"ما هو موجود ، فهو معقول ، و ما هو معقول ، فهو موجود " عبارة شهيرة للفيلسوف هيجل .

ان كل ما نتعرف عليه باحساساتنا ، هو شيء موجود . ولو لم يكن موجودا ، لما التقطت احساساتنا وجوده .و قد تخطىء الاحساسات احيانا بسبب التعب الشديد ، او المرض ، او لوجود خلل وظيفي معين لدى البعض ، مما يؤدي الى حدوث تفسيرات خاطئة لبعض الامور .

علم الرياضيات ، هو علم عقلي ، تحليلي ، استنتاجي ، يتعامل مع كائنات ، قد يبدو للسيد مايندماسلز ، انها غير ذات وجود موضوعي ، أي لا وجود موضوع لها ! لكن هذا غير حقيقي . فما الدائرة الا انعكاس اولي للخاتم ، او للقمر عندما يكون بدرا مستديرا ، او للشمس الخ . و ما المربع ، او المستدير الا انعكاس و تجريد لقطعة ارض !

الانسان ، مذ بدا يتمايز فكريا عن اجداده ، من المرحلة الحيوانية ما قبل الطفرة الانسانية ، لم يكن ينظر للواقع فقط من باب ظواهره المادية . فقد كان يشغل عقله ، دوما في وضع تفسيرات مقنعة لما يجري من حوله من ظواهر ، و عندما اذهلته البراكين ، ولم يجد لها من تفسير علمي ، بل كان تفسيره لها ، انها تحدث بفعل قوى روحية معينة ، فقدس تلك القوى ، وحاول التقرب منها ، بالاضاحي و الوعود بالطاعة و الاحترام لها .

اذا ، لم يفصل الانسان يوما بين ظواهر مادية ، و ظواهر مثالية . و لهذا أرى بان الظواهر المادية ، لم تسبق الظواهر المثالية ، كما يطرح لنا الكاتب اعلاه .

يحاول الكاتب ، ان يعكس لنا تصوره الماركسي ، لفكرة ان المادة هي التي خلقت الوعي . و بما انه يقوم باسقاط ميكانيكي للفكرة ، فقد تجاهل مسالة هامة جدا ، الا وهي ، الفرق بين الشجرة من ناحية ، و الغابة من ناحية اخرى .

فالغابة ، هي ليست مجرد مجموعة اشجار تقف متقاربة . الغابة هي حياة متكاملة ، تعج داخلها ، بيئة جديدة ، تحوي مكونات حيوية ، تسمح بحياة آلاف الانواع من الكائنات . تلك الالاف من الانواع ، و التي قد تقارب الملايين عدديا ، لا يمكنها الحياة بين بضع شجيرات متقاربة . فالغابة تؤمن الكثافة ، و الاعتام ، والرطوبة العامة في الجو ، و الملاذ الآمن ، و امكنة التكاثر و التفريخ ، و تطور الكائنات بعيدا عن الخطر الواضح للعيان . اذا فالغابة ليست مجرد مجموعة اشجار . و نقول ايضا ان الوعي ليس مجرد تجلي للمادة ، فلو وضعت ملايين الاطنان من الصخور قرب بعضها لمليارات السنين ، فما اوجدت " وعيا " فيما بينها !
اذا فالوعي ، هو مسألة ، اعقد بكثير مما يطرح بعض الماركسيين ، الذين ما زالوا يكررون مقولات كلاسيكية عن ماركس ، و انجلز ، و لينين ، بطريقة اوتوماتيكية . فالمادة التي بنى عليها ماركس مقولاته تختلف عن المادة التي نفهمها اليوم . فمادة ماركس تشبه الشجرة التي ذكرناها في مثالنا الاولي ، بينما المادة كما نفهمها اليوم ، تشبه الغابة التي نسجت من حولها حياة لآلاف الكائنات !

هناك تتمة .....................

:Asmurf:

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	كانط ومشروع المثالية الترانسندنتالية	لايبنتز	1	2,832	03-07-2008, 08:00 PM آخر رد: لايبنتز
	ما هى المادية الجدلية	حسام يوسف	14	3,542	11-10-2007, 08:32 AM آخر رد: طنطاوي
	المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة	عمر أبو رصاع	36	12,759	06-28-2007, 11:44 AM آخر رد: عمر أبو رصاع