عزيزي عبدا المسيح،

المسيح لا يؤمن ولا يحتاج إلى الإيمان. وذلك لأنه يعرف. بولس يقول أن الفضائل ثلاث: الإيمان والرجاء والمحبة، وأعظمهن المحبة لأنها تدوم في الأبدية". المسيح يخاطب اليهود بلغتهم لأنهم لا يفهمون شيئا. طوال قرون وقرون حدثهم وأرسل لهم الأنبياء ولكنهم قساة القلوب غلاظ العقول. لذلك أرسل لهم الله أخيراً ابنه. لأنهم رغم إيمانهم بالله إلا أنهم أثبتوا جهلهم به وبرغبته ومشيئته طوال قرون طويلة.

الأساطير لا تهم في شيء، لأنها في النهاية تخدم للتعليم. المسيح لم يبالي بمعتقدات الكنعانية قبل ان يشفي ابنها ولا همّه بماذا يؤمن قائد المائة قبل أن يشفي ابنه أيضا. "مضى يفعل الخير". همّ المسيح هو أن يفعل الخير، ومن خلال أعماله حمل الناس على رؤية رسالته. وفي النهاية، رغم كل تعاليمه ، إلا أن أفعاله فقط هي التي حملت التلاميذ على الإيمان به وخاصة حدث القيامة - "كنا نعتقد" قال تلميذي عماوس وهما عائدين إلى قريتهما يجران أذيال الخيبة. وإذا بلقائهما الرب القائم يعودان مسرعين إلى القدس لتبشير الرسل.

أما الأدلة حول أرارات، فهي كلها هباء في هراء، لأن العلماء حتى يومنا هذا لم يتمكنوا من إيجاد دليل واحد ملموس حول هذا الشأن والباقي خرافات.

أنا شخصيا أفضل الحديث عن أسس ومقومات المجتمع السليم والصحي والسعيد بدلاً من الحديث عن أسس ومقومات السعادة في الأبدية. فالسعادة يجب أن تبدأ هنا واليوم لتستمر في الحياة الأخرى. ومقومات السعادة والمجتمع السليم والصحي ومبادئه موجودة في الإنجيل.

المحبة والعطاء المتبادل خدمة الآخرين.

أما غير ذلك فليس من الله لأنه لا يبني. فلا الطوفان قضى على بذرة الشر ولا القضاء على الأمم والشعوب حمل السلام الحقيقي للمؤمنين. هذا كله ما هو إلا "قصص الأولين" الهدف منه التعليم والوعظ. فكلنا نقول في لحظة ما: "لو أن الله يقضي على الأشرار لنحيا في سلام". فجاءت أسطورة الطوفان لتعلم البشر أنه حتى لو أن الله قضى على الأشرار ومحاهم من الموجود فإن الشر سيعود لا محالة. وليس من سبيل للقضاء على الشر إلا بنشر التعاليم السماوية الحقة المبنية على المحبة والعطاء المتبادل والبذل في سبيل الآخرين.

تحياتي القلبية