{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
أزمة في الصورة كما في المضمون
آمون غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 700
الانضمام: Jan 2004
مشاركة: #1
أزمة في الصورة كما في المضمون
العالم ("العالم الحر" تحديداً ) لم يبد أي قدر من التعاطف مع أصحاب الاحتجاجات المصرية الأخيرة ، إن على المستوى الرسمي حيث لم نسمع كلمة تنديد من حكومة غربية بالقمع البوليسي الذي مارسته السلطة المصرية في حق المحتجين ولا حتى ـ وفي حدود متابعتي ـ على المستوى الإعلامي والصحفي الذي عالج الأحداث بلغة باردة محايدة أو شبه محايدة بعيدة جداً عن رطانة وحماس نفس وسائل الإعلام في مناسبات أخرى مثل اعتقال سعد الدين إبراهيم أو أيمن نور أو حتى المدون عبدالكريم ، أو سوء معاملة السلطة المصرية للمثليين جنسياً المصريين مثلا .

وإذا كان لملاحظتي هذه نصيب من الصحة ، وهي قد لا تصح ، فتفسيري لها ـ وقد لا يصح هو الآخر ـ يستند إلى عاملين مرتبطين ببعضهما أشد الارتباط : الصورة التي أخرج بها المشهد الاحتجاجي إلى العالم من ناحية ومضمون الاحتجاج وأهدافه من ناحية أخرى .

من ناحية الصورة ، لم تفلح التقنية الحديثة التي عولت عليها حركة الاحتجاج (الانترنت والهاتف المحمول) في إضفاء شيء من السمت المدني (قرين السياسية) على أحداث وتفاعلات هذه الحركة وـ خصوصاً ـ على صورتها التي تناقلتها وسائل الإعلام في الداخل والخارج .

ذلك أن المسرح الذي تفجرت فيه الذروة الدرامية للاحتجاج كما "الأبطال" الذين أخذوا على عاتقهم ريادة الحدث وتجسيد أهم وأسخن أدواره لم يكن فيه ولا فيهم ما يمكن أن يجذب مخيلة متشبعة بشيء من معاني الحداثة وحساسياتها : شباب رث المظهر والهندام وبعضه حافي القدمين (لزوم المناورة مع قوات الشرطة ربما) يندفعون على غير هدىً في شكل عشوائي ، شعث غبر لا يبز غبارهم سوى غبار الشوارع التي يمرحون فيها والمباني الكالحة التي يتحركون على خلفيتها ، في المقابل ـ وعلى نفس المسرح وفي نفس الصورة ـ كان هناك رجال الشرطة بزيهم الأسود الموحد والنظيف وحركتهم المنضبطة المعقلنة وسياراتهم المصفحة الجديدة والنظيفة ، وبمعنى من المعاني كان ممثلو السلطة أكثر عصرنة وأقرب إلى المزاج الحداثي من "خصومهم" في المشهد ، هم على الأقل يمثلون سلطة عامة قائمة لها مؤسساتها وأهدافها وثقافتها ويمارسون باسمها نوعاً من العنف القمعي المحسوب والمسيطر عليه على عكس "خصمهم" العشوائي المنفلت والغرائزي ، وإذا كان للحجارة التي يقذفها المحتجون في اتجاه رجال السلطة من دلالة فهي تعميق الطابع الما قبل حداثي للأيدي القاذفة .

أما على مستوى المحتوى والأهداف ، فلم يفلح المحتجون في ربط احتجاجهم بأي مطلب إنساني يمتلك من النبل والمصداقية ما يخلب به ألباباً ويكسب عقولاً ، ولا أقول هنا أن مطلب الخبز ليس إنسانياً أو عديم المصداقية ، إطلاقاً ، ولكنه حين يقف عند حدود الخبز ولا يرتفع بالمطلب ولو شيئاً قليلا عن هذا المستوى البيولوجي الخام يكون جديراً بكل الشفقة الممكنة ولكن ليس أكثر من الشفقة ، ناهيك عن عدة اعتبارات تلقي بظلالها على ذاك المطلب فتضعفه وتأتي على جزء من وجاهته : أولاً أن طالبي الخبر ليس جوعى باحثين عن فتات ينقذهم من الهلاك على النحو الذي نراه في مجاعات أفريقيا مثلاً بل هم مستهلكون أتى التضخم المرتفع على جزء من قدرتهم الاستهلاكية ، ببساطة هم مواطنون يواجهون مصاعب معيشية ، وثانياً أن "الغرب" يعلم (ربما بالخطأ) أن حكومة أحمد نظيف تخوض إصلاحاً اقتصاديا ناجحاً لن يخلو من صعوبات وتحديات ، وثالثاً أن هناك أزمة في سوق المحاصيل الزراعية الدولية معروفة للجميع ولها تداعيات في أكثر من مكان من العالم النامي وهذا ما يأخذ الاحتجاج المصري من سياقه المحلي ليدرجه في سياق عالمي أوسع كجزء من معاناة قطاع من البشر ليس بسبب (ولا في مواجهة) حكامهم ولكن بسبب أزمة اقتصادية دولية كانوا هم ضحاياها .

