بسم الله الرحمن الرحيم
المحترم السيرياني تحية وبعد
حقيقة فإن مداخلتك قيمة جداً ولا أحتاج لغيرها لأثبت ما أرمي إليه من هذا البحث ( على الأقل في أحد جوانبه ) لذا فإني أشكرك على هذه المداخلة القيمة والتي سهَّلت الطريق كثيراً لمناقشة هذا البحث وسأتغاضى عن اتهامات الجهل أو الحقد على بولس أو غيره من الأمور التي لا تفيدنا هنا فلا داعي أساساً للرد عليها لأنها لن تفيد
ما تفضلت بكتابته لابرقى الى مستوى البحث ... فلاوجود لما يسمى بالناسخ والمنسوخ في كتابنا ، هذا مصطلح اسلامي قرآني ، اما اذا اردت ان تبحث في كتابنا فعليك استخدام تعابيرنا ومخاطبتنا بمصطلحاتنا ...
قد تختلف المسميات ولكن يبقى المعنى هو أن هناك تشريعات وحدود أو أوامر إلهية كانت في زمان / ظروف ثم تغيرت وتبدلت في زمان / ظرف أخرى بدون الخوض في التفاصيل وهذا ما أعنيه . أما قضية المصطلحات فسنناقشها لاحقاً إن شاء الله .
فلنقل : في الكتاب المقدس ارتقاء وتطور في الاعلان ، فهو الكلام المعلن على مر آلاف السنين وخطاب لكل عصر وزمان فلابد من تغييرات تطرأ على اعلاناته ... والتغيرات الطارئة على اعلانات الكتاب المفدس ( اكانت في ذات الزمن او في ازمنة مختلفة) لايمكن مقارنتها بحال من الاحوال بالناسخ والمنسوخ في القرآن والذي يخدم نزوات الرسول الذي كان يأمر ويتراجع عما امر به بحسب ماطاب ولذ له وتوافق مع افكاره وشهواته ...
تقريباً نفس الفكرة عند المسلمين مع اختلاف ( آلاف السنين ) فالأمر عندك ليس مقتصر على آلاف السنين ولكنه أحياناً يكون في ذات الزمن كما تفضلت وأشرت والأمر في الإسلام هو عمر رسالة النبي وعموماً فالناسخ والمنسوخ في القرآن ليس مجال هذا البحث كما ترى ولكني أشرت إلى أن المبدأ نفسه موجود أما قولك أنه كان بحسب شهوات النبي وما طاب له فلا شك أني أستطيع أن أقول نفس القول عن أنبياء الكتاب المقدس ولكن هذا ليس غرضي فغرضي هو إثبات مبدأ موجود في الكتاب المقدس .
اقتباس:نعم ، هنالك تغييرات في كتابنا لكنها تغيرات ترقى بنا الى الافضل
تقريباً هذه العبارة هي أهم عبارة في مداخلتك الكريمة وإن نظرت في أقوال المسلمين عامة فستجد أنهم يقولون نفس القول أن هناك تغييرات / ناسخ في القرآن ولكنها ترقى بالأمة إلى الأفضل وتهذب النفوس وترتقي بها من طور إلى طور ومن مرحلة إلى مرحلة بعد أن يتخلصوا من العادات الوثنية لا اختلاف أبداً في هذا الموضوع ومهما قلت عن هذه التغييرات قلنا نحن أيضاً عن الناسخ والمنسوخ في القرآن .
بيد أن هناك أنواع أخرى عندك من التغييرات / النسخ لم أراك تطرقت لها بعد ,, ولا وجود لمثيلاتها في الإسلام كأن يكتشف الرب فساد الأمر السابق فيعدل عن رأيه ويبدل الحكم أو الحدود المتروكة بلا سبب ولا ناسخ / مُغير لها .
اقتباس:ارجوا ان تقتبس لنا بعض النصوص من " شريعة آدم وابراهيم " لمقارنتها مع الشريعة الموسوية وتأكيد النسخ المزعوم ...
