الزميل المحترم الحادي.
أولا أشكرك على الثقة التي دفعتك إلى توجيه سؤالك إلي ، و سوف أجيبك على هذا السؤال تقديرا لك ، أما من حيث المبدأ فلا أفضل أن نطرح أسئلة من نوعية الأحجية التعريفية هكذا ، و لكني أفضل أن نطرح قضايا بهدف الوصول إلى نتائج .فمناقشة التعاريف يسلمنا إلى مصطلحات جديدة و بالتالي تعريفات جديدة ،و هكذا بلا نهاية أو ما يطلق عليه الإرتداد اللانهائي infinite regress ، أو في النهاية سنصل إلى مصطلح ذاتي التعريف أي لابد من التسليم به بشكل عقائدي dogmatic .
بداية لابد من التدقيق الإصطلاحي و لهذا سأضع المقابل باللغة الإنجليزية حتى نتأكد أننا نعني الشيء نفسه .
القيم values –
القناعة : believes
المبادئ principals
سنلاحظ مبدئيا أننا أمام مصطلاحات و مفاهيم مختلفة ، ثانيا أريد أن أؤكد على حقيقة أن الثقافة دائما جزء من المعنى ، فالمعاني لا تنتقل من ثقافة إلى اخرى ، بل و من الصعوبة أن تنتقل من لغة لأخرى بل أحيانا من إنسان لآخر ،و قد آثرت التعبير عن أفكاري الخاصة مباشرة أي بشكل شخصي و ليس اكاديمي ، فعذرا لو لم تكن لغتي منضبطة تماما .
القيم values : هذا المصطلح كما تعلم يستخدم في مجالي الإقتصاد و الأخلاق على السواء ، و بالطبع لن نتعرض للمعنى الإقتصادي هنا و الذي يعني كل شيء مرغوب و نادر ، و يمكن استبداله دائما بقيمته الحالية أو بما هو أعلى ، و معظمنا سمع بنظرية فائض القيمة لكارل ماركس ، أما في علم الأخلاق ، فالقيم تتكون من الأفكار حول الأشياء شديدة الأهمية في الحياة ، كالحرية و العدالة والأمة و الدين و هكذا ، وهي تميز ثقافة ما عن غيرها ، فلكل ثقافة قيمها المختلفة ، فالثقافة الهيومانية الحداثية تركز على قيم الحرية و العقل و مرجعية الإنسان ، بينما تركز الثقافة الإسلامية الأصولية على القيم الحربية كالجهاد ، هذه القيم تقود باقي عناصر المنظومة الأخلاقية .
القناعة believes : هي كل ما يعتقده الإنسان أو يشيع في ثقافة ما بأنه صوابا و صحيحا ، و يتم التسليم به من الجميع و يكون عادة محصنا ضد الشك ، مثل القناعة بصدقية الحواس في الحضارة العلمية ( التجريبية ) المعاصرة ، أو الإيمان بالمسيح في العقيدة المسيحية أو الله في الإسلام ، فبالرغم من أن كل الأفكار يتم نقدها و مراجعتها ، فمن النادر للغاية أن يثير أحد من المفكرين او الفلاسفة المرموقين صدقية الحواس ، أو مدى الإعتماد عليها كمصدر للمعرفة بشكل جدي ،و غني عن القول أنه لا يوجد مسيحي ممارس لا يعتقد في وجود المسيح ،و لا يوجد مسلم مؤمن لا يسلم بوجود إله يدعى الله .
المبادئ principals : هي القواعد أو الأسس التي تقوم عليها المنظومة الأخلاقية أو السياسية او الإجتماعية ... الخ ، فالحضارة العلمية كانت تقوم على مبدأ بأن الحقائق العلمية هي يقينية حتمية ،و لكنها الآن تقوم على مبدأ أنها تجريبية ترجيحية ، كذلك تقوم الفلسفة الوضعية المنطقية على مبدأ استبعاد كافة المقولات التي لا تقوم على أساس من الخبرات العملية او تلك التي تتناقض منطقيا مع ذاتها ، و في الحالة القياسية فهذه المبادئ يتم التوصل إليها استنباطا من الخبرات العملية ،و تكون دائما في حالة جدلية مع التجارب و الخبرات الجديدة ، فيتم استبدالها أو تنقيحها او تاكيدها .
أما عن إطلاق المبادئ او نسبيتها ، ثباتها او تغيرها ،و كيفية استنباطها .
فتلك قضية أخرى في مداخلة تالية .
فقط أحب أن أسمع منك إن كنت تقصد بالمصطلحات التي اوردتها معاني أخرى .