عزيزي لوجيكال:

الصديق الألماني الذي أخبرني بما حدث لـ فولتير لا يهمه إيمان أو إلحاد أحد.. لا تفرق معه، ولا معي حتى. سبب الحديث عما حدث لفولتير هو أني كنت أتحدث معه بشأن مفكر مصر عبد الرحمن بدوي وانتكاسته من رجل مفكر يكتب كتاب عظيم مثل "من تاريخ الإلحاد" إلى رجل يكتب كتب مثل "دفاعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ضد منتقديه". سألت صديقي: ما الذي يحدو بمفكرينا في مصر ليكونوا أسرى عقدة الذنب؟ ما سر هجمة بدوي على المفكرين الغربيين مثل تور أندريه مع أنهم كانوا متسامحين جداً في درساتهم عن الإسلام وأبحاثهم الاستشراقية؟ ما سر غضب بدوي كل هذا الغضب في خريف العمر وأين ذهبت النزاهة الأكاديمية؟ وعليه، حدثني صديقي عن فولتير والفقرة التي نقلتها هنا. ليس هدفي أن أقول بتراجع ملحد عن إلحاده ولا يهمني هذا ولكن لأقول أن العامل النفسي يلعب دور جبار في حياة الكثيرين منا. ما يزعجني إلى الآن أنه في مصر لم أجد مفكر يستقيم على رأيه إلى ما بعد الموت.. الوحيد تقريبا الذي كان ثابت على رأيه ولم يغير فيه هو زكي نجيب محمود. قمت باستعارة كتابه "خرافة الميتافيزيقا" ولم يغير فيه حرف واحد بل حتى رقم الصفحات بقي كما هو منذ كتبه في الأربعينات وكل ما عمله هو أنه قام بتحوير العنوان فقط من "خرافة الميتافيزيقا" إلى "موقف من الميتافيزيقا" وهو من أبدع الروائع الأدبية الفلسفية التي قرأت وعلى فكرة الكتاب موجود على النت في صورة ملف وهو درة لا تقدر بمال في نظري. لم يفعل عبد الرحمن بدوي مثل زكي نجيب محمود ولكن وسوس له شيطان عقدة الذنب وانتصر وصار في النهاية يكتب كتب لا تختلف في نظري عن نوعية "أهل الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله" وهلم جراً. ولا يوجد مفكر ليبرالي يحترم نفسي يكتب بهذا الشكل الغوغائي.