ودون أن ننسى أن للمصريين خبرة سابقة في انتفاضات الخبز (يناير 1977) تعطي معنىً مفاده "أزمة وستمر كما مرت سابقتها" ، وتقريباً لم اقرأ تغطية صحفية إلا ووجدتها تستدعي انتفاضة يناير 1977 ، وفيما تساءل المعلق اللبناني البارز جهاد الزين عن "سر هذه العلاقة بين الشارع المصري وأسعار المواد الغذائية" ذهبت صحيفة "لوس انجلوس تايمز" إلى مدى أبعد إذ رأت في أزمة الغلاء المصرية تهديدا لما قالت عنه أنه "عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم في مصر" بموجبه تكون القسمة على أساس أن تحتكر النخبة الحاكمة (العسكرية أساساً) الحكم دون أن يعكر صفوها معكر لكن بشرط أن توفر الخبز وزيت الطعام وعدة سلع أخرى بأسعار في متناول أيدي الشعب أو غالبيته ، وإذا صح ما ذهبت إليه هذه الصحيفة فنحن أمام قسمة ضيزى كما هو واضح ، قسمة تعبر عن عقد بيولوجي وليس اجتماعياً ولا حضارياً ولا سياسياً ولا يمت لأيٍ من المثل العليا بصلة .


والخلاصة ، إذا كان لي أن أسدي نصيحة لأصحاب الاحتجاجات القادمة أكثر الله منها فهي أن يهتموا بالصورة التي ستنقل عنهم وبالمضمون الذي سيقترن بها في خيال الرأي العام الخارجي ، هذا الذي من المفيد جداً كسب دعمه لمطالب المطالبين .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 04-14-2008, 02:50 AM بواسطة آمون.)
04-14-2008, 02:44 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
أزمة في الصورة كما في المضمون - بواسطة آمون - 04-14-2008, 02:44 AM
أزمة في الصورة كما في المضمون - بواسطة neutral - 04-14-2008, 07:10 AM,
أزمة في الصورة كما في المضمون - بواسطة Serpico - 04-14-2008, 02:46 PM,
أزمة في الصورة كما في المضمون - بواسطة آمون - 04-14-2008, 09:17 PM,
أزمة في الصورة كما في المضمون - بواسطة Serpico - 04-14-2008, 11:46 PM,
أزمة في الصورة كما في المضمون - بواسطة neutral - 04-15-2008, 01:58 AM,
أزمة في الصورة كما في المضمون - بواسطة doa - 04-15-2008, 07:56 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أزمة الحداثة الغربية وإبداع الحداثة الإسلامية مراجعة لكتاب: روح الحداثة فارس اللواء 11 2,015 03-06-2012, 09:07 PM
آخر رد: فارس اللواء
  أزمة العقل الأصولي .. العولقي نموذجا.! بهجت 12 3,799 10-06-2011, 03:56 PM
آخر رد: بهجت
  أزمة عربية في مقابل أزمة غربية فارس اللواء 2 1,333 10-02-2011, 04:54 AM
آخر رد: السلام الروحي
  أزمة مياه النيل مختلقة ولا خوف على حصة مصر coco 5 3,546 09-16-2011, 04:03 PM
آخر رد: coco
  التغيير في سوريا مدخل لحل أزمة المشرق طيف 25 7,495 04-10-2011, 03:00 PM
آخر رد: سامي بيك العلي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS