{myadvertisements[zone_1]}
حديث العنف في العهد القديم- المطران جورج خضر
ابن العرب غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,526
الانضمام: May 2002
مشاركة: #88
حديث العنف في العهد القديم- المطران جورج خضر
عزيزي عبد المسيح،

شكرا جزيلا لمداخلتك الجيدة التي أتيت فيها بأمثلة جميلة يستشهد فيها المسيح من أحداث العهد القديم وذلك ليصقل تعليمه حول ضرورة التوبة وعيش الفضيلة باستمرار وعدم إرجاء الأمر "إلى ما بعد".

هل تذكر القديس بولس في رحلته إلى أثينا محاولاً التبشير باسم يسوع المسيح؟! لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة إليه وهو اليهودي الأصل أن يحدّث أبناء الفلسفة والمنطق وعشق الآلهة. فقد بلغ بهم عشق الآلهة إلى حد إقامة تمثال للآله المجهول خوفاً من أن يكونوا قد نسوا أحدهم -سقط سهواً يعني-.

واستغل بولس هذه النقطة ليباشر الحديث عن الله وعن يسوع المسيحي. فهل كان بولس بما فعله يقر أهل أثينا على وثنيتهم وتعدد الآلهة لديهم، أم أنه استخدم عقليتهم وتقاليدهم "مدخلاً" ليصل إلى قلوبهم وضمائرهم؟!

عزيزي "عبدالمسيح"،

يجب أن نقرأ العهد القديم بحذر بالغ، وذلك لأنه كتاب "مضخم"، ضخمته خبرة اليهود المعاشة فأدخلت عليه زخماً كبيراً ومعاني كثيرة، ليست منه ولم تكن يوماً حدثاً تاريخيا. عندما نقرأ العهد القديم مثلاً، نميل إلى الاعتقاد أن الخروج من مصر تم لجميع أبناء يعقوب وأسباطه الاثني عشر، وأن يشوع استولى على كامل أرض فلسطين وطرد الكنعانيين والفلسطينيين وغيرهم. ولكن الواقع هو غير ذلك تماما. فحن نقرأ فيما بعد عن قيام حلف بين هذا وذاك من أسباط إسرائيل ثم معارك بينهم وبين الكنعانيين الذين كانوا يعيشون في مناطق مختلفة من أرض فلسطين. وهذا بشهادة الكتاب المقدس نفسه. ألم يتم الاستيلاء على القدس في أيام الملك داود، أي بعد حوالي 150 عاما من موت يشوع؟ فهل كذب الكاتب، أم أخطأ، ام أن العقلية التي تكتب لا يهمها التاريخ بقدر ما تهمها "الرسالة".

وهنا نعود إلى السيد المسيح واستشهاده بأحداث العهد القديم.

السيد المسيح يعلم تلاميذه أن الملكوت سيحدث فجأة ولا يمكن لأي شخص أن يتخذ تدابير عاجلة وطارئة في اللحظات الأخيرة.
كيف يبين لسامعيه هذه الحقيقة بأمثلة ملموسة وبسيطة يفهمونها؟

استخدم أمثلة من تاريخهم وتراثهم الديني. فقصة سدوم وعمورة وقصة الطوفان هي أشبه بأساطير الأمة العبرية ، أساطير تعود إلى ما قبل التاريخ، إلى ما قبل تأسيس شعب إسرائيل الذي بدأ له وجود فعلي "تقريبا" مع موسى واستقرارهم في أرض فلسطين.

كل الكتاب هو نافع للتعليم يقول القديس بولس. والمسيح استخدم الكتاب للتعليم والإرشاد، ونحن نقرأ الكتاب لأن فيه المواعيد الإلهية بالمخلص. ومن هذه المواعيد أو الدلائل: أمثولة الحية النحاسية التي رفعها موسى في البرية. والتي نؤمن أنها كانت "النيجاتيف" لصورة المسيح المرفوع على الصليب لخلاص العالم.

الطوفان بشكله الذي يتحدث عنه سفر التكوين لم يحصل قط. ولي مقالة مترجمة حول هذا الأمر. والمسيح لا يعد بطوفان جديد. بل يقول أن الناس سيكونون في ملهى عن الملكوت ، فيجيء المسيح فجأة كحلول الطوفان فجأة.

