عزيزي نيوترال،

كونك لم تقرأ ما أرشدتك إليه فلا تستطيع الحكم عليه.

باختصار، الشهرستاني قام بمناقشة شبه إبليس حين قام بمحاسبة رب العالمين على ما يريد، وأنت هنا تحاسب الله عز وجل على ما يريد، فأحببت معرفة إن كنت قد قرأت في هذا الباب قبل أن أجيبك بشيء.

على ما يبدو عدم قراءتك واطلاعك، ومن الواضح لدي من حوارات سابقة أنك ترى أن الحسن ما تحسنه أنت والقبيح ما تقبحه أنت، وقد رأيت أن العقوبة الجماعية كما تسميها هي أمر قبيح من الرب أن يصنعه، فأردت أن تحاكمه مع اعتقادك بعدم وجوده.
فإذن أنت تحاكم النص الذي أمامك، وتثبت أنه ذي نزعة وحشية بسبب احتوائه على فكرة العقوبة الجماعية، وأنه لو كان هناك إله فرضا فلا يحسن به العقوبة الجماعية.

عزيزي نيوترال، لو كان هناك إله فله أن يصنع ما يريد وإلا لما كان إلها، وهو الحكيم الذي يضع كل شيء موضعه وإلا لما كان إلها، وعلمك جزء في كل علمه، ولا يستطيع جزء أن يحتوي كله، فتعود إلى نقطة الابتداء هل هذا العليم المطلق موجود حتى نقاش حكمة أفعاله؟ أم أننا سنتخذ تحسينك أنت وتقبيحك أنت للأفعال مقياسا نتخذه، فيغدو الزنا حسنا لأنك تراه حسن، والقتل قبيح لأنك ترى قبحه، والبانجو حسن لأنك تراه حسنا، أم أنه يتخذ كل امرئ أمر نفسه في تحسين وتقبيح، وحينذاك لا يعود من مبرر لخضوع الناس بعضهم لبعض، وكل يقوم بما يراه مناسبا، ولا معنى حين إذ لقانون حيث أنه حكم الغير علي بالقوة، فنصبح بين الفوضى والاستبداد متأرجحين. ومن الاستبداد استبداد الأكثرية.