المقال عن جريدة الفجر
العدد 98 بتاريخ الإثنين 23/4/2007

مستندات الفضيحة الأخلاقية للإخوان التي تكـذب الشيخ عسكر
عبد الحفيظ سعد

انتفض الإخوان عندما نشرنا الأسبوع الماضي قصة الفتاة ذات الخمسة وعشرين ربيعا التي تزوجت من أحد قيادات الجماعة المتزوج بأخري فانكشف ستار الفضيلة الوهمي وظهرت الجماعة علي حقيقتها الأمر الذي اضطر القيادي أن يطلق زوجته الثانية السرية بعد ضغوط قيادات الجماعة التي ناصرت ووقفت مع الزوجة الأولي ذات الموقع التنظيمي في قسم الأخوات. وهي قريبة احد القيادات المهمة في الجماعة.

بعد حدوث الطلاق للزوجة الثانية اكتشفت أنها حامل فلجأت لمكتب الإرشاد لتأخذ حقها خاصة أن حملها وقع دون أن يدخل بها زوجها. جاء الحمل عن طريق الملاطفة الجريئه بين القيادي وزوجته الثانية دون أن تفقد عذريتها.
وضع مكتب الارشاد الفتاة تحت اختبار الحمل وأشرف علي ذلك الحاج مسعود السبحي السكرتير الخاص للمرشد بنفسه عندما قام بإجراء تحليل طبي للفتاة حتي يتأكد من حملها وذهب معها الي معمل تحليل تابع لمستشفي الزهيري القريب من مكتب الإرشاد والذي يقع في منيل الروضة حيث أثبت التحليل أن الفتاة حامل بالفعل. وبعدها جلست الفتاة مع الشيخ سيد عسكر الذي سمع منها الحكاية التي رواها له الحاج مسعود السبحي.
وطبقا لرواية الفتاة فإن الشيخ سيد عسكر ألمح اليها بأن تجهض نفسها لأن حملها لم يتجاوز الشهر الرابع. ولكن الشيخ سيد عسكر طلع علينا يوم السبت الماضي عقب نشر الموضوع في بيان نشره علي موقع الجماعة الرسمي وموقع نواب إخوان وتم توزيعه في بيانات نواب الاخوان. يكذب البيان مانشرته «الفجر» وينفي تماما أنه أفتي للفتاة بجواز إجهاضها ما دامت لم تكْمل الشهر الرابع، وأكد أن ذلك لم يحدث مطلقًا.
وروي الشيخ سيد عسكر قصة الفتاة من وجهة نظره قائلا إنه ذهب إلي مكتب الإرشاد ذات مرة فعرض عليه الأستاذ مسعود السبحي- سكرتير المرشد العام للإخوان المسلمين- مشكلةَ فتاة لا يعرفها تزوجت من رجل متزوجٍ، وسأله السبحي الرأي فيها، فقال له: "إنني لا أمانع في تعدد الزوجات ما دام الزوج قادرًا علي أن يعدل بينهن"، وعندما قال له السبحي إنها تدَّعي أنها حامل، فقلت له- والكلام لعسكر-لابد أن يتأكد أنها حامل، أو أنها تأخذ الحمل كذريعة للضغط علي الزوج، ويكمل الشيخ: وعرفت بعد ذلك أن الأستاذ مسعود السبحي قد أخذها وذهب بها إلي مستشفي لإجراء تحاليل للتأكد من الحمل فأظهرت التحاليل كذب ما تدعيه.
وأضاف عسكر أنه "قابلت الفتاةَ قدرًا في مكتب الإرشاد، وأنها لم تسأله مطلقًا عن حكم الإجهاض، وأن الحوار كان مجمله عن جواز تعدد الزوجات مع العدل بينهن، وإنني لا أرخص الإجهاض في كل الأحوال وبأي شكل كان، فأنا ضد عملية الإجهاض".
وأكد عسكر أنه عندما طُرحت فكرة التأكد من حمل الفتاة عن طريق التحاليل الطبية أظهرت الفتاة ترددًا كبيرًا وخوفًا من إجراء التحاليل. انتهي رد الشيخ عسكر الذي تبدو علامات السذاجة واضحة عليه لانها تتناقض تماما مع ما تثبته المستندات التي تحت أيدينا وهي نتيجة التحليل الطبي للفتاة والذي يثبت أنها حملت قبل أن تجهض.
