أعتقد أن الكاتب يبحث كمستندات تاريخية عن صحة القرآن ،لكن إحدى المداخلات ابتعدت كثيراً عن روح الموضوع بالاستفسار عن مدى صحة وجود شخصية تاريخية اسمها الرسول محمد أو حتى وجود القرآن من أصله .
إن البحث عن هذا الموضوع يتم بتقاطع أحداث هذا الكتاب مع الكتب و الحضارات الأخرى ،وهذا الأمر متوفر بكثرة .وأنا شخصياً لا أشك البته في صحة أي حدث تاريخي وارد في القرآن خلال حقبة الإسلام ،اما أحداثه التوراتية فتدخل في ذمة التوراة .
وبالمقارنة بين القرآن و التوراة نلاحظ اختلاف في سرد ووصف بعض الحوادث ،وهذا ناتج عن وجهة نظر السارد أو طريقة وصول الحدث لأسماعه و كذلك الغاية السياسية في ذاك الوقت من وصف الحدث .
أما عن الأحداث الإسلامية فهي سرد لما حصل مع من سرد الكتاب و من تلقى هذه الكلمات لا يبتعد زمنياً عن هذه الأحداث و بالتالي لا يمكن تأليف حدث غير موجود ،ولكن قد يتم تحويره بشكل من الأشكال .
بكل الأحوال كون الكتاب لم يجمع و يوّثق من قبل الرسول فهذا يضع الكتاب في ذمة من جمعه و الطريقة الوحيدة للتأكد هي مقاطعته مع الكتب و الحضارات الأخرى . وأعتقد أن هذه من ناحية الحدث التاريخي لا غبار عليها . وكذلك يمكن فهم بعض عناصر الكتاب من خلال قراءة الحدث التاريخي زمن نزول هذا السورة أو هذه الآية .
أما من النواحي التشريعية و النواحي الأخرى فلا يمكن لغير المؤمن بأن هذا الكتاب هو كلام الله و الله حافظ له أن يقتنع بما ورد به .
بكل الأحوال المنطق يقول أن نقل الأحداث بالتواتر يغير من هذه الأحداث فحتى لو استبعدنا بعض الغايات من تحوير النص و تجييره لهدف ما ،أو اختلاق آية معينة ضمن النص تحول معنى النص بجملته لغاية سياسية ربما ،أو محاولة البعض سرد هذا النص حسب أهواء خاصة يمكن لهذا النص أن يتغير بحسن النيه ،إما باختلاف طريقة و أسلوب السرد الذي غالباً ما يغير من الحدث عندما ينتقل عبر سلسلة ناقلين للحدث باختلاف منابتهم و ثقافاتهم ،أو تأثر ناقل الحدث بخلفيته الثقافية و انتمائه العقائدي القديم فيفهم القصة حسب خلفيته و يسردها كذلك بطريقته .
إن هذا التحليل يجعلنا نفكر في تفاصيل الكتاب ،لكنها لا تعني بحتمية كون الكتاب محرفاً .