هنا أمر في غاية الأهمية يجب توضيحه هو اعتقاد حضرتك مع أغلب المسيحيين أنه لا شريعة قبل موسى وأعتقد أن سبب الاختلاف هو فهم معنى كلمة شريعة أو تشريع , هل آدم / نوح / إبراهيم أو أي من الأنبياء عليهم السلام قبل موسى فهموا الحلال والحرام ( بالمفهومية ) ؟؟ لا شك أن الرب أوحى لهم أن هذا حلال وهذا حرام وعرفوا مثلاً أن القتل بلا ذنب حرام وأن السرقة حرام وأن الظلم حرام .... الخ. وكذلك لا بد أن الرب أوحى لهم بالحلال ... أليس كذلك ؟؟؟ أم أنهم كانوا يعيشون في غابة لا حلال فيها ولا حرام ؟؟؟ هذا ما يُعرف بالتشريع الحلال والحرام افعل ولا تفعل .. الخ وهذا ما أتحدث عنه هنا .
كما أنه لا يُشترط أبداً وجود هذا التشريع للأمم السابقة موجوداً / مكتوباً الأمر بالنسبة لليهود لأنهم كان من المفترض أن الأنبياء توالت عليهم والمفروض أنهم كانوا يتعبدون بهذه الشرائع وهذا ما يبرر وجود هذه الشرائع مكتوبة مع ضياع الكثير من الكتب أو مجهولية الكثير منها .
ثم إن الأمر لا يحتاج إلى اقتباس نصوص منها لمقارنتها بنصوص اليهود فيكفيك أنه نُقل إليك في كتابك أن هذا الفعل كان حلالاً/حراماً في تشريعاتهم / عندهم كما يقول كتابك ثم جاء موسى وحرمه ولن يكون حلالهم / حرامهم من تلقاء أنفسهم وإلا فأنت تنفي عنهم صفة الوحي أتمنى أن تتفهم هذه النقاط .
اقتباس:الكتاب المقدس لايتحدث عن شريعة قبل موسى ، وحيث لاشريعة لامقياس للحلال والحرام وبالتالي لاتعدي ...
الكتاب المقدس لم يتحدث عن أشياء كثيرة جداً في تاريخ البشرية فهل هذا معناه عدم وجودها ؟؟؟
هناك العشرات من النصوص في كتابك التي تنص على أن هذا كان حلالاً من قبل ثم أصبح حراماً فيما بعد وإلا كيف كان حلالاً مع وجود محرمات أخرى ؟؟؟
اقتباس:تصور ياستاذ ، الله يخلق ذكر واحد وانثى واحدى ثم يضع لهما شريعة من ضمنها منع زواج الاخ من الاخت !!
حقيقة لم أفهم هذه ومن قال لك أن التشريع يعني التحريم فقط ؟؟؟؟؟ وماذا بعد أن تكاثر البشر حتى نوح أو إبراهيم ؟؟؟
اقتباس:اولا : الناموس لم ينسخ او يلغى بواسطة بولس او غيره، وانما المسيحي تحرر من الخضوع للناموس ...
عبرانين 7 عدد 18: فانه يصير ابطال الوصية السابقة من اجل ضعفها وعدم نفعها. (19) اذ الناموس لم يكمل شيئا.ولكن يصير ادخال رجاء افضل به نقترب الى الله. (SVD)
أما قولك المسيحي تحرر من الخضوع للناموس فهذا جيد جداً وهذا ما أشير إليه أن هناك تغيير سواء اختلفنا للأفضل أم للأسوأ فهذا ليس موضوعنا ,,, من الذي جعلهم تحت الناموس ؟؟؟ الله .... ومن الذي حررهم من الناموس ؟؟؟ الله .. هذا ما أعنيه .
ثانيا : لم يكن بولس اول من نادى بعدم التقيد بالنواميس الموسوية ، فالمسيح هو اول من كسر شوكة الناموس ليعطي الدروس والعبر لتلاميذه ، وقد اقر الرب بشكل واضح في سفر اعمال الرسل ( اص 10 و11 ) لتلميذه بطرس قبل ان يباشر بولس بالكتابة بعدم جدوى التمسك بالناموس الموسوي وامره بتناول ماهو محرم ، والاسباب تعلمها حين تطالع العهد الجديد بنفسك وتكف عن ترديد كلام اعداء بولس ...
