" وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُس "
لو أمعـنا في نظرة سريعة لصحف العهدين لأدركـنا على الفور أن تسمـية " الكتاب المقدس " بهذا الإسم لا يوجد له ما يسانده منطقياً ولا حتى من الصحف المقدسة نفسها ،
بل يمكـن أن نطلق على صحـف مـوسى فـقط " الكـتاب المقدس "
لأن عبارة " كتاب موسى " قد وردت في العهد القديم ، ووردت في القرآن الكريم ،
ولأن يسوع لم يكن لديه صحف خاصة يقرأها للناس ، وإنما كتبت جميعها بعد رحـيله ،
يقول الله سبحانه وتعالى :
" وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُس "87البقرة
وصحف العـهد الجـديد ـ كـما يسمـونها ـ جاءت على فترات طويلة ، لم يكن لديها رسول يؤيدها أو يتنزل عليه الوحي بشأنها ، وإنما عدة شخصيات مختلفة ، وكل له رؤى مستقلة عن الآخـر .

والأناجيل فضلاً عن انها كتبت بعد رحيل المسيح ،
إلا أنها مع ذلك لم تكتب اساساً لتكون كتاباً بل صحفاً متفرقة ، بلا رابـط ،
فلا يوجد في بعضها ما يشير للبعـض الآخــر ..

وكلمة كتاب التي أقمحها المفسرون لم تأت إلا حـديثأً لمضاهاة ما لدى المسلمين من كتاب واحـد مترابط المباني والمعاني ،
وبالبحث عن كلمة " الكتاب " وجدت ما يلي :
( خــر 24:7 ) " واخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب.فقالوا كل ما تكلم به الرب نفـعل ونسمع له"
( تـث 24:1 ) " .. لانه وجد فيها عيب شيء وكتب لها كتاب طلاق ودفعه الى يدها واطلقها من بيته "
( تث 31:24 ) " فعندما كمل موسى كتابة كلمات هذه التوراة في كتاب الى تمامها "
( تث 31:26 ) " خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب الهكم ليكون هناك شاهدا عليكم "
( مـتى 1:1 ) " كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم. "
( لو 20:42 ) " وداود نفسه يقول في كتاب المزامير قال الرب لربي اجلس عن يميني "
( يو 19:37 ) " وايضا يقول كتاب آخر سينظرون الى الذي طعنوه "
( رؤ 22:19 ) " وان كان احد يحذف من اقوال كتاب هذه النبوّة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب "
( مر 12:26 ) " واما من جهة الاموات انهم يقومون أفما قرأتم في كتاب موسى في أمر العلّيقة كيف كلمه الله قائلا انا اله ابراهيم واله اسحق واله يعقوب "

وهـكـذا ،
ونستدل بمنـتهى البسـاطة والوضـوح أن كلمة " كــتاب " كما وردت في الصحـف المقدسة لا تدل على الكـتاب المقدس بعـهديه ، بل تدل على صحيفة واحدة ، أو " وثـيـقـة " يتكلم عنها كل كاتب بمنأى عـن الأخـرى ،
القرآن الكريم فقط هو الذي امتدح الأنبياء ونزههم ونزه كتبهم ورفع من قدرها ، فقد أطلق على ما أنزل على موسى :
الفرقان ، كتاب موسى ، صحف موسى ، إماماً ورحمة ، ..

لـذا يــجــوز فـقـط مجـازاً أو مـن باب المـجامـلـة أن نسـمـيها " الكتــب المـقــدســة " وليس " الكـتاب المقدس "
على اعتبار أنها تضم عهداً جديداً مضافاً إلى كتاب موسى وما يحتويه من صـحـف أو كتب ( على رأي الأعداد التي قـرأناها سابقاً ) بالإضافة إلى كتابات التلاميذ ومن بعدهم ،

ومما يؤيد هذا الرأي من القرآن الكـريم :
{وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }البقرة53
" وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ "87البقرة

مـع تجـاوزنـا عـن المـعنـى الحــرفي لكـلمـة " كـتاب " كما وردت في المخطوطات الأصلية ،
من واقع الترجـمات العربية والانجليزية ( أحياناً ) لعدم معرفتي بتلك اللغات الأصلية ،

ونلاحظ بالنسبة للقرآن الكـريم أن الآيات القرآنية كانت تنزل تباعاً على مدى 13 عاماً فـقـط ،
وفي معظم الآيات نجـد عبارات تدل على وحـدة وتماسك القرآن ككتاب واحـد :
" كتاب أنـــــزل إليك " ( تشير إلى القرآن الكريم بأكـمله ).
" ذلك الكـتاب لا ريب فيه " ( تشير للقــــــــرآن الكـريم )
{وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً }الإسراء106( إشارة إلى ترابطه وتكامله )
......
وهـكــذا في عـشـرات الآيـات القرآنـية .