مرور ساركوزي مرتين من مصر، قبل جولته وبعدها، قبل الوصول إلى وقف لإطلاق النار لبضع ساعات في النوم، يعود ليضع مصر في وسط ما يحصل في غزة.
مرة أخرى، التخوين لا جدوى منه، ولا شك في وطنية أقل من يبدو وطنياً على الساحة العربية. ولكن مصر لها وزنها، وخصوصاً أن كل ما يحصل يجري على حدودها، وفي مدينة كاد التاريخ عدة مرات أن يضمها إلى مصر أكثر منه إلى فلسطين.

مصر، التي حافظت على حبل وثيق مع إسرائيل، رغم كل ما جرى عام 2006 في لبنان، وجرى خلال العامين الماضيين من حصار على غزة، ثم الضرب الدامي لها في الأسبوعين الماضيين، تعلم جيداً أنها تقع في وسط المحاورين، وتستطيع أن تكون عقدة الواسطة في حوار جميع الأطراف.

إسرائيل، والإعلام الأمريكي والإسرائيلي، استغلوا جيداً موقف مصر والسعودية من هذه الحرب، ليتحججوا بأن بعض الدول العربية تؤيد ضرب غزة. وطبعاً هذا ليس إلا ذراً للرماد في العيون. ولكن لا يبرر حتى الآن الصمت المصري وعدم التحرك الجدي لوقف إطلاق نار مستمر، خارجاً عن سلطة أمريكا ومقترحاتها المقيدة للطرف الفلسطيني. وهذا التردد في الموقف لا يتملك مصر فقط بل جميع الدول العربية العاجزة نفسياً أكثر منه سياسياً عن اتخاذ موقف جاد ومؤثر.

يبقى أن سياسة مصر في الوقت الحالي حرجة جداً، ويجب ألا تمضي في طريق لا عودة منه، وهو الطريق الذي سيفصلها نهائياً عن الاتصال بخط الطرف الآخر الذي يضم حماس ومن ورائها بضعة دول عربية، إيران، والتأييد الشعبي العربي. وألا تفرط بالاتصال بطرف في سبيل الاتصال بأخر.

ويبقى الوقت عدو الجميع، فهو قد يقلب كل الموازين، ويغير الكثير في قواعد اللعبة غير الثابتة.

(f)