكيف به الآن يقبل التزكية ذاتها من قبل سلطة عميلة خائنة آيلة للسقوط، وهذا مدعاة للأسف حيث تتأكد السقطة السياسية.
إذا كان النظام السوري في مواجهته مع الولايات المتحدة وحلفائها اللبنانيين يحاول أن يرد إيجابا على طوني بلير بتأكيد وجود اختلافات بأجندته السياسية الإقليمية (أي النظام السوري) مع إيران، فان رد النظام السوري كان في غير محله، حيث سيبقى النظام السوري ولأسباب موضوعية مربوطا بمسار الدور الإيراني في لبنان، بينما سيجد النظام السوري أن لا دور عربيا له في العراق.
[U]
معركة تحرير العراق مثلما هي معركة وطنية، فإنها في الوقت نفسه معركة الدفاع عن عروبة العراق، وسوريا التي شكلت الصفحة الثانية في الغزو الأمريكي للعراق كما هو معروف للجميع، فإنها سلمت من الغزو بفعل المقاومة العراقية البطلة التي قبرت الصفحة الثانية من الغزو... عندما أفشلت ودمرت المشروع ألاحتلالي الامريكي في العراق، وأعدمت إمكانياته المستقبلية على صعيد الإقليم. والنظام السوري يصبح مدينا للعراق العربي مرة ثانية بعد أن صد جيش العراق قوات الصهاينة عن دمشق وحماها في تشرين أول من العام 1973.
المقاومة العراقية تنظر للسقطة بأسف بالغ، وتنتظر من سوريا العربية شعبا ونظاما موقفا يؤكد على "الممانعة وروح المقاومة" في كل مكان يقاوم فيه الشعب العربي اعدأوه ومحتليه من الجولان إلى فلسطين إلى العراق.
[U]
عندما يقبل النظام السوري دورا له في "أمن العراق" كما يوصي جيمس بيكر، فان ذلك يعني قبول النظام السوري باحتلال الولايات المتحدة للعراق، ويقبل لاحقا الادعاء الامريكي بان المسألة العراقية هي مسألة أمنية وليست مقاومة وطنية لاحتلال أجنبي، وهذا ما يشكل عائقا ذاتيا للنظام السوري لإطلاقه أو دعمه لآية مقاومة وطنية سورية في الجولان المضموم والمحتل. النظام السوري أمامه استحقاق مستوجب تعهد به أمام الجميع بتحرير الجولان، ولا يمكن له أن يساوم بقبول دور امني في العراق المحتل على حساب حق المقاومة العراقية المسلحة المشروع.