فتنة التكفير ومخاطرها
رأي القدس
13/05/2009




لم يكن الشيخ عادل الكلباني امام الحرم المكي الشريف موفقاً عندما اتهم علماء الطائفة الشيعية في المملكة العربية السعودية بالكفر، لأن مثل هذه التصريحات من الممكن ان تثير الكثير من الفتن بين أبناء العقيدة الواحدة، خاصة في مثل هذا التوقيت الذي تسعى فيه دول غربية الى شق الصف الاسلامي على أسس مذهبية، بما يخدم مشاريعها في الهيمنة.
ربما تكون قلة الخبرة في مواجهة وسائل الاعلام ساهمت في وقوع الشيخ الكلباني في مثل هذه المصيدة، فرجل في مكانته ما كان عليه ان يتطرق الى امور اقرب الى السياسة منها الى تخصصه في العلوم الشرعية الاسلامية، خاصة انه أوقع العاهل السعودي الذي عينه في هذا الموقع الحساس في حرج كبير، وهو الذي اطلق حوار الأديان، وحرص على تمثيل معظم المذاهب الاسلامية في هيئة كبار العلماء للمرة الأولى منذ انشائها، حيث اقتصرت عضويتها على علماء المذهب الحنبلي الوهابي فقط. مضافاً الى ذلك انه، اي العاهل السعودي، استقبل علماء الشيعة السعوديين وأصر على اشراكهم في الحوار مع مذاهب اخرى.
الشيخ الكلباني حظي بضجة اعلامية كبرى، خاصة داخل المملكة، عندما صدر قرار بتعيينه في هذا المنصب الهام والحساس، بحكم جذوره الافريقية ولون بشرته، حتى ان البعض في الاعلام السعودي قارن بين تعيينه وفوز باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية الامريكية الاخيرة، بحكم التشابه في اللون والجذور، ولكن غاب عن هؤلاء امر اساسي يجعل المقارنة في غير محلها، وهو ان اوباما انتخب من قبل الشعب الامريكي لهذا المنصب وفي انتخابات حرة نزيهة، بينما تولى الشيخ الكلباني منصبه هذا بمرسوم ملكي.
ائمة المسجد الحرام بشر يصيبون ويخطئون، وهذا امر طبيعي، ولكن ما هو غير الطبيعي خوضهم في امور يمكن ان تؤدي الى عواقب وخيمة. فالقول بتكفير ائمة الشيعة شيء والقول بتكفير من يتطاولون على صحابة الرسول الكريم وبعض نسائه شيء آخر مختلف تماماً.
نحن كمسلمين وعرب بحاجة ماسة الى من يقرب بين المذاهب الاسلامية واتباعها، ويعمل على ازالة الخلافات من خلال توسيع قنوات الحوار، وطرح جميع وجهات النظر في نقاشات علمية هادئة، تؤدي في نهاية المطاف الى ارضية مشتركة يلتقي حولها الجميع، وتصب في مصلحة الوحدة الاسلامية.
وانتقادنا لتصريحات الشيخ الكلباني لا يعني عدم وجود شيوخ في الطرف المذهبي الشيعي الآخر يتبعون وسائل تكفير مشابهة لبعض علماء السنة، ويغالون في سب الصحابة، وهؤلاء يبذرون بذور الفتنة، ويصبون الزيت على نار الخلافات المذهبية من اجل تأجيجها.
الأمة الاسلامية مستهدفة، بل هي اكثر الامم استهدافاً في الوقت الراهن، وتكفي الاشارة الى انها تعيش حالياً عدة حروب، ابرزها في العراق وافغانستان، وثالثة مستمرة في فلسطين المحتلة، حيث اولى القبلتين وثالث الحرمين وقبة الصخرة تحت احتلال غاصب متغطرس متكبر. وهذا الاستهداف يحتم التضامن والتكاتف والبعد عن كل ما يثير الانقسامات والفتن بين ابناء العقيدة الواحدة.