مَن الفاعل ؟؟؟ لن يختلف الأمر كثيراً المهم أن هناك فعل .
الخلاصة : هنا ايضا لانرى وجودا لناسخ ومنسوخ ، فالشريعة قائمة ولازال اليهود يسلكون بحسبها حتى يومنا هذا وستبقى قائمة للنهاية ، غير ان المسيحي غير ملزم بالعمل بها كون الرسالة التي جائت اليه هي اعظم واعلى وارقى من الناموس بدرجات ...
هنا نحتاج وقفة فلا أفهم قولك أن الشريعة مازالت قائمة !!!! وهل تعتبر اليهود مؤمنين سينالون الخلاص بإتباعهم الشريعة ؟؟؟ ألم يأتي المسيح ليجعل اليهود مسيحيين ( مجازاً ) فكيف تقول هذا ؟؟؟
وأنت نفسك فيما بعد تشير إلى أن تطبيقهم للشريعة خطأ فكيف تقول أن الشريعة مازلت قائمة على يد اليهود ؟؟
وعموماً فهذا يعني أيضاً أن الشريعة أسقطت عن البعض بأمر إلهي وهذا ما أشير إليه .
المرحلة الثانوية لم تلغي قواعد الابتدائية الثابتة وان ارتقت عنها وعلت فوقها حتى بات الرجوع الى القواعد الاولى امرا غير نافع ...
كلام جيد جداً ,,, ونحن نقول أن البشر صاروا في مرحلة الجامعة ( جامعيين ) وبناء على كلامك فالعودة أو العمل بقواعد الثانوية والابتدائية أمر غير نافع غير أنه في الجامعة لا يمكن الاستغناء عن بعض القواعد . كما هو الحال بالنسبة لك في الثانوية لم تستغني عن بعض قواعد الابتدائية وعموماً فهذا أيضاً يثبت قولك أن هناك تغيير مَن الفاعل ؟؟ متى فعل ؟؟ لماذا فعل ؟؟ هذه أمور قابلة للنقاش ولكن المهم أن هناك فعل تغيير / نسخ لأسباب تختلف وتتفق لكن هناك فعل وهذا ما أشير إليه .
اقتباس: ماهو نفع الكهنوت والذبيحة في ظل العهد الجديد ؟
سأجاريك وأوافقك الرأي وأقول لم يعد لها نفع ولا فائدة منها ( رغم وجود الكهنوت في المسيحية الآن بشكل موسع ) ولكن جدلاً لا فائدة منها !!!
ما الجديد ؟؟؟ قبلاً كان هناك فائدة ثم جاء الأمر بالتخلي عن الكهنوت مَن الذي أعطى الأمر ؟؟؟ الله / المسيح / بولس , لن أختلف معك ولكن جاء الأمر بالتخلي عنها بعد إذ كانت واجبة أبدية !!!!
السبب ؟؟؟ الظروف ؟؟؟ الزمان ؟؟؟ المكان ؟؟
لن يُشكل فرق في مركزية النقطة التي تقول أن هناك تغيير طرأ .
فأنت ستضع سبباً مقنع من وجهة نظرك والمسلم كذلك له أسباب مقنعة من وجهة نظره .
بقى أن هناك حدود متروكة بلا سبب
بقى أن هناك أمور تم تغييرها لأن الرب اكتشف فساد الأمر السابق فعدل عنه .
تقبل تحياتي .
آسف جداً على تأخري في الرد ولكن يعلم الله أن هذا الرد كتبته منذ الصباح الباكر ولكن المنتدى يتعطل عندي كثيراً ولا أدري هل هذا مع الجميع أم معي فقط .
وبعد أن كتبت الرد ونشرته رأيت مشاركة السيد عبد المسيح فأعتقد أنه سيحتاج إلى مراجعة ردي هذا ومن ثَم مراجعة إقتباسه أو إستشهاده بكلام الزميل السرياني
يتبع بإذن الله .