عزيزي ثاندر ..

كنت قد نصحتك أن تعيد قراءة كلامي بعقلك لا بعاطفتك، ولكن من الواضح انك لم تسمع النصحية ..

حسنا .. دعني اوضح لك ما قفزت فوقه من كلامي:

Array
(فعندما ترى أن من حق أمريكا الإقدام على أي عمل ما وتلتمس لها الأعذار في عملها هذا . لا يصبح من حقك أن تدين هذا العمل ؟؟؟؟ بل وتفقد تلقائيا هذا الحق . فالقولين متعارضين ولا يمكن الجمع بينهما بعبارة أخرى فإن القول بأحدهما يُسقِط الآخر.)[/quote]

يا عزيزي عندما اتحدث عن حق دولة ما في البحث عن مصالحها فانا لا ابرر سياستها كما فهمت خطأً (بمعنى الركون والمباركة والتأييد)، بل لقد قلت بالحرف الواحد (أننا لا ننقم من أمريكا ظلمها وهيمتنها وجبروتها السياسي (الذي هو اقع قائم بالفعل لا يماري فيه أحد) .. وانما ننقم منها قوتها .... وضعفنا !! وعجزنا عن ممارسة ذات الدور !) ..

كلامي حول حق امريكا في البحث عن مصالحها هو في محاولة التلمس الابعاد الحقيقية للعبة السياسة، حتى لا نبي قصورا في الرمال ! .. وقد كانت هذه الفكرة توطئة للبحث عن جواب للسؤال: من الذي صنع قوة امريكا اصلا ! .. اليس نحن ؟ ..

نعم .. من حق امريكا ان تبحث عن مصالحها، كما أن من حق صدام حسين مثلا أن يبحث عن مصالحه في محيطه الاقليمي (ولن يعدم ألف تبرير وتبرير لتوسعه هذا) كما أن من حق سورية أن تبحث عن مصالحها في محيطها الاقليمي .. ومن المؤكد أن المصالح السياسية متعارضة، ومن المؤكد أن مصالح أمركيا البعيدة تتعارض مع مصالحي، فهل تأكيد مصلحية السياسة يعني الرضوخ لأمريكا كما فهمت من كلامي !؟ ..

ترى .. الم تقرأ قولي : ومن مؤكد ايضا أن هذا الواقع سيفرز مقاومة .. وهذه المقاومة حق طبعي لا يماري فيه أحد (ولا افهم كيف فهمت العزيزة ميريم من كلامي على انه ادانة لمن يقاوم امريكا !؟ ) ..

السياسة يا عزيزي ليس لها دين أو اخلاق .. السياسة هي لعبة المصالح، وعندما تتعارض مصالحي مع مصالح امريكا فمن حقي أن اعارض واقاوم، وحتى المقاومة هي في نهاية المطاف لعبة مصالح لا أكثر، ومحكومة بحسابات سياسية (ما اكثر تيارات المعارضة الوطنية التي تدخل في تحالفات مصلحية على حساب منطلقاتها، تارة ما امريكا، وتارة مع خصوم امريكا، وتتقلب بين هذا وذاك للوصول الى ما يخدم قضيتها) .. ولكن .. علينا أن ندرك امرا هاما وهو أن صراع المصالح السياسية (الفعل الامريكي ورد الفعل المقاوم ) سيفزر في نهاية المطاف نماذج مستنسخة عن امريكا وبطشها ومنطقها .. وتبريريها !! تكرر ذات الواقع التوسعي المصلحي وان باشكال ومستويات مختلفة ..

ماذا لو زالت امريكا اليوم ؟ .. ماذا لو ظهرت دولة عربية ذات نفوذ ؟ الن تمارس ذات الدور التوسعي ولو على حساب الآخرين ؟ ..

دلني على دولة واحدة ليست لها اطماع توسعية مصحلية ؟ ..

حتى المقاومة يا عزيزي هي لعبة مصالح لا أكثر (عندما اتحدث عن مصالح فانا لا اعني الفائدة الشخصية الضيقة (دولارات أو نساء !! كما يحلو للبعض أن يهرف !) وانما اعني كل ما يخدم قضيتي ) .. وفي السياسة كل شيء مستباح لتحقيق المصلحة حتى ولو على حساب القيم ، ناهيك عن حقوق الآخرين .. فصدام عندما ابتلع الكويت بمبرارات (الحق التاريخي!! ) أو عندما تحالف مع الاخوان المسلمين السوريين ضد البعث السوري (رغم أنه كان يصف الاخوان المسلمين في العراق بأنهم اخوان الشياطين !! ويبطش وينكل بهم ) وقدم لهم الدعم المالي والعسكري انما كان يبحث عن مصلحته ..

بالمقابل سورية عندما بسطت نفوذها في لبنان، ولعبت بأوراق حزب الله والمنظمات الفلسطينية، وتحالفت مع حركات اخوانية (رغم بطشها هي نفسها بالاخوان السوريين) وباعت القوميين الاهوازيين لايران .. انما كانت تبحث عن مصالها لا غير ..

حتى التحالفات السياسية ( تحالفات ما امريكا ، تحالفات مع ايران) هي مجرد لعب على المصالح السياسية لا غير ..

هل هذا يعني أن السياسة مصيبة ؟ ..

هل يعني هذا أن لبعة المصالح على حساب الآخرين حق عادل ؟ ..

للأسف .. ليت السياسة محكومة بمنطق الاخلاق والفضيلة ! ..

يا عزيزي .. السياسة قذرة ! .. وعلينا ان اردنا ان نبحث عن (مصالحنا = حقوقنا سمها ما شئت) أن نفهم أولا قوانين السياسة .. حتى لا نحرث البحر ! ..

(Arrayلا يا سيدي الكريم ليس من حق أي دولة عن تبحث عن مصالحها بأي ثمن.. فنحن - وأقصد كل الذين يدينون سياسات أمريكا - لدينا منطلقات فكرية أخرى مغايرة تأخذ الجانب الأخلاقي بعين الاعتبار ولا تسقطه في نظرتنا وحكمنا وتقييمنا)[/quote]

جميل .. جميل جدا .. ولكن يا عزيزي ليتك تكف عن التحليق في الهواء لتقف لحظة .. وتنظر تحت قدميك .. وتجيبني : اين هي الدولة التي لا تبحث عن مصالحها باي ثمن .. وتتبنى منطلقات سياسية فكرية تأخذ الجانب الأخلاقي بعين الاعتبار !!؟ ..

اتمنى الا يكون جوابك: انها جمهورية افلاطون ! ..

اعلم أنك ستقول : انه منطق ماكيافلي ! .. ولكن يا عزيزي من قال لك أن السياسة طاهرة ؟ ..

أعلم أن كلامي صادم مر .. ولكن يا عزيزي .. ليت عالم السياسة ورديا كما تحلم ! ..

مع التحية (f)

شهاب الدمشقي.