والتحليل شهد عليه الحاج مسعود السبحي سكرتير المرشد وتم إجراؤه في يوم 29 مارس الماضي أي بعد وقوع الطلاق بين الفتاة والقيادي الإخواني بسبعة عشر يوما كاملة وهو يعد دليلا كافيا للإخوان لأن يقفوا مع الفتاة. اما السبب الثاني الذي يكذِّب الشيخ سيد عسكر أنه ليس من المنطقي أن تسأله الفتاة حول مشروعية تعدد الزوجات. وهي تعرف أن الأسلام يجيز تعدد الزوجات وتعلم الأمور الشرعية جيدا لدراستها في معهد إعداد الدعاة وتعدد الزوجات شيء بديهي بالنسبة لها.
لذلك الرد الذي ساقه شيخ الإخوان سيد عسكر يعد ذنبا اقبح من عذر. لان الشيخ في رده لم يقع في محظور بأنه أفتي في أمر مثل الإجهاض وهي قضية محل خلاف بين علماء المسلمين هناك من يؤيدها وآخرون يعارضونها. ولكن الشيخ فعل ما هو أشنع من ذلك وارتكب الكذب وادعي ان الفتاة لم تكن حاملا ولكن المستندات تدحض كلامه.
وفور أن نشر الشيخ عسكر رده علي مواقع الجماعة تم سحب الرد مباشرة بعد البث بأقل من 24 ساعة، لان الاخوان شعروا بأنهم انكشفوا في تلك الواقعة وضاعت منهم هيبة الفضيلة الورقة التي يعتمد عليها الإخوان ليس لترويج انفسهم جماهيريا فقط بل ايضا للترويج السياسي للجماعة. لأن النظرية السياسية للأخوان المبني عليها تنظيم الإخوان أن الجماعة تدعي دائما أنها تسعي لبناء فرد يحمل الأخلاق الحميدة. ومن هذا المدخل حدث التحول الجوهري في النظرية السياسية للإخوان المسلمين، وأن تتحول الجماعة من مجرد جماعة دعوية تسعي الي ترشيد المجتمع لتأخذ شكل الجماعة التنظيميه، وجاءت الفكرة أن الأخوان بحاجة الي تنظيم يحمل الدعوة وفي ذات الوقت يثقل اعضاءالتنظيم بالأخلاق كحل مؤقت من اصلاح جزء من المجتمع. ومن هنا تأتي جوهرية الادعاء الأخلاقي بالنسبة للإخوان ولكن الجماعة تلخص الأخلاق داخلها حول مفاهيم العفة والعلاقة بين الرجل والمرأة ولا تهتم بمسائل اخري جوهرية مثل الكذب أو الظلم.
لذلك لم يتورع الشيخ سيد عسكر في أن يكذب ويقذف الفتاة ذات الخمسة وعشرين ربيعا ويقول انها ادعت الحمل علي زوجها ثم يقول مرة ثانية انه لم يعرف تلك الفتاة، رغم انه جلس معها بحضور زوجها القيادي الإخواني والحاج مسعود السبحي وسمع قصتها.ولكن كان منطق الشيخ سيد عسكر في التعامل مع القضية بعد النشر هو محاولة ابعاد نفسه عن القضية ونفي علمه بوقائعها والغريب أن ما أثارة الشيخ سيد عسكر وموقفه من الفتاة يتناقض تماما مع ادائه كبرلماني. فأثناء واقعة الفتاة زوجة القيادي الإخواني تقدم الشيخ بطلب إحاطة عاجل لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان بشأن تغريب الطبيبات دفعة 2005 بالتكليف في محافظات نائية بعيدًا عن إقامة أسرهن،وأشار عسكر في طلب الأحاطة إلي أنه قد وصلته العديد من الشكاوي تؤكد تضرر هؤلاء الطبيبات من هذا الأمر. وبالطبع كان الغرض من طلب احاطه الشيخ عسكر هي دوافع أخلاقية لأنه يجد أن هناك خوفا علي أخلاق الطبيبات من التغريبة. ولكن