تحقيقات

44295 ‏السنة 132-العدد 2008 مارس 16 ‏8 من ربيع الأول 1429 هـ الأحد





‏15‏ جنيها للكيلو و‏35‏ للشرائح‏:‏ نار الأسعار تحرق الدواجن‏!‏
الخبراء‏:‏ الارتفاع سببه نقص الإنتاج
وخروج المستثمرين نتيجة الخسائر
شعبة الغرف التجارية‏:‏
التدخل لوقف الارتفاع ضرورة والتربية الريفية بشروط
تحقيق‏:‏ أحمد عصمت

الأمل الباقي للمستهلكين بعد ارتفاع أسعار الأسماك واللحوم‏,‏ وهو الدواجن‏,‏ يكاد يتحول إلي سراب بعد أن حرقته نار الأسعار ليصل سعر الكيلو إلي‏15‏ جنيها‏,‏ والشرائح أو الفيليه إلي أكثر من‏35‏ جنيها‏!‏

وبينما يقف المستهلكون حائرين ومذهولين ماذا يأكلون من البروتين الحيواني‏,‏ مطالبين بكبح جماح الأسعار‏;‏ ترتفع الأصوات للمطالبة بإزالة معوقات إنشاء المجازر وسرعة إنقاذ قطاع الدواجن من الانهيار بعد خروج‏40%‏ من المستثمرين من سوق الإنتاج‏,‏ فيما ينفي المسئولون ببورصة الدواجن المركزية مسئولية التجار عن أي زيادات ليبقي السؤال قائما‏:‏ من يعبث بأسعار الدواجن؟‏!‏

وبرغم الانفلات الواضح في الأسعار فإن ما لا يعلمه الكثيرون هو أن سوق الدواجن تحكمها بورصة تحدد الأسعار هبوطا وارتفاعا وفقا للعرض والطلب علي مستوي جميع المحافظات وأن أسعارها تعلن يوميا ويلتزم بها التجار‏,‏ إلا أن اللواء عبدالغفار يوسف مدير بورصة الدواجن الرئيسية التي تتخذ من مدينة طوخ بالقليوبية مقرا لها يري أن الشكوي من ارتفاع أسعار الدواجن مبالغ‏.‏

وينفي المدير العام التنفيذي للبورصة أن تكون البورصة وراء ارتفاع الأسعار‏,‏ مشيرا إلي أن البورصة أنشئت بقرار من رئيس الوزراء ويرأسها محافظ القليوبية وتضم أعضاء اتحاد المنتجين ونائب وزير التجارة وغيرهم لذا فهذه البورصة عندما تحدد الأسعار لا تحمي سوي المستهلك بالدرجة الأولي‏.‏

ويقول إن سعر التكلفة الحالية من‏9‏ إلي‏9.5‏ جنيه للكيلو من الدواجن الحية‏,‏ وفي معرض تبريره انفلات الأسعار في السوبر ماركت والمحال التجارية بالعاصمة يقول إن دورنا هو تحديد الأسعار بين المنتج والتاجر‏,‏ أما بالنسبة للأسعار فيما بين التاجر والمستهلك فإن هذه مسئولية جهات أخري‏!!‏

وللتأكيد علي ذلك فإن اللواء عبدالغفار يطلق مفاجأة من العيار الثقيل حينما يقول إنه مستعد للتعاقد مع أي جهة في القاهرة لتسليمها الدواجن الفيليه بـ‏26‏ جنيها للكيلو و‏9.5‏ جنيه للدواجن الحية و‏13‏ جنيها للمذبوحة و‏12‏ جنيها للأوراك و‏8.5‏ جنيه للكبد والقوانص بأي كميات بسعر تسليم المزارع‏!!‏

العودة للقرية
الدكتور أحمد جويلي أستاذ الاقتصاد الزراعي والأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية يري أننا يجب أن نعترف بخطورة الوضع بالنسبة لسوق الدواجن نظرا لخروج رؤوس أموال ضخمة من السوق بسبب أزمة الانفلونزا لذا يجب أن نعيد بناء السوق بالرجوع إلي القرية المنتجة لتشجيع هذه الصناعة في القري والمحافظات ولكن الأفراد وحدهم لن يستطيعوا حل المشكلة وإنما يجب مساندتهم من خلال التعاونيات وبذلك نضمن مضاعفة إنتاجهم مرات عدة‏,‏ كما يجب البدء فورا في إحلال المحاصيل المنتجة لأعلاف الدواجن مثل الذرة الصفراء بدلا من الذرة البيضاء في الأراضي القديمة وكذلك التوسع في زراعتها بالأراضي الجديدة‏.‏

ويطرح الدكتور جويلي فكرة الدخول في مشروع استثماري مشترك مع السودان لإنتاج الذرة الصفراء خاصة مع تجاوب الأشقاء السودانيين في هذا المجال‏.‏

