{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1) سورة الإسراء
اتفقت التقاسير على أن المسجد الأقصى: هو بيت المقدس ولم يكن حينئذٍ وراءه مسجد، وسمي بذلك لأنه كان أبعد مسجد عن المسجد الحرام بمكة.

ترد عبارة "المسجد الأقصى" في الإسلام بمعنيين:

1- أو يأتي "المسجد الأقصى" بمعنى: مسجد يصلي فيه الناس كأي مسجد. ونرى هذا المعنى في (أحسن التقاسيم. ج1. ص156) حيث يقول أن المسجد الأقصى على قرنة البلد الشرقي نحو القبلة أساسه من عمل داود. ويحكي عنه ابن كثير في (البداية والنهاية. ج1. ص162) وعمن أسسه ويقول أنه مسجد ايليا بيت المقدس الذي شرفه الله. وفي (مقدمة ابن خلدون. ج1. ص354، 355) يشير إلى المسجد الأقصى بنفس المعنى ويحكي تاريخه حتى جاء طيطش من ملوك الروم وغلب بني إسرائيل وملك أمرهم وخرب بيت المقدس ومسجدها وأمر أن يزرع مكانه. ثم يقول أنه بعد الروم جاء الإسلام وحضر عمر لفتح بيت المقدس وسأل عن الصخرة فأرى مكانها فكشف عنها وبنى عليها مسجدا، ثم احتفل الوليد بن عبد الملك في تشييد مسجده.

2- بيت المقدس ونواحيه (تفسير البغوي) للآية:

{إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا} (7) سورة الإسراء
واستخدام "المسجد" (أي المسجد الأقصى) ليشير به إلى بيت المقدس عمومًا يحمل من الإعجاز التاريخي ما يحمل. فقد اختلف المفسرون حول شخصية الداخلين المسجد أي الذين سيهزمون اليهود ويدخلون بيت المقدس. وهنا استخدم الحق تبارك وتعالى كلمة "المسجد" ليدل على أن المنتصرين هم المسلمون الين سيكون هدفهم هو تطهير المسجد الأقصى من رجسهم.
وقد ورد في القرآن الكريم آية أخرى تشير إلى بيت المقدس بنفس الأسلوب:
{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } (50) سورة المؤمنون
رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ: هي بيت المقدس. (معجم البلدان. ج5. ص166)

وسار المؤرخون المسلمون على نفس النهج ونفس الفهم. ففي (تاريخ الطبري. ج1. ص326) نراه يحكي لنا عن فساد بني إسرائيل وقتلهم الأنبياء، فسلط الله عليهم بختنصر الذي قام بتخريب المسجد الأقصى (أي بيت المقدس) والمدائن من حوله وسباهم إلى بابل.
وفي (مقدمة ابن خلدون. ج1. ص354، 355) نراه يستخدم "المسجد الأقصى" ليقصد به "بيت المقدس" فيقول أن أول أمر بيت المقدس وهو المسجد الأقصى كان أيام الصابئة. ثم يتحدث عن خراب المسجد الأقصى (أي مدينة القدس) على يد بختنصر.

وبعد الإسراء والمعراج والهزة التي وقعت في قلوب ضعاف الإيمان، قعد الرسول (ص) معتزلا حزينا فمر به أبو جهل فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزىء: هل من شيء؟ فقال رسول الله: نعم. قال: وما هو؟ قال إني أسري بي الليلة. قال: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس. (الكامل. ج3. ص31)
من هنا نفهم أن "المسجد الأقصى" يقصد به "بيت المقدس".
وما يؤكد هذا الفهم هو ما ورد في (مجمع الزوائد. ج1. ص65) عندما سأل الكفارُ سيدنا محمد أن يصف لهم المسجد وفي القوم من قد سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذهبت أنعت فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت، قال: فجيء بالمسجد وأنا أنظر حتى وضع دون دار عقيل فنعته وأنا أنظر إليه. يقول الراوي: فقال القوم أما النعت فوالله لقد أصاب.
"المسجد الأقصى" هنا هو "بيت المقدس" أي المدينة ذاتها، لأن المسجد الأقصى لم يكن ظاهر البنيان حينئذٍ.
ونؤكد هذا المعنى بما جاء في (السنن الكبرى. ج6. ص377):
"عن عقيل عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه."
انظر! "فجلى الله لي بيت المقدس."
إن "المسجد الأقصى" يقصد به "بيت المقدس" أي مدينة القدس.

وكثيرًا ما أطلق العهد القديم أسماء الأماكن من خلال حدث إلهي وقع كما جاء ذلك كثيرًا في سفر التكوين. كذلك تم إطلاق الاسم "المسجد الأقصى" على "بيت المقدس" تيمنًا وتبركًا، كما ان المسجد الأقصى (الهيكل أو معبد سليمان) هو الأساس في المدينة والتي وصفت بالمقدسة وبأنها مدينة السلام لوجوده فيها وهو السبب في نشوء المدينة من حوله.

أخيرًا علينا أن نعلم أن الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بـ 18 شهرًا (المنتظم. ج3. ص26)

أما الذين يحتجون على استخدام كلمة "مسجد" بدل من "الهيكل" (اليهودي) أو "الكنيسة" (المسيحية) مقارنين ذلك بـ"جبريل" و "ميكائيل أو ميكال"، فقد أخطأوا. لماذا؟
لأن أسماء الأعلام لا تترجم ولا تتغير من لغة إلى أخرى. فأنت اسمك "عادل" ويكتب في اللغة الإنجليزية Adel ولا يترجم إلى just وإنما سيطرأ عليه تغيير في النطق فقط تبعًا للسان القوم، سينطقونه "آدل". كذلك الاسم "جبريل" فهو اسم علم يظل كما هو ويحور نطقه ليتماشى مع اللغة المنقول إليها. وقد يحتج البعض أن القرآن يذكر الاسم "جبريل" ولا يقول "جبرائيل". نقول له تعالَ ننظر في أحد القواميس العالمية:
[CENTER]
G1043
Γαβριήλ
Gabrie¯l
Thayer Definition:
Gabriel = “man of God”
1) one of the angel princes or chiefs of the angels
Part of Speech: noun proper masculine
A Related Word by Thayer’s/Strong’s Number: of Hebrew origin H1403
(Thayer's Greek Definitions[/CENTER])

وقاموس آخر:
[CENTER]
G1043
Γαβριήλ
Gabrie¯l
gab-ree-ale'
Of Hebrew origin [H1403]; Gabriel, an archangel: - Gabriel.
(Strong's Hebrew and Greek Definitions)[/CENTER]انظر إلى النطق في اللغة الإنجليزية: Gabriel. إنه "جبريل" وليس Gabrael "جبرائيل" لأن طريقة النطق في اللغة المنقول إليها الاسم تقتضي ذلك.