بذات المنطق لم نجد أن الشيخ الإخواني الجليل لم يسأل نفسه عندما وجد مشكلة الفتاة ذات الخمسة وعشرين ربيعا - وهي في عمر ربما حفيدته- ما هو ذنبها ان تتحمل وحدها ذنب جنين في أحشائها. ونعتقد أن مثل هذا الامر ليس بهين علي الشيخ سيد فهو ليس مجرد عضو برلماني تقليدي للإخوان إنما هو يعد من احد المراجع الفقهية للجماعة من خلال منصبة كوكيل لجبهة علماء الأزهرو رئيس الجمعية التربوية الإسلامية وصاحب ما يزيد علي 15 مؤلفا اكثرها صيتا كتابه «آثار المعاصي والذنوب في هلاك الأفراد والشعوب» والاخر - صيحة الحق-الذي ابتعد الشيخ عسكر حتي عن مجرد تطبيق اسمه في قضية الفتاة. ولكنه بشكل غريب ورط الإخوان دون أن يقصد في أزمة اخلاقية بعد أن وثق كلامه «الفضيحة الأخلاقية للجماعة» التي كان اهتمامها الاساسي هو نفي أن يكون الزوج القيادي الاخواني لمس الفتاة قبل ان يدخل بها علي اساس ان ذلك يعد معصية أخلاقية. ولم يهتم الإخوان كثيرا بأن يرتكبوا الكذب أو حتي الظلم أو تجريح الفتاة لانهم يدركون ان المأخذ الأخلاقي لديهم في بكارة المرأة. وطالما تم الابتعاد عن البكارة فلا توجد مشكلة في الطهارة. ولكن الحظ العسر للشيخ سيد عسكر انه جعل الحاج مسعود السبحي المحور الرئيسي للحكاية وأنه يعرف تفاصيل القصة وهذا يعد توريطا مباشرة للمرشد في تلك الواقعة لأن الحاج مسعود ليس بالرجل الهين داخل التنظيم فهو السكرتير الخاص للمرشد، ليس لمهدي عاكف فقط بل إنه عاصر ثلاثة مرشدين كان بمثابة كاتم اسرارهم. وهو الشاهد علي حمل الفتاة وذهب اليها في معمل مستشفي الزهيري بل إن الطبيب نصحه بأن تتابع الفتاة الحمل لأن هناك خطورة علي الجنين. ولكنه لم يتحرك بدافع إنساني بل ارهق الفتاة لأنه كل ما يهمه هو اسقاط الجنين علي حد تعبير الفتاة حتي لا تمس الجماعة بضرر ولذلك لم يكن مستغربا أن بعد حمل الفتاة ذات الخمسة وعشرين ربيعا من القيادي الإخواني أن سعت الجماعة لبحث أمر العلاقات الخاصة داخل التنظيم بعد أن اكتشفوا أن هناك عدة حالات لزوجات سرية لعدد من القيادات عندما اكتشف الإخوان أن احد قيادييهم له زوجة سرية لم يتم الكشف عنها إلا بعد اعتقال زوجها ضمن حملة الاعتقالات الأخيرة التي وذهبت الزوجة السرية الي اسرته تطلب المساعدة واخرجت لهم قسيمة الزواج. وتفجرت ايضا علاقة زواج عرفي آخر لقيادي ثالث أمره الإخوان بأن يوثق زواجه او ان ينفصل عن الزوجة العرفية. وهذه الامور تبدو طبيعية في اي تجمع بشري ولكن ازمة الإخوان دائما انهم يصدرون انفسهم علي انهم وحدهم مجتمع الاتقياء لذلك يسعون دائما لاخفاء اي امر يحدث داخلهم حتي لو كان الكتمان خطأ. فالسرية هي الحل. لكن هذه السرية لم تكن موجودة أثناء ازمة الرويات الثلاثة التي قلبوا الدنيا في 2001 علي وزارة الثقافة بدعوي ترويج الاباجية وان الشرف شيء لا يغتفر..الان الشرف اصبح يمكن غسيله بمسحوق الغسيل العادي طالما «بال الكلب علي حائط الاخوان»