أما قضية طرح الزؤان (أي الأشرار) في النار. فأنا لا أنكر الجحيم ولكننيمقتنع تماماً أن الأوصاف التي ترد في الأناجيل ليست حقيقية بل تصويرية. وهذا لا يعني بحال من الأحوال أن الجحيم ستكون نعيماً، لأن القديس أغسطينوس محق بقوله: "قلبنا لن يرتاح إلا فيك يا الله". وقضاء الأبدية بمعزل عن الله هو قمة العذاب.

عزيزي، هنالك فرق شاسع جداً بين العهد القديم وبين العهد الجديد، وأعود فأكرر، وجه الشبه الوحيد بين الإثنين يقوم في "وصية المحبة اللامتناهية"، اصفح سبعين مرة سبع مرات. ولا أظن الله يكذب ولا أرى الله يصنع قوانين وشرائع تليق بالبشر بينما يحتفظ لنفسه بقوانين "درجة ممتازة"، من مثال توبوا وإلا فالطوفان او توبوا وإلا فالكبريت والنار.

عزيزي عبد المسيح،

أنا لا أتحدث عن عملية انتقاء، أي أنني أختار ما أشاء وأرفض ما أشاء. إنني أقبل الكتاب المقدس بأكمله بعهديه القديم والجديد. ولكنني أقرأهما بصورة مغايرة بعض الشيء. فقد تعلمت منذ فترة طويلة أن التاريخ لا يعني الكاتب الملهم في شيء. هذا كتاب يروي رسالة سماوية مصقولة بلغة البشر. ولكنه أيضاً تحول إلى كتاب "شعب" من الشعوب، ولذلك يجب أن نقرأه بحذر. فهو كتاب يحوي مجموعة كبيرة من الأسفار. وهذه الأسفار دونها أناس كثيرون. نحن لا نتحدث عن نبي يلقي الله في مسامعه رسالة فيقوم النبي بتدوينها حرفياً. غننا نتحدث عن رسالة يتلقاها النبي فيلقيها شفاهاً، ثم يتداولها الناس، ومن ثم يقوم تلاميذ النبي أو مدرسته بتدوينها. في كثير من الأحيان، تنمو الرسالة وتزدهر في حضن الجماعة، فيتم تدوين خبرة الجماعة المعاشة مع هذه الرسالة. إذن هي رسالة ديناميكية وليست رسالة جامدة أو جافة.

مشكلتنا كمسيحيين، أننا نعتقد أن الله في القديم كان يكلم الناس علانية وبوضوح. فنتساءل بسذاجة الأطفال: لماذا لم يعد الله يكلمنا كما كلم الأنبياء من قبل؟ ولكن الأمر ليس كذلك. الله يوحي، وعلينا أن نكون منفتحين لسماع صوته والعمل بإلهاماته.

استشهاد المسيح بأحداث العهد القديم هو للتعليم فقط، ولكي يضمن أن تعاليمه ستصل بوضوح إلى أذهان سامعيه، لكنه لا يبرهن أبداً على تاريخية تلك الأحداث. تماما كما فعل بولس في معبد أثينا، وهو لا يؤكد بحال موافقته على تعدد آلهة أهل أثينا.

تحياتي القلبية
09-11-2007, 10:33 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
حديث العنف في العهد القديم- المطران جورج خضر - بواسطة ابن العرب - 09-11-2007, 10:33 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  البخاري وكارثة حديث الإفك ... فارس اللواء 3 548 06-20-2014, 02:15 PM
آخر رد: فارس اللواء
  حديث منسوب للنبي بغرض التوظيف السياسي فارس اللواء 0 323 02-11-2014, 09:34 PM
آخر رد: فارس اللواء
  صدق أو لا تصدق : من أنكر حديث رضاع الكبير يخشى عليه من الردة جمال الحر 22 2,870 03-08-2013, 11:47 AM
آخر رد: جمال الحر
  بطش الرب في العهد القديم وتسامحه في العهد الجديد والعهد الأخير عبد التواب اسماعيل 12 2,236 09-25-2012, 10:23 AM
آخر رد: coptic eagle
  حديث صوم يوم عاشوراء في صحيح البخاري فارس اللواء 8 2,502 05-08-2012, 02:44 PM
آخر رد: الحوت الأبيض

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS