Arrayكيف حالك اخي الفاضل ؟

كثير مما تقوله صائب ويعجبني ... بس مرات بتزيدها شوي ، ويمكن تكون مواقفك مجرد ردود افعال نتيجة معاشرتك لبعض المسيحيين ...

انت محق في كلامك اعلاه اذا لم يشمل المسيحيين كافة وان خصيت به بعضهم - او حتى غالبيتهم - ، اما القاء التهمة على المسيحيين كافة بالتجرد من المحبة والالتفاف بثوب الرياء فهو امر بعيد عن الانصاف ويزج بهم جملة في خانة البعد عن الله

لان " من لا يحب لم يعرف الله، لأن الله محبة " ...

[/quote]

أخي العزيز السرياني:

كيف حالك؟ لعلك بألف خير.

في الحقيقة يا عزيزي إن المسيحية أحيانا ما تكون شيء والمسيحيون شيء آخر تماماً. الإنسان دائما يسعى ليصنع لنفسه نير تلو نير كي يرزح تحته جالداً ذاته لعله يهدأ باله ويستريح.

لا نقدر أن ننفي المحبة عن المسيحيين قاطبة ولانقدر أن ننفيها عن أتباع الديانة الفنتوشية قاطبة. البشر هم البشر. ولكن ستجد أن التاريخ يقول لك متى كان المسيحيون هم الأغلبية ولهم القوة السياسية ويتجبرون فإنهم يسيئون إساءة بالغة لوصية المحبة والمحبة لم تظهر بشكل ممجد سوى في الصليب وسط آلام المقهورين وصرخة ممن سلبت آراضيهم وأوطانهم.

Arrayلااريد ان اكون ممن " يفرطون في الكلام الروحي ويصدعون رأسك بالكلام عن المحبة " ، لكن كما تعلم فأن المحبة لاتسكن في القلب بمجرد ان يولد الانسان في بيت مسيحي او ان يصبح مسيحيا ، بل المحبة هبة الهية تزرع في القلب وتنموا ، ولهذا يحثنا الكتاب على " النموا في المحبة " و " السلوك في المحبة " و " تحريض بعضنا بعضا على المحبة " ... فأنت ياابراهيم لم تكن في بداية مشوارك مع المسيح كما انت الآن ، بل عمق معرفتك بالمسيح زادك محبة للقريب وابراهيم الامس بات غيره اليوم ...
[/quote]

إلى حد كبير أوافقك، ولكن ماذا عن هذا القبطي العجوز والذي كنت أمشي له بالأميال لأسمع حكمته وأبصر النور في وجهه وعينه الغائرة ويتكلم وكأنه سمعان الشيخ؟ هذا ولد مسيحي في الأساس وتربيته كانت تربية مسيحية تقليدية. حتما من الجميل أن يكون الإيمان شيء اختباري ولكن الأمور ليست كما نسمع أحيانا بأنها cut and dry يعني قياس مسطرة جاف مثلا.

ومعك حق في أن نظرتي تطورت مع مرور الزمن ولكني أدركت إدراك لا تراجع فيه أن فحوى الإيمان لابد أن ينعكس بشكل جليّ في محبة القريب وفي الدينونة العظيمة لن يكون الحساب على العقائديات ولكن على قدر المحبة وستظل صرخة الله مدوية منذ الأزل وإلى الأبد: أنا عطشان. تضامننا مع المضطهدين أياً كانوا هو فعل محبة ولا يضيع أجره. اخدموا بعضكم بعضا بالمحبة هي جوهر المسيحية ولا وزن للعقائديات إن لم تحتل المحبة الصدارة في بذل للذات كافر بالنفس وأهوائها. لذلك يا عزيزي أستغرب أن يأتيني واحد ويريد أن يبشر مسلم بالمسيحية وهو يعلم أن المسيحية عقلانياً غير مقنعة. يعلم هذا علم اليقين ثم يريد أن يسخر من المسلم ومن عقائدياته. لو بحثت في جميع من جاءوا إلى المسيحية من الإسلام لوجدت أن أغلبهم لم ينتصر الإقناع لديه وإنما من انتصر هو الإله المحب في الصليب. قرأت وقرأت يا أخي العزيز وأعلم علم اليقين أننا يمكن أن نجادل من الآن إلى نهاية النهار حتى ينبح صوتنا ولن ننتصر بالجدل. لو كان الكلام عن أرسطو وسقراط لربما انتصر الجدل ولكن الكلام هنا هو عن مبادرة الإله المحب تجاه بني البشر وكيفية توصيل ذلك. توصيل ذلك لا يكون أبداً بالتوهم بأن هناك حجج أو براهين بل بأن نلبس المسيح ومع بولس نقول: مع المسيح صلبت، أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّا. جاذبية المسيحية ليست في أنها مقنعة عقلياً وهي ليست مقنعة عقلياً. جاذبية المسيحية هي في الإله الذي أخلى ذاته ولبس طبيعتنا وعاش بيننا: في التخلية KENOSIS. وكيف لنا أن نتحدث عن المسيح ونحن لم نمارس أي مقدار من التخلية؟ لا يسعني هنا سوى الاحتماء في الأباء النساك السريان وغيرهم وأقول: لست مستحق يا ربي فارحمني أنا الخاطيء.

مودتي الحارة لك.