أزمة قائمة
هل يعتبر قرار منع دخول الدواجن الحية إلي المدن هو السبب وراء هذا الارتفاع في أسعار الدواجن؟

يرد الدكتور عبدالعزيز السيد رئيس شعبة الثروة الداجنة بالغرفة التجارية بالقاهرة بأن المنع إجراء ضروري للحد من انتشار الفيروس وانتقاله من محافظة إلي أخري وأنه يجب أن نعمل معا لتغيير ثقافة المستهلكين وإقناعهم باستخدام الدواجن المذبوحة الطازجة أو المجمدة ولكن الأزمة نشأت بسبب العجز في الإنتاج الذي وصل إلي‏1.5‏ مليون طائر يوميا بعد أن كان‏2.3‏ مليون أي بعجز قدره‏800‏ ألف طائر يوميا‏!‏

ويشير إلي أن الإجراءات التنفيذية بدأت بالفعل لإقامة مجمعين للمجازر يضم كل منهما‏8‏ مجازر آلية يصل إنتاجهما معا إلي نحو‏500‏ ألف طائر يوميا يمكن مضاعفتها لو تم تشغيلها ورديتين وتستطيع المجازر الحالية غير الآلية وعددها‏57‏ مجزرا أن تفي بباقي الاحتياجات في حالة تطويرها‏.‏

أما بالنسبة لمحلات الدواجن فيقول الدكتور عبدالعزيز إن الشعبة تسعي لتنفيذ بروتوكول مع محافظة القاهرة لتطوير المحلات الحالية ومساعدة أصحابها علي توفيق أوضاعهم للعمل بنظام التبريد بإسهام فعال من الصندوق الاجتماعي وقد تم رصد‏5‏ ملايين جنيه كمرحلة أولي لهذا الغرض‏.‏

ويؤكد رئيس الشعبة أهمية تقليل الاعتماد علي الاستيراد بالنسبة لمستلزمات هذه الصناعة التي وصلت نسبتها إلي‏80‏ و‏85%.‏

وعن المخاوف من إعدام الدواجن الموجودة في حظائر أهل الريف حاليا وأثرها في زيادة الأسعار ينفي رئيس الشعبة وجود حالات إعدام حاليا مادامت تلك الحظائر آمنة وتتبع الأساليب السليمة لأننا لا نستطيع أن نلغي التربية الريفية لأسباب عدة في مقدمتها وجود‏6‏ ملايين أسرة تربي الدواجن بالأرياف ويجب أن نساعدهم بإقامة نظام للتربية يعتمد علي عدم وجود أكثر من نوع للطيور في العشة الواحدة‏,‏ وأن يتم التطهير من خلال معمل معتمد‏.‏

وعلي الرغم من اعترافه بأن ارتفاع الأسعار يرجع إلي ظروف العرض والطلب فإن الدكتور عبدالعزيز يري أنه يجب علينا عدم ترك الأسعار ترتفع دون ضوابط كما يجب التدخل لوقف هذه الزيادة ويطلب أن يكون لبورصة الدواجن دور فعال في حساب سعر التكلفة بشكل سليم وهذا لا يتحقق إلا بإعادة تشكيل البورصة من كل أفراد منظومة صناعة الدواجن كاتحاد المربين والغرف التجارية وحماية المستهلك والأجهزة الحكومية بحيث يكون السعر النهائي متفقا مع التكلفة الفعلية‏,‏ كما يستلزم الأمر وجود شبكة معلومات تربط البورصة بجميع المحافظات بحيث تتضمن هذه الشبكة الإنتاج اليومي بكل محافظة وأماكن الإنتاج وغيرها من أجل تفعيل عمل البورصة بشكل يومي‏.‏

ليس من سلطتنا
وحول الشكوي من عدم تخصيص الأراضي للمجازر يقول المهندس عمرو عسل رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية إن دورنا في التخصيص يقتصر علي المجازر المطلوب إنشاؤها بالمناطق الصناعية المتاحة والشاغرة وقد خصصناها في المنطقة الصناعية بالعاشر من رمضان أما القاعدة بالنسبة لباقي المحافظات فإن قرارات تخصيص الأراضي يختص بها المحافظون والوزارات المعنية وهي ـ في حالة المجازر ـ وزارة الزراعة باعتبارها الوزارة المختصة وبالتالي فالأمر يخرج عن إطار هيئتنا‏.‏ أما بالنسبة للمجازر التي تخصص لها أراض في المناطق الصناعية الجديدة فإننا نطبق مواصفات عامة تتضمن توفير مصدر للمياه الخاصة بالاستخدام الصناعي وتوفير البيئة اللازمة للصرف ومحارق صحية معتمدة من وزارة الصحة لمخلفات الذبح‏.‏

وفي الختام يبرز التساؤل‏:‏ ألا يستلزم الأمر التحرك الفعال للحد من انفلات أسعار الدواجن وبعث الحياة في المجمعات الاستهلاكية مرة أخري لتوفيرها بأسعار رخيصة؟